2024-11-30 12:32 ص

السيسي على طريق الولاية الثانية

2018-01-11
يوم خاضت مصر - الثورة، أول استحقاق رئاسي في أواسط عام 2012، كان الحدث تاريخياً بكل المعايير. كانت تلك المرّة الأولى التي لم يكن المصريون على علم مسبق بمن سيحكمهم لأربعة أعوام.

لم يكن هناك وريث عرش ملكي، ولا جنرال تجدّد له البيعة في استفتاءات تحمل الرقم السحري المحدّد مسبقاً بـ99%، بل رئيس من اختيارهم، وبمنافسة متكافئة نسبياً. لم يدم الأمر طويلاً، فالسنوات الأربع للرئيس المنتخب، اقتصرت على سنة واحدة لمحمد مرسي، عبث خلال فريقه السياسي ــ «الإخوان المسلمون» ــ بالحياة السياسية والاجتماعية، على النحو الذي دفع المصريين إلى التحرك مرّة جديدة، أملاً بالتغيير، سرعان ما راحت تتلاشى احتمالاته، بعودة البلاد إلى النقطة السابقة لـ«ثورة 25 يناير». وهو ما أظهرته تجربة انتخابات عام 2014، التي أتت بالمشير عبد الفتاح السيسي إلى قصر الاتحادية دونما منافسة فعلية، وهو سيناريو بات من شبه المحسوم تكراره في أواخر شهر آذار المقبل، حين ستكون الصناديق مجهّزة لاستقبال أوراق تصويت... لمرشح أوحد. برغم كل ذلك، ثمة من يأمل حصول معجزة لتغيير السيناريو الانتخابي المرسوم بدقّة، تارة بالرهان على ضوابط مستحيلة من شأنها أن تضمن منافسة معقولة يخوضها أحد المحتملين المعروفين أمام المشير؛ وطوراً بالرهان على خيارات خفية للمؤسسة العسكرية... كل ذلك من دون تلمّس الحدّ الفاصل بين الحلم والحقيقة!

سريعاً انطلقت حملات التأييد لترشيح عبد الفتاح السيسي لولاية رئاسية ثانية، وذلك برعاية برلمانية وجهات أمنية، في وقت التزم فيه باقي المرشحين المحتملين الصمت ولم تحرر سوى توكيلات قليلة لأي مرشح آخر.

مع فتح باب التوكيلات الشعبية لمرشحي انتخابات الرئاسة المصرية، لم تسجل مكاتب الشهر العقاري في مصر أمس عدداً يذكر للتوكيلات الشعبية المطلوبة، للمرشحين المحتملين، بخلاف الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي ضمن أكثر من ألفي توكيل في اليوم الأول، بالإضافة إلى توقيع 400 نائب برلماني على تأييد ترشحه، علماً بأنه لا يحتاج قانوناً أكثر من 20 توقيعاً برلمانياً لاعتماده مرشحاً لانتخابات الرئاسة المقررة في آذار المقبل.
نواب البرلمان، بمن فيهم بعض نواب المعارضة المشكلين لتكتل «25- 30»، تسابقوا على تأييد رئيس الجمهورية، فسارعوا إلى توقيع استمارة تزكيته، أو أعلنوا على الاقل تأييدهم له، باستثناءات قليلة، إما اختفت أو فضّلت الابتعاد عن الأضواء، مع تزايد الموقعين المطالبين بالسيسي رئيساً في الانتخابات المقبلة، ومن بينهم رئيس البرلمان علي عبد العال الذي مرّر أمس تمديد حالة الطوارئ لمدة ثلاثة أشهر جديدة، اعتباراً من منتصف الشهر الحالي، ما يعني أن الانتخابات ستُجرى في ظل حالة الطوارئ المفروضة استثنائياً، منذ العام الماضي، والتي تُجدَّد كل ثلاثة أشهر. وهو وضع يخشى كثيرون أن يؤثر بتحركات أيٍّ من المرشحين المحتملين الذين تضاءلت فرصهم.


وبخلاف ضغط الجدول الزمني، وإغلاق باب الترشح يوم 29 كانون الثاني الحالي، يبقى المشهد الأبرز، منذ إعلان مواعيد الانتخابات، هو غياب أية تعليقات واضحة من المرشحين المحتملين كخالد علي، ومحمد أنور السادات، وإن كان الأخير قد أعرب عن نيته إعلان موقفه النهائي من الانتخابات الرئاسة الأحد المقبل، فيما تتزايد الضغوط على خالد علي من قبل أصوات داعمة له، لمطالبته بعدم الدخول في السباق الانتخابي، في ظل الانحياز الواضح لأجهزة الدولة ولجنة الانتخابات لمصلحة السيسي.
وشهدت مكاتب الشهر العقاري، التي فتحت أبوابها لاستقبال المواطنين بغرض توثيق التوكيلات، مشاكل تقنية عديدة، فيما ظهرت توكيلات التأييد للسيسي سريعاً، في وقت بدأ فيه بعض رجال الأعمال بالاستعداد لحشد موظفيهم، من أجل تحرير مزيد من التوكيلات لمصلحة الرئيس خلال الأيام المقبلة.
وبموجب قانون الانتخابات الرئاسية، فإن السيسي، حال قبول أوراق ترشحه منفرداً، وحتى في حال استبعاد باقي المرشحين في مراحل الطعون المختلفة، سيكون في حاجة إلى تأييد نحو ثلاثة ملايين صوت على الأقل للفوز، أي ما يمثل 5 في المئة من إجمالي أصوات الناخبين خلال أيام الاقتراع الثلاثة. أما إذا قلّ عدد المصوّتين له عن هذه النسبة، فسيتعيّن على لجنة الانتخابات إعادة إجراء الانتخابات بشكل كامل.
يأتي ذلك في وقت أعلنت فيه الهيئة المشرفة على الانتخابات التزامها الحياد الكامل، بينما وجّه المجلس الأعلى للإعلام بضرورة التزام الحياد في المؤسسات الإعلامية المختلفة.
ولكن على أرض الواقع، تحوّلت الشاشات والصحف إلى منابر تعرض الإنجازات التي حققها السيسي في السنوات الأربع الماضية، وتطالبه بإعادة الترشح لاستكمال «مسيرة التنمية».
(الاخبار اللبنانية)