2024-11-30 06:30 ص

الأسد في روسيا : بعد إنهاء الإرهاب... خطوة نحو «التسوية السياسية»

2017-11-22
تغيرات كثيرة طرأت في العامين اللذين فصلا بين زيارتي الرئيس السوري لروسيا، وكانت هزيمة «داعش» وسقوط رهان «إزاحة الأسد»، أبرزها. اليوم، تقود موسكو حراكاً منسقاً مع إيران وتركيا في سوتشي، وتوفد إلى الرياض مبعوثاً رفيعاً لضمان تحييد المعارضة «المتشددة» عن هيكل المعارضة الجديد، مراهنة على قبول دمشق بالمضي قدماً نحو حل سياسي يبدأ بـ«إصلاح دستوري»، وفق ما جرى التوافق عليه في بيان الرئيسين الأميركي والروسي المشترك الأخير

أعادت زيارة الرئيس السوري بشار الأسد، نظيره الروسي فلاديمير بوتين، أول من أمس في سوتشي، إلى الأذهان؛ زيارته الماضية قبل ما يزيد على عامين، والتي سبقت إعلان بدء التدخل العسكري الروسي لدعم الحكومة السورية. وكما مهدت الزيارة الأولى لدخول متغيّر جديد ساعد في تحول الواقع الميداني، تترافق الأخيرة مع خسارة «داعش» لجميع مدن «دولته» المفترضة، ومع جهود غير مسبوقة لإطلاق مسار سياسي ضمن الأطر الأممية، ويحظى بقبول نسبة كبيرة من الأطراف المعنية بالملف السوري.

الزيارة غير المتوقعة، جاءت متوافقة مع المنهج الروسي الذي يركز على «الشرعية الدولية» ومراعاة «سيادة» سوريا وحكومتها. فالقمة المرتقبة في سوتشي بين زعماء روسيا وإيران وتركيا، إلى جانب ما يجري الإعداد له في الرياض تحضيراً لمحادثات سوتشي وجنيف، سيقود الملف السوري إلى مرحلة مختلفة، تتطلب قبول دمشق بخوضها، بضمانات روسية. وهو قبول أُعلن مبدئياً لدى زيارة المبعوث الروسي ألكسندر لافرينتيف، لدمشق، وجرى تأكيده أمس خلال لقاء سوتشي.
وضمن اللقاء الذي امتد لأكثر من ثلاث ساعات، ناقش الرئيسان بوتين والأسد، تفاصيل «التسوية السياسية» التي يجري العمل عليها، كما النجاحات التي تحققت ضد الإرهاب. ووفق النص الذي نشره موقع الكرملين عن اللقاء، شدد بوتين على أنه «يجري العمل مع الشركاء في إيران وتركيا... كما نعمل بنشاط مع بلدان أخرى، منها العراق والولايات المتحدة ومصر والسعودية والأردن».

ولفت إلى أنه «بناءً على اجتماعنا، سأجري مشاورات مع زعماء تلك البلدان». وقال إنه يود أن يناقش مع الأسد «المبادئ الأساسية لتنظيم العملية السياسية، وعقد مؤتمر (شعوب سوريا)»، بدعم من الحكومة السورية. ولفت الأسد في معرض رده، إلى «النجاحات الكبيرة» التي تحققت «في ساحة المعركة أو سياسياً» منذ بدء العملية العسكرية الروسية، والتي «سمحت بالتوصل إلى تسوية سياسية». وأثنى على مساهمة روسيا في احترام سيادة سوريا واستقلالها، و«دفاعها عنها في مختلف المنابر الدولية، بما في ذلك عملية أستانا. وينطبق الشيء نفسه على خطط عقد مؤتمر (الحوار الوطني)». وكشف بوتين أن المبعوث الروسي لافرنتييف، سيحضر اجتماعات الرياض الخاصة بالمعارضة، التي تعقد بين 22 و24 تشرين الثاني الجاري. وأبدى الأسد اهتمام دمشق بتعزيز العملية السياسية، مؤكداً أنها تعتمد على «دعم روسيا لضمان عدم تدخل الجهات الخارجية في العملية السياسية». وأضاف القول: «نرحب بكل الراغبين حقاً في التوصل إلى تسوية سياسية، ونحن مستعدون لإجراء حوار معهم». وثمّن بوتين استعداد الأسد «للعمل مع جميع الذين يريدون السلام والاستقرار»، مؤكداً أن «عملنا المشترك لمكافحة الإرهابيين في سوريا، يقترب من نهايته».
والتقى الأسد وبوتين كبار القادة العسكريين الروس. وقال الرئيس الروسي إن «السيد الأسد قال لي اليوم خلال محادثاتنا إنه بفضل الجيش الروسي، أنقذت سوريا كدولة... وآمل أن نضع في المستقبل القريب النقطة الأخيرة في مكافحة الإرهاب في سوريا». وأشار الأسد إلى الدور الذي قامت به القوات الروسية... والإنجازات التي لا يمكن أحداً أن ينكرها»، مضيفاً أنه «بفضل نشاطكم مع الجيش السوري وحلفائنا، تمكن العديد من السوريين من العودة إلى ديارهم». وعقب الاجتماع اللافت بن الأسد وبوتين، تحدث الأخير هاتفياً مع كل من نظيره الأميركي دونالد ترامب، والملك السعودي سلمان بن عبد العزيز، والأمير القطري تميم بن حمد آل ثاني. ويتوقع أن يستكمل عدداً إضافياً من الاتصالات الهاتفية مع زعماء عدد من البلدان المعنية بالملف السوري.
الاجتماع المهم في مضمونه ورسائله، جاء في توقيت لافت، قبل يومين من اجتماع القمة المرتقب اليوم في سوتشي، وبعد يوم من انتهاء وزراء الخارجية، الروسي والإيراني والتركي، اجتماعهم في أنطاليا. كذلك تبعه أمس، لقاء بين رؤساء أركان البلدان الثلاثة «الضامنة»، في سوتشي أيضاً. واتفق المسؤولون العسكريون الثلاثة على زيادة مستوى التنسيق في منطقة خفض التصعيد في محافظة إدلب ومحيطها. ونقلت وكالة «نوفوستي» أن الاجتماع تطرق إلى اتخاذ خطوات «محددة» للقضاء على تنظيمي «داعش» و«جبهة النصرة». وقال المتحدث باسم الكرملين ديميتري بيسكوف في رده على سؤال عن دور الأسد في مستقبل سوريا، في أعقاب زيارة سوتشي، إن «دور الأسد أمر يعود للشعب السوري... وليس لروسيا أو غيرها رؤية حوله».
ومع إعلان موسكو حضور ممثل رفيع عنها في الرياض، شهد المحور المعارض انقسامات واسعة في كل من «هيئة التفاوض العليا» و«الائتلاف». ونقلت وكالة «رويترز» عن أحد أعضاء «الهيئة» المستقيلين، هو رياض نعسان آغا، قوله إن عمل «الهيئة» انتهى. وأضاف أنها تعرضت للتهميش ولم يتلقّ عدد كبير من أعضائها دعوات للمشاركة في مؤتمر الرياض الحالي. ولفت إلى أن «الروس عملياً هم مسؤولون عن قلب موازين المعادلة لكي تكون لمصلحة الأسد بدلاً من أن تكون ضده». وفي أول موقف روسي رسمي من «الاستقالات» التي طاولت «هيئة التفاوض العليا» المعارضة، قبيل اجتماع الرياض، المرتقب انطلاقه اليوم، أمل وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، في مؤتمر صحافي مع نظيره الأرميني أدوار نالبانديان، أن «يسمح رحيل المعارضين المتشددين بتكوين مجموعة متنوعة، تخرج بمواقف معقولة وواقعية وبناءة»، مشدداً على تأييد بلاده للجهود التي تبذلها السعودية في هذا الاتجاه.
(الأخبار) اللبنانية