طالب محامون فرنسيون وبريطانيون المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية إلى التحرك بعدما رفعوا أمامه شكوى بشأن استخدام الإمارات للمرتزقة في اليمن ومناطق أخرى.
وفي ندوة نظمتها المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا داخل مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بجنيف، قال أحد المحامين ويدعى جوزيف برهام إنه ليس هناك أي شك في أن الجيش الإماراتي وخاصة الحرس الأميري مشكل من المرتزقة. وأضاف أنه إلى عهد قريب كان يكفي أن تفتح الموقع الإلكتروني للحرس الرئاسي الإماراتي لتعرف اسم الجنرال مايك أندمارش، وهو جنرال استرالي دفعت له الإمارات من أجل تشكيل جيش من المرتزقة.
وتابع القول "إذا كان لدى أحد مزيد من الشك فبإمكانه أن يفتح وكالات الأنباء العالمية الكبرى ليجد مقابلات مع اثنين من المرتزقة يشرحان كيف تمت عملية تجنيدهما وتدريبهما من قبل الإمارات، وما مهمتهما. هذا أمر لا يطرح أية صعوبات، إنه موثق".
من جانب آخر، أكد المحامون الدوليون أثناء الندوة وجود معطيات تفيد بارتكاب هؤلاء المرتزقة جرائم حرب في تعز ومناطق أخرى، وقالوا إن هناك أماكن محددة وتواريخ دقيقة لتدخل المرتزقة هناك، لأن بعضهم قتلوا في نفس الوقت والمكان الذي حدثت فيه جرائم حرب.
وقال مراسل الجزيرة في جنيف إن هذه الشكوى رُفعت في نوفمبر الماضي، لكن المحامين عقدوا الندوة اليوم- أمس- لتذكير المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية بضرورة تحريكها، حيث طالبوه في ختام الندوة بفتح التحقيق وألا يخضع للضغوط السياسية.
وكانت هذه الندوة التي عقدتها المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا، على هامش الدورة 37 لمجلس حقوق الإنسان في جنيف، بعنوان "تجنيد الإمارات للضباط والجنود والأفراد للعمل كمرتزقة".
وجاءت دورة مجلس حقوق الإنسان في جنيف، كفرصة للتذكير بالدعوى القضائية المرفوعة أمام المحكمة الجنائية الدولية ضد دولة الإمارات المتحدة لما ارتكبته من جرائم وانتهاكات في اليمن، وشملت تلك الجرائم التي حوتها الدعوى جرائم حرب والإبادة الجماعية وجرائم ضد الإنسانية مرتكبة من قبل الأفراد.
وكانت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا قد قامت بتاريخ 27 نوفمبر 2017 بتكليف مكتب المحاماة الفرنسي ANCILE Avocate ومحامين آخرين بتقديم شكوى رسمية للمحكمة الجنائية الدولية، تطالب بفتح تحقيق عاجل حول قيام الإمارات بتجنيد جيوش من المرتزقة الأجانب لتنفيذ أهداف إجرامية باليمن.
وخلال الندوة تم التأكيد على أن دولة الإمارات العربية المتحدة هي الحليف الرئيسي في التحالف الذي تقوده المملكة العربية السعودية، الذي شن حملة دموية على اليمن، راح ضحيتها أكثر من 12000 شخص منذ بداية شهر مارس 2015.
واتهمت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا، والمحامي جوزيف برهام حكومة الإمارات، بأنها وأثناء حربها التي تخوضها بمساعدة السعودية ضد المتمردين الحوثيين في اليمن، تقوم بشن "الهجمات العشوائية ضد المدنيين"، كما تمت الإشارة في تلك الندوة إلى أن تحقيقات فتحت لإخضاع دولة الإمارات للمساءلة بسبب إدارتها لسجون سرية باليمن، حيث كشفت التحقيقات الحقوقية أن المئات من السجناء يتعرضون بداخلها لسوء معاملة وتعذيب وحشي.
وذكرت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا أن دولة الإمارات استخدمت في تلك الحرب القنابل العنقودية المحظورة وقامت بتجنيد مرتزقة لتنفيذ عمليات تعذيب وإعدام ميدانية.
وأشارت المحامية لورانس جريج إلى أبرز العقبات التي واجهتهم أثناء القيام برفع تلك الدعوى القضائية، حيث قالت "واجهتنا مشكلتان أساسيتان، الأولى: رفض مجلس الأمن إشراك المحكمة الجنائية الدولية في تحقيق مستقل لمراقبة انتهاكات حقوق الإنسان في الصراع الدائر باليمن، والثانية: عدم وجود صفة لأي من دول التحالف أو اليمن في المحكمة الجنائية الدولية حيث أنهم ليسوا أعضاء فيها، إلا أنه تم التغلب على تلك العقبة لانتماء بعض المرتزقة في الجيوش التي تحارب باليمن لدول أعضاء بالمحكمة الجنائية الدولية، حيث كانت هذه النقطة بمثابة ثغرة فُتحت في جدار الإفلات من العقاب، وهي سبب يفرض على المحكمة الجنائية الدولية فتح تحقيق خاص ومستقل".
وفي كلمته أضاف المحامي جوزيف برهام "نعلم أن تحقيقاتنا حول استخدام المرتزقة الأجانب من قبل دولة الإمارات ستأخذ وقتاً طويلاً، وأنها ستكون بعيدة المدى، إلا أنها ستقدم نتائج غير مُرضية للعديد من الدول التي اتخذت وضع المتفرج الصامت في تلك الأزمة. ومن تلك الدول دول أستراليا وجنوب إفريقيا وكولومبيا والسلفادور وشيلي وبنما، حيث تشكل الأغلبية العظمى من الجنود المرتزقة من مواطنين من تلك الدول، التي بدأت دولة الإمارات منذ مايو 2018 بإرسالهم للمشاركة في الحرب في اليمن".
وأكد المتحدثون في الندوة أنه ما لم تتخذ الدول الغاضة الطرف عن استخدام مواطنيها كمرتزقة لدولة الإمارات الإجراءات اللازمة، وإن لم تقم المحكمة الجنائية الدولية بمحاكمة مرتكبي جرائم الحرب في اليمن، سيستمر المدنيون الأبرياء في المعاناة ودفع الثمن.
وطرح المتحدثون سؤالاً حول "فائدة مؤسساتنا القانونية الدولية الكبرى، إذا لم يكن بمقدورها حماية من هم في أمس الحاجة إليها؟ خصوصاً بعد ثلاث سنوات متتالية من حرب لم تنته بعد، وبعد وقوع أعمال العنف والقتل من قبل عدد من أغنى دول العالم على واحدة من أفقرها".
من جانبها، دعت المنظمة العربية لحقوق الإنسان مجلس حقوق الإنسان إلى تشكيل لجنة خاصة للتحقيق في تشكيل جيوش من المرتزقة من قبل دولة الإمارات منذ عدة سنوات، كما دعت المجلس إلى التحقيق في أهم الجرائم التي ترتكبها عناصر هذا الجيش، خاصة تلك التي ترتكب في اليمن.