2024-11-29 10:35 ص

المتغيرات الاستراتيجية الكامنة وراء الرعب الصهيوني من المقاومة

2018-02-16
يبدو أن التهور الصهيوني الذي وصل إلى حافة الهاوية بعد الحادث الأخير في سوريا، والذي وصفه المراقبون الجادون بأنه "أكثر من مواجهة وأقل من حرب"، ينجم عن رعب صهيوني حقيقي ولا ينطلق من ثقة وغرور معتادين.
والتسارع الإسرائيلي لطلب التهدئة والاكتفاء بالتصريحات الجوفاء هو دليل مضاف على الحالة الصهيونية التي مفادها فقدان التفوق النوعي والشعور بأن أقدام المقاومة ستدوس بثقة الكيان وأن عصرا جديدا من التوازنات قد تم تدشينه.
وفي ذكرى الشهداء القادة، نهدي هذا الرصد لأرواحهم، وننحني أمام ذكراهم وخيارهم المقاوم والذي تتأكد يوميا صحته وانه السبيل الأوحد للتحرير والكرامة، وهذا التقرير يستعرض عوامل الخوف الاسرائيلية وابرز محطاتها الحديثة عبر استعراض مختصر لتقارير صهيونية وامريكية كاشفة.

تقرير صهيوني كاشف

نشرت صحيفة "جيروساليم بوست" في 27 نوفمبر 2017 الماضي، تقريرا لمركز "مئير أميت"، يشير إلى أن "مصالح داعش و إسرائيل قد تتلاقى بشكل مؤقت، في ساحة مواجهة الوجود الإيراني في سوريا، الأمر الذي يجعلهم حليفين".
وقال التقرير نصًّا انه "عندما يكون القلق الرئيسي الجديد لإسرائيل هو وجود إيران في سوريا ومحاولاتها لتهريب الأسلحة من خلال سوريا إلى حزب الله في لبنان، فإن داعش وإسرائيل قد تستهدفان الإيرانيين أنفسهما".
وفيما يتعلق بـ"داعش"، يقول التقرير إنه "من المرجح أن يغير أنماطه القتالية ويعود إلى تكتيكات حرب العصابات والإرهاب بعد انتهاء الحملة ضده في العراق، ويمكن أن ينفذ هجمات ضد المدنيين الإيرانيين على الأرض ويمكن اعتبار المركبات الإيرانية أهدافا جذابة لتنظيم داعش في تجسيده الجديد".
أما على صعيد إيران وإسرائيل، فإن التقرير يكرر تصريحات المخابرات الإسرائيلية الأخيرة، ووصف أهداف إيران بأنها: "تعزيز آليات الضغط وتصعيد التهديد الذي يشكله على إسرائيل، مع خلق حالة ردع". ويضيف "ربما تحاول إيران بناء قواعد للتآمر ضد إسرائيل ومنشآت لتصنيع الأسلحة لحزب الله في سوريا".

خيار "إسرائيل" المتوقع

ونقل التقرير انه وفي 10 تشرين الثاني/نوفمبر، أفادت هيئة الإذاعة البريطانية أن "مسؤولا في المخابرات الغربية" قال إن "إيران بدأت في بناء قاعدة دائمة بالقرب من الكسوة، جنوب دمشق. وأشارت صور الأقمار الصناعية إلى أن البناء بدأ في عام 2017".
ويشير الى أن "هذه القاعدة وغيرها من القواعد المماثلة يمكن أن تكون أيضا أهدافا مشتركة في المستقبل لإسرائيل، لمنع حزب الله من الحصول على أسلحة جديدة".

تقرير فورين بوليسي في 28 سبتمبر 2017 الماضي

وقد ابرز تقرير لمجلة "فورين بوليسي" الامريكية جوانب مضافة لتخوفات "اسرائيل"، ومما ورد بالتقرير ان "المسؤولين الاسرائيليين يعتقدون ان ايران تفوز بمحاولتها للهيمنة فى الشرق الاوسط، وانها تحشد لمواجهة اعادة التنظيم الاقليمية التى تهددها. وتركز الحملة العسكرية والدبلوماسية الإسرائيلية على سوريا، والتي قامت طائرات إسرائيلية فيها بضرب مواقع لحزب الله ومرافق للنظام السوري وقوافلها عشرات المرات خلال الحرب الأهلية السورية، على منع نقل أنظمة الأسلحة من إيران إلى حزب الله"، حسب زعمهم.

إحباط اسرائيلي من امريكا وروسيا

وقال التقرير ان "الغارة الصهيونية جاءت بعد جولة من الدبلوماسية خلص فيها المسؤولون الإسرائيليون إلى أن مخاوفهم بشأن الوضع المتطور في سوريا لم يتم التعامل معها بجدية كافية في الولايات المتحدة أو روسيا.
وقد زار وفد كبير برئاسة رئيس الموساد يوسي كوهين واشنطن في أواخر أغسطس / آب، حيث أفيد أنه يشعر بعدم ارتياح إسرائيل للفهم الأمريكي - الروسي عن الوضع الناشئ في سوريا.
وقد زار رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في سوتشي لرفع مخاوف مماثلة مع موسكو.
وفي الحالتين، شعر الإسرائيليون بخيبة الأمل إزاء الرد. قلقهم الأهم في سوريا هو الحكم الذي يبدو أن جميع اللاعبين الرئيسيين هناك على استعداد لترك إيران ومختلف وكلائها في البلاد. وطالما لم يعالج أي شخص آخر القلق، فإن إسرائيل مصممة على مواصلة التصدي له بمفردها".

مخاوف من اقتراب المقاومة من الجولان

وأضاف التقرير أن "القوات الإيرانية الآن تحتفظ بوجودها بالقرب من الجزء الذي تسيطر عليه إسرائيل من مرتفعات الجولان ومعبر القنيطرة الذي يفصلها عن الجزء الذي تسيطر عليه سوريا من الأراضي. وقد لاحظت إسرائيل طوال الحرب السورية رغبة الإيرانيين وحزب الله في إنشاء هذه المنطقة كخط ثان من المواجهة النشطة ضد الدولة اليهودية، بالإضافة إلى جنوب لبنان".
ويقول "مع احتمال وصول القوات المؤيدة لإيران إلى الـ"بوكمال" على الحدود السورية العراقية، فإن هذا يفتح إمكانية وجود "ممر أرضي إيراني" والذي يمتد دون انقطاع عن إيران نفسها إلى بضعة كيلومترات من الجولان الذي تسيطر عليه إسرائيل".
ويضيف "في وقت سابق من هذا الشهر (سبتمبر الماضي) اسقطت اسرائيل طائرة بدون طيار ايرانية فوق مرتفعات الجولان. وكانت هذه احدث دليل على أنشطة إيران على الحدود. وأشارت تقارير المعارضة السورية إلى وجود إيراني في منطقة تل الشعار، وتل الأحمر، ومقر الفرقة 90، وكلها على مقربة من الحدود".

مخاوف من تشكل قوات جديدة للمقاومة

وتطرق التقرير إلى جوانب مضافة للمخاوف الصهيونية، حيث ذكر ان "القوات الموالية لإيران لها طموحات مفتوحة، فقد شكل حزب الله قوة "النجباء"، وهي قوة عراقية تدعمها إيران، ووحدة "تحرير الجولان" وأعلن عن "استعداده لاتخاذ إجراء لتحرير الجولان". وتم تصوير شخصيات بارزة من فيلق الحرس الثوري الإسلامي والباسيج في المناطق القريبة من الحدود.
وقد أحبطت إسرائيل حتى الآن هذه الطموحات بطريقتين. أولا، شنت هجمات لإحباط ومنع محاولات بناء بنية تحتية شبه عسكرية في المنطقة. والأكثر شهرة، هو مقتل جهاد مغنية، ابن قائد حزب الله العسكري عماد مغنية، في الضربة الموجهة لمزرعة أمل في منطقة القنيطرة في كانون الثاني / يناير 2015 في إطار هذا الجهد. كما قتل خمسة أشخاص آخرين في حزب الله وعضو في الحرس الثوري الإيراني.
وثانيا، أقامت إسرائيل علاقات عمل عملية مع الجماعات المتمردة المحلية التي لا تزال تسيطر حاليا على الجزء الأكبر من الحدود، مثل مجموعة فرسان الجولان. ويركز هذا التعاون على معالجة المقاتلين الجرحى والمدنيين، وتقديم المساعدات الإنسانية والمالية. وربما كانت هناك أيضا مساعدة في مجال الاستخبارات، على الرغم من عدم وجود أدلة بعد على توفير الأسلحة مباشرة أو المشاركة المباشرة للقوات الإسرائيلية نيابة عن المتمردين".

افتقاد للضمانات

وأضاف التقرير أن "إسرائيل تشعر بقلق عميق من احتمال أن تتعقد بشكل خطير الضمانات الفعلية لعدم التسلل الإيراني على الحدود. وتشعر إسرائيل بالقلق إزاء الطموحات الإقليمية الشاملة لإيران. وأن حربا مستقبلية مع إسرائيل قد تنطوي على قوات لميليشيات إضافية موالية لإيران إلى جانب الجماعات اللبنانية. وقال وزير الاستخبارات الإسرائيلي يسرائيل كاتس مؤخرا في مؤتمر أمني عقد في هرتزيليا ان "حربا مستقبلية بين اسرائيل وحزب الله قد تكون قادرة على استخدام ميناء بحري ايراني وقواعد للقوات الجوية والبرية الايرانية".

تقرير ديبكا عن الطائرة بدون طيار "العاصفة"

ومؤخرا وفي أحدث تقارير ديبكا فايل، برز الرعب الصهيوني من تطور امكانات المقاومة بعد الاشتباك الاخير الذي نجم عنه اسقاط الطائرة الاسرائيلية، حيث استعرض التقرير امكانات الطائرة بدون طيار الايرانية.
وقال التقرير نصا: "الصاعقة ليست طائرة بدون طيار عادية. هي جائزة "الحرس الثوري الإيراني" للاعتداء وجمع المعلومات الاستخباراتية. وقد ظهرت لأول مرة خارج ايران يوم السبت الموافق 10 فبراير عندما سقطت فى المجال الجوى الاسرائيلى.
حتى ذلك الحين، لم يكن من المعروف عموما أن (العاصفة) وصلت إلى الاراضي السورية. وبعد ان اسقطت طائرة اسرائيلية من طراز اباتشى شبه مسلحة، قصفت طائرات تابعة لسلاح الجو الاسرائيلى مركبة قيادة الطائرة بدون طيار فى وسط سوريا فى قاعدة تي - 4 بالقرب من تدمر التى تشترك فيها ايران والقوات الجوية الروسية.
وقد تم اكتشاف ان الطائرة بدون طيار المتسلله جزء من أسطول كامل من الطائرات بدون طيار المسلحة المتقدمة الموجودة في قاعدة T-4.
الأهم من ذلك، فإن تسلل الطائرات بدون طيار وتعاقبها لم يكن لمرة واحدة، ولكن جزءا من مؤامرة إيرانية محسوبة ضد إسرائيل على أعلى مستوى، تم تنسيقها مسبقا مع القوات الجوية الروسية، التي تشترك في استخدام T-4، وأنظمة الدفاع الجوي السورية التي تعمل تحت قيادة روسية. ومن المهم أيضا أن نلاحظ أن إيران جلبت الطائرات بدون طيار إلى سوريا بموافقة موسكو.
وفي عملية طويلة وشاقة من الهندسة العكسية، نسخت صناعة الذخائر الإيرانية بعض مكونات الطائرات بدون طيار الأكثر سرية لدى المخابرات المركزية الامريكية، و رق-170، بعد أن تم اعتراضها واستولت عليها إيران في ديسمبر 2011.
 الطائرة الأمريكية بدون طيار، قادرة على الكشف عن التجارب النووية السرية، وتصنف كأفضل الطائرات بدون طيار من نوعها".

المقاومة تهدد امريكا ايضا

واضاف التقرير انه "قد تأكد ان إيران اكتسبت طائرة أمريكية RQ-170، من خلال دليل الطائرة الإيرانية التي استولت عليها إسرائيل. وفي الوقت نفسه، فإن إيران، من خلال نشر أسطول من طائرات العاصفة بدون طيار في سوريا، مسلحة بالصواريخ، لم تزد من تهديدها لإسرائيل فحسب، بل أثارت أيضا تحديا إقليميا صعبا لأمريكا، فإذا كانت إحدى هذه الطائرات يمكن استخدامها ضد إسرائيل، فلماذا لا تستخدم ضد القوات الأمريكية في الشرق الأوسط أو السعودية؟
وقد كشف مسار الطائرة بدون طيار الايرانية عبر الاردن. وقد حلقت من تدمر على طول الحدود الشرقية لسوريا مع العراق ولم يتم الكشف عنها من قبل المراقبة العسكرية الأمريكية. وحينما جاءت على حامية التنف الأمريكية الأردنية في مثلث الحدود السوري - الأردني – "الاسرائيلي"، تحولت إلى شمال الأردن ثم عبرت الحدود لتطير فوق بيت شان. وبعد تسعين ثانية، اعترضها الإسرائيليون".
واختتم التقرير بفقرة موحية، تقول:"فقدت إيران طائرة بدون طيار مسلحة قيمة، لكنها كانت في الهواء لفترة طويلة بما فيه الكفاية لجمع الكثير من المعلومات عن أنظمة الدفاع الجوي والرادار الأمريكية والأردنية والإسرائيلية على الحدود السورية والأردنية والعراقية".

استخلاصات

ويبدو من سياق التقارير والتي تدعمها التحركات الصهيونية على الارض ان "اسرائيل" تشعر ولأول مرة بافتقادها التفوق النوعي، كما تشعر بعجزها عن إقامة الطوق النظيف التقليدي، والذي كانت تصنعه عادة بالتوغل والعدوان، وقد شكلت المواجهة الاخيرة ردعا لها وقناعة بان اي توغل سيكون له ثمن باهظ، وان المجال الجوي المفتوح اصبح مغلقا امام طموحاتها، ويمكن استخلاص ابرز المخاوف الصهيونية فيما يلي:

- اقتراب المقاومة من الحدود بشكل يسمح بتشكيل بؤر مقاومة جديدة اكثر قربا وخطورة من منظور الامن الصهيوني.
- وجود ممر ارضي لمحور المقاومة يمتد من ايران مباشرة الى العراق ثم سوريا وصولا للجولان المحتل.
- تشكل قوى جديدة للمقاومة من مختلف الجنسيات تعطي زخما للمقاومة.
- تطور تقني نوعي يستطيع اختراق منظومة الامن الصهيونية ويستطيع التجسس من جهة وتنفيذ مهام هجومية من جهة اخرى.

ويبدو ان التحالفات المستحدثة مع انظمة عربية و"ميليشيات" ارهابية لا تستطيع إنقاذ الكيان الاسرائيلي من هذه المعادلات الجديدة، حيث تتورط الأنظمة وفقا لهذه التحالفات في استحقاقات تضعف من شعبيتها كما تفكك من قوتها الداخلية الاقتصادية والسياسية، ناهيك عن بطولات المقاومة على الارض وامتلاكها لاسباب الصمود المادية الى جانب المعنوية والروحية.