2024-11-27 05:56 م

نتنياهو يتخلّى نهائياً عن يهود أميركا الليبراليين

2017-12-23
حيمي شليف 
ألقى رئيس الحركة الاصلاحية ريك جايكوبس الاسبوع الماضي خطابا متميزا لم يحظ بالاهتمام الذي يستحقه. فقد سأل جايكوبس الستة آلاف مبعوث الذين وصلوا الى بوسطن للمشاركة في المؤتمر الذي يتم عقده كل سنتين للاصلاحيين، اذا كانت علاقاتهم مع اسرائيل قد كُسرت. وأجاب بالنفي، لكن سؤاله دوّى اكثر من اجابته. يعرف جايكوبس أن هناك ازمة عميقة في علاقة الاصلاحيين بشكل خاص واليهود الليبراليين بشكل عام مع اسرائيل ومع قيمها ومن يقف على رأسها، بنيامين نتنياهو. فسياسة نتنياهو وعلاقته بهم مزقت قلوب أميركيين كثيرين.
النتيجة هي اليأس والتشويش الذي لا مثيل له منذ سنوات، ربما منذ حرب  الايام الستة  ومنذ اقامة الدولة. اليهود الليبراليون لا يعرفون الموازنة بين اسرائيل العادلة والمتنورة نظريا وبين اسرائيل الاستيطانية والمتدينة عمليا. فهم غير مستعدين لمواجهة اسرائيل نتنياهو، التي تذكرهم باميركا دونالد ترامب، التي لا يتحملونها ايضا. وهم غير مستعدين لدفع ضريبة كلامية لرئيس الحكومة الذي عين نفسه زعيما للشعب اليهودي، الى حين تبين أن زعامته تقتصر على اليهود الذين يؤيدونه. وهم غير مستعدين للعفو عنه على السكين التي غرسها في ظهورهم من خلال الغائه لاتفاق  حائط المبكى  وعلى عدم بذل الجهود لانقاذ هذا الاتفاق، بعد أن ادرك شدة الضرر. وهم لم يعودوا مستعدين للدفاع عن اسرائيل دون الشعور بأنهم يكذبون على أنفسهم.
النتيجة هي أن اليهود الليبراليين، الذين يشكلون الاغلبية الساحقة من يهود اميركا، يفضلون الحديث عن أي موضوع في العالم باستثناء الحديث عن اسرائيل. فاسرائيل تثير عدم راحتهم. ويعتقد جايكوبس أنه يجب على حركته رفع راية الاخوة والمساواة والعدل، كي تعيد جذب الجيل الشاب اليها الذي ترك الطقوس اليهودية للآباء، وهو يحتقر سجودهم الاعمى لاسرائيل. هو وآخرون يعرفون أن بذل الجهد لجعل اسرائيل محبوبة من قبل أبناء جالياتهم، وهي الدولة التي يحكمها الحريديون والمستوطنون ورئيس حكومة ساخر، محكوم عليه بالفشل مسبقا.
الامر يتعلق بأحد أخطاء نتنياهو الكبيرة، لا سيما على خلفية فهمه الظاهري ليهود اميركا وتقديره لهم. لقد قرر نتنياهو وهو مجرور من أنفه من قبل سفير اسرائيل لليمين المتطرف والواهم، رون ديرمر، أنه في عهد ترامب يمكنه التنازل عن لوبي يهودي ليبرالي والاعتماد على الافنغلستيين وشلدون ادلسون. لقد تم اقتباس نتنياهو في  المصدر الاول  وهو يقول إن الاصلاحيين والمحافظين سيختفون بشكل تلقائي بعد جيل أو جيلين؛ أي أن الامر لا يستحق بذل الجهود لانقاذهم. هذا الامر يتعلق بموقف واضح مناهض للصهيونية واليهودية، والفظيع في هذا الموقف هو أنه غير مفاجئ.
ما الغريب في أن اليهود يشعرون الآن بأنهم متروكون ومعزلون؟ لقد تمت خيانتهم، اليمين صنفهم، ومع اليسار الاسرائيلي دائما كان يصعب عليهم ايجاد لغة مشتركة. اضافة الى الاحتلال الذي يعارضونه والديمقراطية الاسرائيلية التي يقلقون على حصانتها وحكم المتدينين الذي يشمئزون منه، فان يهود اميركا فزعون الآن من العلاقة الحميمية بين نتنياهو واسرائيليين آخرين وبين من يكرهون ترامب الذي يعتبر خطرا واضحا وفوريا على معتقداتهم وقيمهم. اذا كانت لترامب ونتنياهو قيم مشتركة، يقولون، فلا يجب أن يكون لنا أي دور معهم.
بعد عشرات السنين من دعم اسرائيل والايمان بها اكتشف يهود اميركا الليبراليون أن يهوديتهم المتنورة وقيمهم السامية ليس لها شريك في الجانب الاسرائيلي. إن اصلاح عالمهم يجب عليهم القيام به وحدهم.

هآرتس