2024-11-30 02:46 م

لماذا طلبت الكويت من بريطانيا تحديدًا إنشاء قاعدة عسكرية على أراضيها؟

2018-02-22
علن السفير البريطاني قبل يومين أنّ حكومة الكويت تقدمت رسميًا لبلاده بطلب تواجد قوات عسكرية بريطانية بشكلٍ دائمٍ على أراضيها، وبالرغم أنّ القرار أثار تساؤلات بشأن أسبابه وتوقيته، إلا أنّه أعاد فصولًا قديمة من التاريخ والجغرافيا للدولة الخليجية ترجع إلى ما قبل 100 عامٍ من الآن؛ فالشيخ مبارك الصباح حاكم الكويت السادس كان قد طلب من الإمبراطورية البريطانية العُظمى عام 1899 توقيع معاهدة حماية خوفًا من أطماع الدولة العُثمانية، وبقيت السُفن البريطانية مُرابطة في الميناء دفاعًا عن الأسرة الحاكمة؛ وحين قرر الرئيس العراقي صدام حسين احتلال الكويت عام 1990، أرسلت بريطانيا نحو 43 ألف جندي مثّلوا ثاني أكبر قوة برية مشاركة في الحرب، وبعد انسحاب الجيش العراقي بقيت نصف تلك القوات موجودة للحماية جنبًا إلى جنب مع القوات الأمريكية.

 اللافت للنظر أنّ البحرين قبل عامين منحت بريطانيا قاعدة عسكرية دائمة، إثر ما وصفه وزير الخارجية البحريني بأنه «لولا الوجود العسكري الأمريكي والبريطاني؛ لبتنا كخليج عدن»، في إشارة إلى الفوضى والحرب المشتعلة في اليمن؛ وبعد احتدام أزمة سحب سفراء الرياض وأبو ظبي والمنامة من قطر عام 2014، اعتبرت بريطانيا أنّ وجودها حتميًا للاستجابة لجميع التحديات السياسية والعسكرية، سواء جاءت من داخل دول مجلس التعاون الخليجي أو من خارجه.

هذا التقرير يوضح لك كيف أثرت الأزمة الخليجية على الكويت، وما هو الدور السياسي الجديد الذي ينتظر القاعدة البريطانية.

حصار قطر .. فرصة بريطانيا «المثالية» للتوغل في الخليج

بحسب الوثائق السرية التي أفرجت عنها الحكومة البريطانية بشأن حرب الخليج الثانية، والتي نشرتها صحيفة «الجارديان» البريطانية؛ فالمملكة المتحدة اعتبرت الغزو العراقي للكويت فرصةً لا مثيل لها من أجل بيع الأسلحة للدول الخليجية، فبينما كانت رئيسة الوزراء آنذاك مارجريت تاتشر تُشارك في التحالف الدولي لإنهاء الاعتداء، كان وزير خارجيتها قد أعدّ قائمة للمبيعات المحتملة،وأشارت الوثيقة إلى جزء من الصفقات الناجحة؛ فالسعودية والإمارات وعُمان طلبوا أسلحة تجاوزت المليار دولار حينها، وبعد انتهاء الحرب التي جاءت بعد 30 عامًا من استقلال الكويت عن بريطانيا، عاد العلم البريطاني مرة أخرى إلى أرض الكويت، وعادت معه الحماية القديمة من جديد.


ومنذ عام 2013، والصحافة البريطانية تتساءل عن سبب تأخر حكومتهم في إنشاء قواعد عسكرية لها دائمة في الخليج، في ظلّ توافر العوامل الناجحة، فالتواجد العسكري الأجنبي في الخليج طالما تضاعف كلما مرّت المنطقة بأزمات أو تهديدات داخلية أو خارجية، وكان أبرزها  الربيع العربي عام 2011، وتزايد طموحات إيران الإقليمية، وبداية جولة جديدة من الصراع القطري السعودي والذي تزامن مع صعود الأمير القطري تميم بن حمد إلى السُلطة عام 2013؛ وبحسب ما صرح به رئيس هيئة الدفاع البريطاني وقتها، فإنّ بلاده تستهدف الخليج العربي عقب انتهائها من حرب أفغانستان، المثيرُ أنّ «هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)»  أشارت إلى أنّ المملكة المتحدة تمتلك وجودًا عسكريًا سريًا في كلٍّ منّ البحرين والإمارات، وهي القوات التي تدخلت وشاركت لاحقًا في محاربة «تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)».

وفي عام 2016، كانت مبيعات الأسلحة البريطانية لمنطقة الشرق الأوسط تتجاوز ثلاثة مليار دولار، وحين حضرت رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي، قمة مجلس التعاون الخليجي في نفس العام، أعلنت أنها ترغب في أن تصبح بلادها عاصمة الاستثمار الإسلامي، مُعلنة أنّ أمن الخليج من أمن بريطانيا، وبالرغم أنّ قطر تعد المستثمر العربي الأبرز في السوق البريطاني برأس مال بلغ 50 مليار دولار، إلا أنّ موقع «ميدل إيست آي»، اعتبر أنّ بريطانيا خذلت الدوحة في أزمة حصارها، عكس ألمانيا التي انحازت صراحة ضد السعودية.

فبريطانيا  اليوم تجلس جنبًا إلى جنب مع الكويت وعُمان على طاولة المفاوضات؛ لأنها تخشى تفاقم الأزمة وانشقاق دول مجلس التعاون الخليجي خوفًا على استثماراتها من جهة، وهي أيضًا من جانب آخر تتباطأ في المفاوضات لتكسب نفوذًا سياسيًا مُتجددًا، وهو ما حدث بالفعل حين طالبتها الكويت بالتواجد العسكري الدائم على أراضيها، بعد تحذيرات داخلية بالمقاطعة نقلتها صحيفة «الراي» الكويتية بشأن تصعيد السعودية ضدها.


وتجدحد أكبر الأضرار التي سببتها الأزمة الخليجية على المستوى البعيد، أنها جعلت من وجود القواعد العسكرية الأجنبية أمرًا حتميًا لاستقرار الخليج، فبعد يومٍ واحدٍ من حصار قطر في يونيو (حزيران) العام الماضي، سمحت الدوحة لأنقرة بنشر مزيدٍ من قواتها، وبالرغم أنّ تركيا تمتلك منذ عام 2014 قاعدة الريان، إلا أنّ التوقيت حمل رسالة واضحة بشأن الدور السياسي الجديد الذي صارت تُمثّله القوات الرمزية التركية كغطاء حماية، رغم وجود قاعدة العُديد الأمريكية، وسبق للتحالف أنّ طالب إنهاء الوجود التركي في الخليج، إلا أنّ الدوحة رفضت.

الكويت أيضًا يبدو أنها تبحث عن غطاء سياسي، في حال فشلت جهود الوساطة، أو بدأت دول الحصار بالهجوم عليها، وسبق لموقع «إرم» الإماراتي أن تسائل عن احتمالية أن تمتد مقاطعة قطر لتشمل الكويت، ورغم الدور الذي قامت به الكويت لحلّ الأزمة، إلا أنّ الرياض وأبوظبي لم يُعلنا حتى الآن بشكل واضح التزامهما بالوساطة الكويتية، عكس الدوحة التي أعلنت قبولها في إطار مجلس التعاون الخليجي، وهنا يأتي الدور البريطاني الداعم لجهود للكويت، والضاغط في الوقت نفسه على كلٍّ من السعودية والإمارات، متمثلًا في زيارات وزيري الخارجية والدفاع البريطانيين، إضافة للحضور الدائم للسفير البريطاني لدى الكويت.


أحد أكبر الأضرار التي سببتها الأزمة الخليجية على المستوى البعيد، أنها جعلت من وجود القواعد العسكرية الأجنبية أمرًا حتميًا لاستقرار الخليج، فبعد يومٍ واحدٍ من حصار قطر في يونيو (حزيران) العام الماضي، سمحت الدوحة لأنقرة بنشر مزيدٍ من قواتها، وبالرغم أنّ تركيا تمتلك منذ عام 2014 قاعدة الريان، إلا أنّ التوقيت حمل رسالة واضحة بشأن الدور السياسي الجديد الذي صارت تُمثّله القوات الرمزية التركية كغطاء حماية، رغم وجود قاعدة العُديد الأمريكية، وسبق للتحالف أنّ طالب إنهاء الوجود التركي في الخليج، إلا أنّ الدوحة رفضت.

الكويت أيضًا يبدو أنها تبحث عن غطاء سياسي، في حال فشلت جهود الوساطة، أو بدأت دول الحصار بالهجوم عليها، وسبق لموقع «إرم» الإماراتي أن تسائل عن احتمالية أن تمتد مقاطعة قطر لتشمل الكويت، ورغم الدور الذي قامت به الكويت لحلّ الأزمة، إلا أنّ الرياض وأبوظبي لم يُعلنا حتى الآن بشكل واضح التزامهما بالوساطة الكويتية، عكس الدوحة التي أعلنت قبولها في إطار مجلس التعاون الخليجي، وهنا يأتي الدور البريطاني الداعم لجهود للكويت، والضاغط في الوقت نفسه على كلٍّ من السعودية والإمارات، متمثلًا في زيارات وزيري الخارجية والدفاع البريطانيين، إضافة للحضور الدائم للسفير البريطاني لدى الكويت.


ر الإشارة إلى أنّ بريطانيا تتجاهل انتهاكات قوات التحالف العربي في اليمن، وقامت مؤخرًا بتقديم اقتراح لمجلس الأمن للإشادة بدور السعودية والإمارات لتخفيف حدة الأزمة الإنسانية في اليمن، ومؤخرًا كشفت صحيفة «الديلي ميل» البريطانية تفاصيل ما أسمته «الحرب القذرة» في اليمن، حيث أوضحت أنّ أكثر من 50 عسكريًا بريطانيًا يقومون بتدريبالجنود السعوديين بشكل سري على المهارات القتالية، كما أشارت إلى أنّ القنابل التي استخدمها التحالف هي بريطانية الصنع، وتعتبر بريطانيا ثاني أكبر موّرد للسلاح إلى السعودية، وبلغت قيمة الصفقات منذ بداية الحرب نحو 4 مليار دولار.
أحد أكبر الأضرار التي سببتها الأزمة الخليجية على المستوى البعيد، أنها جعلت من وجود القواعد العسكرية الأجنبية أمرًا حتميًا لاستقرار الخليج، فبعد يومٍ واحدٍ من حصار قطر في يونيو (حزيران) العام الماضي، سمحت الدوحة لأنقرة بنشر مزيدٍ من قواتها، وبالرغم أنّ تركيا تمتلك منذ عام 2014 قاعدة الريان، إلا أنّ التوقيت حمل رسالة واضحة بشأن الدور السياسي الجديد الذي صارت تُمثّله القوات الرمزية التركية كغطاء حماية، رغم وجود قاعدة العُديد الأمريكية، وسبق للتحالف أنّ طالب إنهاء الوجود التركي في الخليج، إلا أنّ الدوحة رفضت.

الكويت أيضًا يبدو أنها تبحث عن غطاء سياسي، في حال فشلت جهود الوساطة، أو بدأت دول الحصار بالهجوم عليها، وسبق لموقع «إرم» الإماراتي أن تسائل عن احتمالية أن تمتد مقاطعة قطر لتشمل الكويت، ورغم الدور الذي قامت به الكويت لحلّ الأزمة، إلا أنّ الرياض وأبوظبي لم يُعلنا حتى الآن بشكل واضح التزامهما بالوساطة الكويتية، عكس الدوحة التي أعلنت قبولها في إطار مجلس التعاون الخليجي، وهنا يأتي الدور البريطاني الداعم لجهود للكويت، والضاغط في الوقت نفسه على كلٍّ من السعودية والإمارات، متمثلًا في زيارات وزيري الخارجية والدفاع البريطانيين، إضافة للحضور الدائم للسفير البريطاني لدى الكويت.

وفي شهر أغسطس (آب) العام الماضي، أعلن وزير الدافع البريطاني نية بلاده توقيع اتفاقية تعاون عسكري مع الكويت تأتي في إطار إلتزام بريطانيابأمن الكويت باعتبارها أهم حليف سياسي لها في المنطقة، لكنّ لم يكد العام ينتهِ حتى اتجهت بوصلة الهجوم السعودي نحو الكويت،حتى قررت الدولة التي تنتهج الحياد إرسال وزير دفاعها لقطر لبحث افتتاح الدوحة ملحقًا عسكريًا على أراضيها، ثم طلبت من بريطانيا إنشاء قاعدة عسكرية دائمة في توقيتٍ مُشابه لإرسال تركيا قوات عسكرية للدوحة، والأمر نفسه تكرر عندما قامت الولايات المتحدة بإنشاء قاعدة عسكرية لها في إسرائيل تزامنًا مع التهديدات التي تواجهها تل أبيب.

ورغم أنّ السعودية احتوت أزمة التصعيد مع الكويت، إثر مهاجمة تركي آل الشيخ المستشار بالديوان الملكي السعودي، لوزير الصناعة الكويتي لدى زيارته قطر، والذي اتهمه بأنه مُرتزق، إلا أنّ الرياض لم تتدخل على المستوى الرسمي لمنع أذرعها الإعلامية من مهاجمة الكويت، عبر مقالات الرأي التي نُشرت في أكبر الصحف السعودية، فينما أُقيل جمال خاشقجي، رئيس تحرير جريدة الوطن – بحسب مصادر إعلامية – بسبب مقال رأي لم يكتبه، أثار غضب القصر، إلا أنّ المملكة لم تتدخل لمنع الهجوم التي شنته صحيفتا «عكاظ» و«الشرق الأوسط»، والتي هاجمت الحياد الكويتي ووصفته بأنه مجاملة لقطر، كما تناولت الوضع السياسي للنظام الكويتي الخطر على دول الخليج، في إشارة إلى وجود جماعة «الإخوان المسلمين» في العملية السياسية.

ويبدو أن تلك الإشارات قد أثارت مخاوف المسؤولين في الكويت إذ حذر رئيس لجنة الأولويات في البرلمان الكويتي «أحمد الفضل» من احتمالية تعرض بلاده لمقاطعات أو ضغوط، مطالبًا بالاستعداد لذلك قائلًا: «الأمن الغذائي والأمن الدوائي أمران مهمان، وخصوصًا أن الأوضاع تتوتر في بعض الدول، وقد نتعرض لمقاطعات أو لأمور نعتبر الاستعداد لها أولوية مهمة بالنسبة لنا».

لماذا اختارت الكويت بريطانيا تحديدًا؟

ترى الكويت أنّ بريطانيا رغم أنّها أبرز حلفائها، إلا أنها الأجدر على التعامل فمع التوترات التي تشهدها المنطقة في ظل الأزمة الحالية، فبريطانيا حليف متوازن مع الجميع عكس الولايات المتحدة؛ فبينما كانت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي تتعهد أثناء زيارتها للخليج بالقضاء على الخطر الإيراني، كانت مع حكومتها في لندن تخوض معركة ضد قرار الرئيس الأمريكي بإلغاء اتفاقية النووية مع إيران، وهي في الوقت نفسه تؤكد أنّ السجل الحقوقي الخطر لدول الخليج لن يمنعنا من عقد صفقات تجارية، عكس ترامب الذي يعامل حلفاءه بسياسية أبعد من ذلك النهج.

لكويت أيضًا هددت مرارًا بأنّ الأزمة الخليجية قد تكون سببًا في انهيار مجلس التعاون الخليجي، وبينما تتحمل الولايات المتحدة جزءًا من ذلك الخطأ، ستتضرر بريطانيا التي تعوّل على مجلس التعاون في عقد صفقات تجارية في ظل خروجها من الاتحاد الأوروبي، وبعدما أعلنت الرياض وأبوظبي تشكيل لجنة منفردة بينهما للتعاون العسكري والاقتصادي، وبعد أسبوع فقط من الإعلان، توّجه ثلاث وزراء بريطانيين (رئيس الوزراء ووزير الدفاع ووزير شؤون الشرق الأوسط) في جولة خليجية تركزت أهدافها على إيصال رسالتين؛ التمسك بوحدة دول مجلس التعاون الخليجي، واستغلال الوساطة الكويتية لتجاوز الأزمة.

أحد أكبر الأسباب التي تجعل بريطانيا لاعبًا أساسيًا، هو أنّ بريطانيا تمتلك أجندة سياسية مرنة تسع الجميع، فبينما تدعم السعودية سرًا في اليمن، ووتتجاوز عن الملفات الحقوقية في كافة دول الخليج، لكنها تدعم جماعة الإخوان المسلمين، فبينما الحضور الإخواني في قطر والكويت عميق، ومؤثر، فالتبادل التجاري القطري والكويتي في بريطانيا أيضًا مؤثر بالدرجة ذاتها، لذا ففي حال وجّهت السعودية غضبها للنظام السياسي في الكويت، فإن بريطانيا هي الدولة التي يمكن أن تتصدى.

في النهاية فإن ترامب هو من أشعل الأزمة الخليجية بتصريحه: «حان الوقت لقطر أن تنهي تمويلها للإرهاب. يجب أن ينهوا هذا التمويل ونشر الأيديولجية المتطرفة»، بينما بريطانيا كانت منذ البداية شريك في الوساطة، ويرى مراقبون أنّ الأزمة الخليجية الأولى عام 2014، سرعان ما انتهت لأنّ إدارة الرئيس الامريكي باراك أوباما لم يكن على وفاق مع الرياض، كما أنّ الإدارة الأمريكية في ذلك الوقت هي من وقّعت الاتفاق النووي مع إيران، لذا سارعت الدول الخليجية لاحتواء الموقف، عكس الأزمة الحالية التي أشعلها الرئيس الأمريكي، ثم رضخ تحت ضغوط إدارته بضرورة حل الأزمة، لذا بدا أنّ الكويت لا ترضى عن أداء الولايات المتحدة التي هددت أمن الخليج، وفي مقابل ذلك فإنّ بريطانيا التي تنافس واشنطن سياسيًا وعسكريًا في المنطقة تبدو أكثر قبولًا لهذا الدور، لذا فمن المتوقع أن يشهد الخليج في ظل احتدام الأزمة زيادة النفوذ العسكري الأجنبي.

"ساسة بوست"