ترجمة وتحرير: نون بوست
كتب كل من: بول سوني وكارين دي يونغ، مراسل يعنى بالأمن القومي لدى صحيفة واشنطن بوست
وكارين دي يونغ، مراسلة لدى صحيفة واشنطن بوست
في مكالمة هاتفية مع الملك سلمان بن عبد العزيز في كانون الأول/ ديسمبر، كان لدى الرئيس ترامب فكرة اعتقد أنها قد تُعجّل بخروج الولايات المتحدة من سوريا، وتمثلت في طلب أربعة مليار دولار من الملك السعودي. ومع نهاية المكالمة، ظن الرئيس أنه قد عقد صفقة هامة، وذلك وفقا لتصريحات المسئولين الأمريكيين.
في الواقع، يريد البيت الأبيض الحصول على الأموال من المملكة العربية السعودية وغيرها من الدول، وذلك للمساهمة في إعادة إعمار المناطق السورية التي حرّرها الجيش الأمريكي وحلفائه المحليون من تنظيم الدولة، وفرض الاستقرار فيها. وتتجه البوصلة الأمريكية بعد الحرب نحو منع الرئيس السوري، بشار الأسد، وشركائه الروس والإيرانيين من إعلان سيطرتهم المزعومة على تلك المناطق، أو منع إعادة تشكل تنظيم الدولة، في الوقت الذي تنهي فيه القوات الأمريكية تطهير البلاد من المسلحين.
تعتبر السعودية، التي من المتوقع أن يصل ولي عهدها إلى واشنطن يوم الاثنين المقبل لعقد اجتماعات موسعة مع الإدارة الأمريكية، جزءا من التحالف المناهض لتنظيم الدولة، ولكنها تراجعت إلى حد كبير عن كونها طرفا في القتال المحتدم في سوريا في السنوات الأخيرة. من جانبهم، يتسائل السعوديين عن حجم هذا المبلغ الكبير، في الوقت الذي كان فيه المسئولون الأمريكيون يُعدّون في مرحلة ما عقودا تبلغ قيمتها الإجمالية أربعة مليارات دولار.
ما بالنسبة لترامب، الذي لطالما عارض التوزيع غير المتكافئ للأعباء المالية بين الحلفاء تحت قيادة الولايات المتحدة، يمثل الدفع بأطراف أخرى لسداد فاتورة جهود باهظة الثمن بعد الحرب أمرا مهما. ومن شأن مساهمة السعودية بقيمة أربعة مليار دولار أن تساعد في قطع شوط طويل لتحقيق أهداف الولايات المتحدة في سوريا، التي يصرح السعوديون بأنها تعنيهم أيضا، خاصة تلك التي تحد من سلطة الأسد وتقلص النفوذ الإيراني. ولتوضيح الأمور، أعلنت الولايات المتحدة خلال الشهر الماضي عن تبرعها بقيمة 200 مليون دولار لدعم جهود تحقيق الاستقرار في سوريا.
في الوقت ذاته، يسعى ترامب جاهدا إلى إخراج الولايات المتحدة من الحرب التي ادعى بالفعل أن الانتصار على تنظيم الدولة فيها أصبح وشيكا. وفي خطاب غلب عليه الشعور بالفخر، كان قد ألقاه يوم الثلاثاء الماضي أمام القوات الأمريكية في كاليفورنيا بعد هزيمة تنظيم الدولة، قال ترامب: "لقد خلصناهم من الجحيم، ولن نتراجع حتى يتم القضاء على تنظيم الدولة بالكامل. في الواقع، لم يعتقد التنظيم أن هذا ما سيحدث له، إذ أنه لم يصب ببلاء كهذا من قبل".
معارك متقاربة
يعود تاريخ السياسة التي يتبعها البنتاغون إلى عهد إدارة أوباما، التي جعلت التدخل الأمريكي في الحرب الأهلية في سوريا مقتصرا بشكل شبه حصري على محاربة تنظيم الدولة من خلال قوات تقاتل بالوكالة وتدعمها القوات الأمريكية. وقد كان الرهان ناجحا. ولكن، على الرغم من تراجع سيطرة تنظيم الدولة على مساحات شاسعة، إلا أن الاحتمال المتزايد لانتصار الأسد في الحرب الأهلية ترك العديد من صانعي السياسة والمشرعين في الولايات المتحدة في حالة فزع، وجعل البعثة الأمريكية في سوريا مشوشة ومضطربة.
من جهته، سُئل الجنرال جوزيف فوتيل، قائد القيادة المركزية الأمريكية التي تشرف على الشرق الأوسط، في شهادته أمام الكونغرس يوم الثلاثاء الماضي، عما إذا كان بشار الأسد قد انتصر بالفعل بفضل المساعدة الإيرانية والروسية، فأجاب "لا أعتقد أن هذا التصريح أمر سهل، ولكن أعتقد أنهما زوداه بما يلزم ليحتل الصدارة في هذه المرحلة". ويعتبر هذا السؤال مهما جدا، ذلك أن المرحلة الثانية من الإستراتيجية الأمريكية الحالية في سوريا بعد هزيمة تنظيم الدولة، تتمثل في تعزيز التسوية السياسية للحرب، وتتضمن في نهاية المطاف خروج كل من الأسد وإيران.
في الأثناء، صرّح القادة الأمريكيون أن مهمتهم العسكرية في سوريا لا تزال مقتصرة على إلحاق الهزيمة بتنظيم الدولة. لكن بعض مسئولي الإدارة الأمريكية بدؤوا بوصف الوجود الأمريكي بشكل أوسع، مما يشير إلى أنه يجب أن يكون بمثابة حصن ضد إيران، وضامن للاستقرار في الأراضي المحررة، وداعما للأهداف الأمريكية في أي تسوية سياسية مستقبلية.
في السياق ذاته، ضغط السيناتور ليندسي غراهام، أكثر المنحازين للأعضاء الديمقراطيين في الإدارة الأمريكية حول السياسة المتبعة في الشرق الأوسط، على فوتيل من أجل توسيع المهمة الخارجية لتتجاوز محاربة تنظيم الدولة. وشدد غراهام على التأثير السلبي طويل المدى، الذي سيترتب عن فوز إيران وروسيا والأسد، على الحلفاء الأمريكيين على غرار إسرائيل والأردن. وقد سأل غراهام فوتيل قائلا: "أليس من ضمن مهامكم في سوريا التعامل مع المشكلة الإيرانية الروسية الأسدية؟ وهو ما ليس موجودا على قائمة الأمور التي يتعين عليك فعلها، أليس كذلك؟" فأجاب فوتيل "هذا صحيح، سيناتور".
رفض فوتيل الإدلاء بتصريح حول ما إذا كان يدعم توجه الجيش الأمريكي نحو تحقيق هذا الهدف الأوسع. وفي هذا السياق، وردا على سؤال حول ما إذا كانت سياسة الولايات المتحدة تستوجب تخلي الأسد عن السلطة، قال فوتيل: "