يبدو أن هناك إجماعًا عامًا في واشنطن على أن حملة التطهير التي ينفذها ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، على أمراء ورجال أعمال – بما فيهم الأكثرهم ثراءً، رجل الأعمال والأمير الوليد بن طلال – تأتي مدفوعةً بعزمه على تثبيت سلطاته، قبل أن يغادر والده الملك سلمان المشهد.
إنه يشبه في ذلك أدونيا، الذي كان يلعب دور الملك بينما ما زال والده داوود حيًا. ومثل أدونيا، صنع محمد بن سلمان مجموعة من أقوى الخصوم بفضل ممارساته. ولكن على عكس ذاك الرمز الإنجيلي، يمتلك بن سلمان دعم والده وقد رعى ووفر له مهمة اعتقال أي شخص قد يهدد وصوله لمقصده.
كان صهر رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب ومستشاره الخاص، جاريد كوشنر، في الرياض مؤخرًا مرة أخرى. كانت هذه زيارته الثالثة للسعودية خلال تولي ترامب للرئاسة. كما التقى بولي العهد محمد بن سلمان مرةً أخرى، والذي يبدو أنه قد أسس معه علاقة شخصية وثيقة. لذا ينبغي ألا نتفاجأ من أن ترامب، الذي يشارك كراهية ولي العهد لإيران، قد علق مؤيدًا على التطورات الأخيرة الجارية في الرياض.
لقد قيل مسبقًا أن دونالد ترامب قد قوَّض مصداقية أميركا مع حلفائها. وهذا هو الحال مع أوروبا، وربما بعض أجزاء آسيا، باستثناء اليابان أو الهند.
ولكن الأمر يختلف مع الشرق الأوسط. تنبع التوترات مع تركيا ومصر بشكل أساسي من مجلس الشيوخ الأميركي، لا من البيت الأبيض. لقد تحسنت العلاقات مع إسرائيل أكثر مما كانت عليه في أيام الرئيس السابق، باراك أوباما. ويمكن أن يقال الشيء نفسه عن علاقات الولايات المتحدة مع كل من السعودية والإمارات أو البحرين والمغرب. فالدافع الذي يوحدهم جميعًا هو إيران، والتي تلقَّى مصدر دعمها لحالة عدم الاستقرار في المنطقة لضربة مالية من خطة العمل الشاملة والمشتركة، وهي اتفاقية إيران النووية.
قد يكون ولي العهد محمد بن سلمان إصلاحيًا حقيقيًا أو لا يكون، فسجله في هذا الموضوع لم يكتمل بعد. ولكنه عازم على وقف توسع التأثير الإيراني، التي بدأت تُظهر فكرة الهلال الشيعي الذي سبق أن حذر منها ملك الأردن عبد الله الثاني، قبل عقد من الزمان. يدرك ولي العهد أن أسوأ كابوس لبلاده يتشكل ببطء أمامه، فإيران تزود الثوار الحوثيين بالسلاح من جنوبها وتسيطر على جارتها العراق من الشمال.
كما تحرِّض على عدم الاستقرار في البحرين وقد تُحدث ذات الأمر مع حلفائها في المنطقة الشرقية من السعودية. وإذا لم يكن ذلك كافيًا، فقد ترسخ تأثير إيران في دمشق وبيروت. لهذا السبب تحديدًا أجبر السعوديون حليفهم سعد الحريري، رئيس الوزراء اللبناني، على الاستقالة من منصبه خلال زيارة للمملكة.
لسنا متأكدون مما إذا كان محمد بن سلمان قد زار تل أبيب مؤخرًا، حيث تقع وزارة الدفاع الإسرائيلية. ولكن حتى لو لم ينزل هناك، فما من شك من أنه دخل بعلاقات أكثر قوة مع الإسرائيليين، الذي ينظرون إلى إيران كمصدر تهديد مثلما يراها هو.
ولم يتحدث جاريد كوشنر مع ولي العهد فقط، فقد أعطى ترامب صهره القيادة الكاملة لعملية السلام بين إسرائيل والعرب، فهو يحل باستمرار كضيفٍ في مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو.
إذا أخذنا دور كوشنر في عين الاعتبار، هل تحدث ولي العهد محمد بن سلمان عن خططه عندما التقى به كوشنر؟ وإذا حدث ذلك، إلى أي مدى ستعمل واشنطن، أو البيت الأبيض إذا أردنا الدقة، على دعم السعوديين إذا ما اشتعل صراعهم مع إيران؟ أو هل ستعمل إسرائيل كوكيل لترامب؟ مع هذا الرئيس، وولي العهد هذا، ومع رئيس الحكومة الإسرائيلية الحالي، كل شي ممكن.