2024-11-30 04:43 ص

«حماس ومحور المقاومة»: منه بدأت وإليه تعود!

2017-11-03
بعدما رأى العدو الإسرائيلي في زيارة وفد من «حماس» لإيران ردّاً على اشتراطه قطع الحركة علاقتها بطهران، واستغلّ ذلك للتصعيد، أعلن «محور المقاومة» عبر أكثر من طريقة استعادة حيويته بعدما أعادت أطرافه ترتيب أولوياتها وطبيعة العلاقات بينها. وعدا خطوة وحيدة، هي إعادة العلاقة الحمساوية ــ السورية، يمكن القول إن المحور... قد عاد
انتهت الجولات السياسية على خط بيروت ــ طهران بعد أكثر من عامين في تقريب وجهات النظر إلى ما يمكن تسميته إعادة تعزيز «محور المقاومة»، ولا سيما مع توطيد حضور «حركة المقاومة الإسلامية ــ حماس» فيه، فيما بقيت الخطوة الأخيرة هي إعادة علاقة الحركة بدمشق، ليكتمل بذلك أركان المحور كما كانت تراه إسرائيل سابقاً: طهران ــ دمشق ــ بيروت... غزة.

صحيح أن العلاقة لم تنقطع، تحديداً بين حزب الله و«حماس» من جهة، والإيرانيين والحركة من جهة أخرى، لكنها مرّت بمراحل من الفتور، تدخّلت أكثر من جهة (منها «الجهاد الإسلامي» وفصائل أخرى) لإبقائها في حدّها الأدنى آنذاك، علماً بأن مكاتب قادة «حماس» لم تفرغ للحظة في الضاحية الجنوبية أو طهران، فضلاً عن الرسائل التي كان يجري تبادلها.
مع ذلك، بقيت غالبية الاتصالات والاجتماعات دون تسليط الضوء عليها إعلامياً، وأحياناً في حدّها الأدنى، ومنها مثلاً ما كُشف عنه في برقيات التعازي المتبادلة بين الحزب و«حماس» خلال السنوات الثلاث الماضية، بشهداء كل منهما. أما الضخّ الإعلامي الذي جرى أمس على صعيد الاتصالات واللقاءات، فكان أقرب ما يكون إلى إعلان إعادة العلاقة كما كانت عليه وترميمها، وفي الوقت نفسه جاء كرسالة مقصودة إلى أطراف عدة في المنطقة والعالم.
وبجانب أكثر من إطلالة إعلامية لرئيس المكتب السياسي لحركة «حماس»، إسماعيل هنية، تحدث فيها مباشرة في غزة أو بالتسجيل في بيروت، إلى جانب اتصالات هاتفية، نشط خطّ بيروت ــ غزة على أكثر من صعيد خلال اليومين الماضيين. إذ اتصل الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، بهنية، أمس، معزياً بشهداء المقاومة في الأنفاق، ومؤكداً وقوف الحزب إلى جانب المقاومة الفلسطينية. وقال نصر الله لهنية في الاتصال: «حزنكم حزننا، وفرحكم فرحنا، ونصركم نصرنا»، فيما ردّ عليه الأخير بتعبيره عن شكره للاتصال... «وما يحمله من عميق الأثر في العلاقة القوية بين قوى المقاومة ومستقبل هذه العلاقة وأثرها في تعزيز جبهة الصمود والمقاومة في المنطقة».
كذلك، اتصل نصر الله بالأمين العام لحركة «الجهاد الإسلامي» رمضان شلّح، مستنكراً «العدوان السافر»، في إشارة إلى القصف الإسرائيلي الذي استهدف مقاومين تابعين للحركة في أحد الأنفاق. وأشاد الأمين العام للحزب بـ«تضحيات وصمود المقاومين في غزة، وخصوصاً الإخوة المجاهدين في الجهاد الاسلامي». وأكد نصر الله لشلّح «وقوف وتضامن حزب الله والمقاومة الإسلامية في لبنان معكم في معركة المصير الواحد والقضية الواحدة».
لكن الحدث الأبرز، الذي سلط عليه الضوء أمس، كان استقبال نصر الله لنائب رئيس المكتب السياسي لـ«حماس»، صالح العاروري، في بيروت، حيث استعرضا في الاجتماع الأوضاع المستجدة في غزة وتطوراتها، كما تطرقا إلى المصالحة الفلسطينية وأوضاع المنطقة. ووفق بيان رسمي، أكد الطرفان «التلاقي بين حركات المقاومة والتلاحم والتضامن في وجه الاعتداءات الصهيوينة وكل ما يخطط له من استهداف لحركات المقاومة في منطقتنا».
ومنذ انتقال العاروري من تركيا وقطر ليستقرّ في لبنان، تتابع إسرائيل، كما تعبّر وسائل الإعلام فيها، «بقلق بالغ»، نشاطاته، إذ إن اسمه لا يمر مروراً سريعاً في الإعلام الإسرائيلي، أو من دون التذكير بكونه الرجل الثاني في الحركة، وأنه المسؤول عن إدارة العمليات في الضفة المحتلة. هذا القلق لا ينبع من كونه قيادياً محورياً في الحركة فقط، بل ينظر الإسرائيليون إليه على أنه مصمّم على المضيّ في ترميم جسر العلاقات مع محور المقاومة. لذلك، رأوا في لقائه نصر الله «تعزيزاً لقوة محور الإرهاب، وترجمة عينية لإعادة العلاقات إلى مجراها الطبيعي».
وسائل الإعلام العبرية، التي نقلت مجريات اللقاء عن قناتي «المنار» و«الميادين»، قالت إن الاجتماع «استثنائي والأول من نوعه بين قيادي حمساوي ونصر الله منذ بدء الخلاف إبان الحرب في سوريا»، علماً بأن اللقاء لم يكن الأول حتى قبل تولّي العاروري منصبه الحديث في الحركة، لكنه الوحيد الذي أُعلن رسمياً. ورغم أن إعلام العدو رأى أن الاجتماع «لم يجرِ إلا بضوء أخضر من القيادة الإيرانية»، نظراً إلى ترؤس العاروري أكثر من وفد لزيارة طهران أخيراً، تشرح مصادر لـ«الأخبار» أن «مسألة إعادة العلاقات وترميمها... كانت مطروحة حتى في ولاية خالد مشعل، لكنه تقرر تأجيل معالجة الموضوع إلى حين ظهور نتائج الانتخابات الداخلية، واختيار قياديين لا يثيرون حساسية لدى طهران».
وترى مصادر قريبة من المقاومة أن جملة الترتيبات الأخيرة لعلاقات «حماس» كانت مقررة منذ مدة، لكن الأحداث الأخيرة بما فيها الأزمة الخليجية والتعاطي السعودي السلبي مع الحركة اختصرت الطريق على نقاشات داخلية كثيرة. وينقلون أيضاً أن العلاقة مع مصر لن تشكل في حال من الأحوال عائقاً أمام تحسين العلاقة بـ«محور المقاومة»، ولا الأخير أيضاً يتحفظ على علاقة «حماس» بالقاهرة، بل يحثّ على تحسينها بالقدر الممكن.
أيضاً، تنقل تلك المصادر أنه منذ اللحظة الأولى لانتخاب يحيى السنوار رئيساً للحركة في غزة، ثم هنية لرئاسة المكتب السياسي والعاروري لنيابته، رأى الإيرانيون في ذلك «إنجازاً يُسجّل لهم... بعد سنوات من محاولة الحفاظ على التوازن في العلاقة، بحيث لا تتصدّع حماس من الداخل بسبب الخلاف في وجهات النظر بعد سقوط (جماعة) الإخوان المسلمين، وبحيث يمكن إقناع دمشق بإعادة العلاقة على أسس جديدة وقوية».
وفعلاً، قطعت «حماس» شوطاً في خفض مستوى الاحتقان تحديداً في الشارع الغزي، وتقرر ضبط التحريض الطائفي على صعد إعلامية ودينية كثيرة خلال الشهور الماضية، إضافة إلى أنها بقيت حريصة على إطلاع الإيرانيين على مجمل تحركاتها في المدة الأخيرة، وحتى عندما قررت تعديل وثيقتها السياسية، إذ أطلعتهم عليها وأخذت بتعديلاتهم. كذلك إن إتمام المصالحة وعودة الحركة إلى «دكّة المعارضة» بما يعفيها من أزمات كثيرة وتحميلها مسؤولية الوضع المعيشي لمليوني غزي، يساعدان على حصر الدعم المقبل في مجالات محدودة وبعيداً عن الإشكالات السياسية الفلسطينية الداخلية، خاصة أن السلطة الفلسطينية كانت ترى في «محور المقاومة» طرفاً شريكاً في الانقسام بسبب دعمه المتواصل لـ«حماس».
إلى ذلك، أفادت مصادر لـصحيفة «الأخبار» أن الاحتلال رفض طلباً فلسطينياً قدّم إلى مؤسسات دولية للدخول والبحث عن مفقودي النفق، الذي قصفه العدو منذ أيام، من جهة الأراضي المحتلة.