2024-11-30 01:46 ص

الإمارات.. السياسة بلا مبادئ

2018-01-15
الفيديو الذي تداولته وسائل الإعلام عن احتجاز الإمارات للشيخ عبدالله بن علي آل ثاني، يكشف نهج الإمارات في الاستضافة غير البريئة للسياسيين، حيث تلجأ أبوظبي إلى استخدامهم كورقة مساومة وضغط على الأنظمة والحكومات، ولكنها تحرقهم حين انتهاء مهماتهم وأدوارهم، حيث أكدت مصادر بالخارجية الإماراتية أن الشيخ عبدالله بن علي آل ثاني، حر في قرار مغادرة الإمارات لأية وجهة يختارها، وبإمكانه المغادرة متى شاء. تلك العبارة هي ذاتها التي استخدمتها سلطات أبوظبي مسبقا مع رئيس الوزراء المصري الأسبق، أحمد شفيق، بعدما أخبر عن احتجازه من قبل سلطات الإمارات، عقب إعلانه الترشح في سباق الرئاسة المصرية.

وتثبت الأحداث المتكررة أن الإمارات تسرع في التخلص من السياسيين المناوئين لسياسات دولهم الذين تحتضنهم لأغراض خبيثة، بعدما يفشلون في تحقيق مخططاتها التآمرية. ورغم أن أبوظبي تظهر علاقات طبيعية على المستوى الشكلي فقط مع الدول، إلا إنها دأبت على استضافة المعارضين للأنظمة العربية وغير العربية، فابتداء من مصر والسعودية، مرورا بلبنان واليمن وليبيا، وانتهاء بجيرانها من دول مجلس التعاون الخليجي، تطول قائمة الأسماء والشخصيات المعارضة للأنظمة الرسمية التي تحتضنها الإمارات، وتوفر لها الدعم اللازم للتحرك ضد هذه الأنظمة.

أدوات ضغط
ويؤكد محللون أن الإمارات تستخدم المعارضين الهاربين كأدوات سياسية وأمنية حيث توظفهم من أجل تحقيق أغراضها الشيطانية في المنطقة، وفي حال فشلهم في تحقيق أهدافها وأجندتها تنقض عليهم، فعلى سبيل المثال نجد أن ذلك الأمر واضح في الحالة المصرية، ورغم أن أبوظبي الحليف الأول لنظام عبدالفتاح السيسي، إلا إنها استضافت معارضيه والفارين من بطشه، فقد احتضت رئيس الوزراء الأسبق أحمد شفيق لسنوات، ودعمته ماليا ومعنويا، رغم توجهاته المعارضة وانتقاداته الدائمة لنظام السيسي، ما دفع السلطات المصرية لمنع عودته إلى مصر لسنوات طويلة قبل أن تنقلب عليه أبوظبي مؤخرا عندما سار على عكس ما تريد وقامت بترحيله إلى مصر قسرا.

ولم يكن أحمد شفيق الأوحد في القائمة، فقد سبقه عمر سليمان رئيس جهاز المخابرات سابقا، والمستشار أحمد الزند وزير العدل المطرود من منصبه بسبب الكثير من الأسباب السياسية الأخرى، لكنه وصل إلى أبوظبي بعد إقالته بـ 3 أيام فقط. وقال مصدر قضائي إن إقالته جاءت بقرار مباشر من السيسي. والملفت أن الإمارات التي تكمم أفواه أي معارض إماراتي، أو عربي أو أجنبي سمحت لهذه الرموز المصرية المعارضة بتوجيه نقد قاس للسيسي، كما إن صحفها نشرت انتقادات هؤلاء للنظام المصري. كما تضم الإمارات أغلب وزراء مبارك الهاربين عقب ثورة يناير، والمعارضين لأي حكومة أو نظام يأتي بخلاف مبارك.

انصياع السيسي
ويقول مراقبون ومحللون إن استضافة الإمارات لمعارضي السيسي تستهدف الضغط عليه كي يقبل بأن تكون الإمارات هي الحاكم الفعلي لمصر مقابل دعم السيسي بالأموال ومنع سقوطه اقتصاديا. بينما يذهب محللون آخرون إلى أن أبوظبي تستغل المعارضة المصرية لتوفير بديل لنظام السيسي في ظل تصور متزايد أن ورقة هذا النظام قد احترقت أو كادت أن تسقط وبدون ظهور بديل له، سيمهد الجمود الحالي لثورة على غرار الثورة على مبارك.

وبخصوص القضية الفلسطينية، استضافت أبوظبي محمد دحلان، عراب الشر والتآمر ضد الفلسطينيين، بعد طرده من حركة فتح بل وظفته كمستشار أمني لديها، ويسعى دحلان بالتعاون مع الإمارات ليكون بديلا عن رئيس السلطة الفلسطينية الحالي محمود عباس، وتؤكد التقارير أن دحلان متورط في اغتيال ياسر عرفات، كما أن له علاقة قوية مع وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، الذي يسعى إلى توفير وتهيئة الظروف المناسبة أمام عودته إلى قيادة السلطة الفلسطينية.

 وتغدق أبوظبي على دحلان أموالا طائلة من أجل تحقيق أغراضها الخبيثة في المنطقة، والذي بدوره ينقل هذه الأموال إلى أذرعه في الداخل والخارج الفلسطيني عبر شبكة من الشباب التابعين له. كل ذلك تحت إشراف ومباركة إسرائيلية إماراتية.

اليمن وليبيا
وبخصوص اليمن، تستضيف أبوظبي نجل علي عبدالله صالح، بعد أن أمنت له خروجا آمنا من اليمن وحمت أمواله وممتلكاته، رغم أن قواته تعمل ضد المصالح السعودية على الأرض اليمنية، وهو دور مشبوه تلعبه الإمارات في التحالف العربي باليمن. كما استضافت اللواء محمد ناصر أحمد وزير الدفاع اليمني السابق، هو وعائلته بعد خروجه من الوزارة بسبب الاتهامات المالية الموجهة إليه.

وبالنسبة لليبيا، كشفت مجلة فورين بوليسي الأمريكية في أغسطس 2015 عن هروب عدد كبير من رموز وأسرة القذافي إلى الإمارات، ومن هؤلاء محمود جبريل وزير التخطيط في عهد القذافي، وأيضا عبدالمجيد مليقطة أحد الرموز المهمة في تحالف القوى الوطنية الذي يتزعمه جبريل، وهو شقيق عثمان مليقطة قائد كتائب القعقاع، وهي ميليشيا تابعة لقبائل الزنتان وقامت بدور بارز في إشعال الحرب في الدولة. علاوة على الكثير والكثير من رموز نظام القذافي.

 ولم يغب النظام السوري عن قائمة الهاربين إلى الإمارات، فبشرى شقيقة الرئيس السوري بشار الأسد استقرت في الإمارات بعد شهرين من مقتل زوجها آصف شوكت نائب وزير الدفاع السوري. علاوة على السماح لرموز النظام بممارسة الأنشطة التجارية الضخمة، والحرية المطلقة في تحويل الأموال لأي جهة تخرب الثورة السورية.

تآمر دولي
ولم تكتف الإمارات باستضافة المعارضين والهاربين العرب، بل تستضيف أيضا عددا كبيرا من السياسيين والديكتاتوريين والهاربين من جميع أنحاء العالم، ففي دبي تقيم أسرة الديكتاتور التايلاندي تاكسين شيناواترا، كما هربوا جميعا إلى دبي، وكان آخرهم أخت الديكتاتور التي هربت في سبتمبر الماضي إلى هناك. أما رئيس الحكومة الباكستاني الأسبق برويز مشرف فسارع بالهرب إلى دبي بحجة السفر لتلقي العلاج الطبي بعد أن أمرت المحكمة العليا في باكستان الحكومة برفع الحظر عن سفره.

كما أن الرئيس الباكستاني السابق، آصف علي زرداري، هرب إلى الإمارات خشية القبض عليه بتهمة اختلاسات مالية تصل إلى مليارات الدولارات، بعد إلقاء القبض على أقرب معاونيه. وكل هؤلاء السياسيين تستخدمهم أبوظبي كأدوات ضغط على الأنظمة والحكومات الحالية، لكنها تلقي بهم في سلة القمامة حين يتحولون لأدوات غير مؤثرة أو يسيرون عكس الأجندة المرسومة لهم من سلطات الإمارات.
(الشرق)