انضمت السعودية بقوة الى المعسكر الصهيوني في سياسة دفع قيادة الاردن للتموضع بين خيارين، إما ترك موقعه ودوره التقليدي على صعيد القضية الفلسطينيةوالصراع العربي الاسرائيلي والاستسلام الكامل طوعا، وإما الاصطفاف مع المعسكر الايراني المستهدف ليبدأ استهداف الاردن كدوله . وفي كلا الحالتين نفهم بأن هناك قرارا بانتهاء دور السياسة الاردنية وبعزل النظام الهاشمي، لكن الأعوص هو أن الأردن بنظامه الذي ما غرد خارج السرب بل طرد منه، أصبح ايضا خارج نطاق التجاذبات الاقليمية والدولية، وحتى سوريا ليست مهتمة بجذبه. نحن في هذه المرحله في غنى عن القول أن السياسة الاردنية فاشلة وفشلت في الملفات الداخلية والخارجية . وأن الدبلوماسية الأردنيه فاشله وفشلت في الحفاظ على مكانة الاردن الطبيعية والحيوية على صعيد الحراك المستجد على ملف القضية الفلسطينيه . والأهم هو فشل النظام في ترتيب اولوياته عندما جعل وما زال يجعل من البحث عن المال فتاتا بمختلف الطرق هدفا وحبدا له، بلغ مسامع دول العالم حتى باتت لا ترى في الاردن الا متسول أو بائع مواقف ” على الدفتر “لا صاحب قضيه ومبادئ، أقول أن النظام عندما جعل من ذلك اولية وترك التحدي السياسي لبلد هو الوحيد في العالم مستهدف كيانه، ومستهدفة ارضه كوسيلة لتصفية أقدس قضية، فإنما هو قد ارتكب ويرتكب خطأ استراتيجا وأعطى رسائل خاطئة ومدمره. لكن ما لم يحسب حسابه أبطال التحالف الثلاثه، ترمب – نتنياهو- والأمير، هو أن الأردن بشعبه وكائنا من كان يتربع على عرشه، هو الدولة العظمى عندما يتعلق الأمر بأية تسوية أو تصفية للقضيه الفلسطينية . وهو القادر يسلوكه وقراره أن يفرض نفسه وارادته، ويرفض ويُفْشل كل ما يحاك من ورائهأو من أمامه، فشعب الأردن سواء من غربي او شرقي النهر كان،هو صاحب القضية والمصلحة ولا يمكن تجاوزه . وإن من يختطف مكانه اومكانته هو متطفل على حقوق الاردنيين والفلسطينيين وعلى حق الشعب العربي بالمجمل . وإن خمسة عشر مليون فلسطيني في الداخل والشتات يملكون مع الاردنيين قضية واحدة عصية على اختطافها وبيعها من قبل حكام خونة او طامعين أجانب. الصورة الأن أمامنا تقول إن المؤامره مختمرة على القضية الفلسطينية والاردن، من خلال صفقة تتجاوز الشرعية الدولية وحل الدولتين وقبلها المبادره العربيه، وتتجاوز الحقوق الفلسطينية ومكونات القضية الرئيسية بما فيها اللاجئين والقدس والسياده، والخيار الاردني هو المحصله المطلوبة صهيونيا، والأردن مُغيب ورده هو الصمت دون حراك ويبدو لهم بأنه صمت العاجز محصلته الاستسلام . أما لنا فإن استمرار سياسة الملك بإعفاء الفعل من ردة الفعل يعطي رسالة عجز خاطئة تشجع على التمادي وصولا لعواقب وخيمة. ماذا عسى النظام الأردني فاعلا فيما يواجهه، فنحن لا نعتبر استمرار صمته كافيا للدلالة على أنه استجابة لخيار الاستسلام. أما لجوءه للخيار الثاني المتمثل بالاستجابة لدفعه الى الاصطفاف مع المعسكر الايراني المستهدف، فقد أصبح شركا بل وطريقا مسدودا . فعلاوة على أن غاية هذا الخيار واضحة في جر الاردن دولة وقيادة للاستهداف المباشر كهدف سهل ومطلوب، فإنه خيار يجيء متأخرا بتوقيته وسيكون الأردن فيه بمثابة ال “دو” في ورق اللعب بعد أن كان سيكون ” قص ” قبل التطورات الاخيرة . فالأردن الان نظامه بلا وزن سياسي، ويمثل عبئا على أي حليف . ولا حماية له من دولة او معسكر إن طلبها ستكون على قاعدة استراتيجية. المنطق التاريخي والعلمي يقول أن الجبهة الداخلية عندما تكون متماسكهفلن تستطيع القوة الغاشمة عسكرية كانت او سياسية كسر ارادة الشعب ولا تمرير مخططات العدو . والحاكم في المحصلة لا يحميه إلا شعبه ولا يُبتز الا بعزلة شعبه عنه، والاوطان لا يحميها الا شعوب متماسكه .إلا أن الجبهة الداخلية في الاردن وفي فلسطين مفككة، وسياسة النظامين هو العامل الرئيسي في ذلك . والعمل جار على ايقاع الفرقة بين النظامين. الطريق المستقيم واضح أمام القيادتين الاردنية والفلسطينية . إنه طريق التكامل في المواجهة المستنده على أساس فعال . وهذا لا يكون الا بالعودة للخيارات الشعبية الوطنيه وهي واضحة على الساحة الفلسطينية، قوامها الرفض السياسي لاختطاف القضية وبيعها، والعودة لمربع ما قبل اوسلو واعتماد نهج المقاومة . أما في الاردن فليس أمامه الا النهج السياسي الثالث الذي يلتقي فيه الملك مع الشعب وقراره الوطني . * النظام الاردني الذي يتابع كوشنر وهو يتنقل بملف الصفقة بين دول المنطقه ولا يرى اردن من حوله، أمامه اليوم وقتا ينقلب فيه على كل من انقلبوا عليه وسنوا سيوفهم لذبحه وذبح الاردن والقضية، ولديه الامكانيات المحلية والحاضنة الوطنيه لذلك، فالكل في الاردن في مأزق، وإن رفعنا المظلات فوق رؤوسنا في بلادنا عندما تمطر في عواصمهم عهد انتهى . والملك مطالب اليوم بإنهاء كل مسلسلات الهروب والإلهاء والتفرد والتهميش، ولا مناص من المباشرة بإعادة ترتيب البيت الاردني السياسي على اسس وطنية تبدأ بتشكيل خلية ازمة لحاضر ومستقبل الأردن، ينبثق عنها نهج جديد وطني يكون الشعب فيه سياج الحماية، فجيوشنا اليوم ليست مؤهلة الا لصنع الهزيمة وتقنينها سياسيا.
كاتب عربي