كما حدث مع الزميل ناهض حتر، حينما أذعن النظام الأردني للتحريض عليه وتركه بلا حماية حتى قُتل أمام القصر العدلي، ها هو يستجيب لمنشورات تحريضية ضد الشهيد أبو علي مصطفى، ويقرر للمرة الأولى منذ نحو 15 عاماً أن يمنع إقامة حفل تأبيني في ذكرى اغتياله على يد العدو الإسرائيلي
أبلغ محافظ العاصمة الأردنية، عمان، الأمين العام لـ«حزب الوحدة الشعبية الديموقراطي»، المرخّص رسمياً، قراره رفض الموافقة على إقامة مهرجان تأبين للشهيد أبو علي مصطفى، الأمين العام السابق لـ«الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين»، الذي اغتالته قوات العدو الإسرائيلي في رام الله في السابع والعشرين من آب 2001.
يأتي هذا المنع عقب حملة ضد شخص مصطفى على مواقع التواصل الاجتماعي وبعض المواقع الإلكترونية، إذ علت أصوات وصفت الشهيد بـ«القاتل المأجور»، مشبهة إياه بـ«أبو مصعب الزرقاوي» (مسؤول تنظيم «القاعدة» في العراق)، وذلك مع اجترار الحديث عن أحداث ما يسمى أيلول الأسود، والاقتتال بين فصائل المقاومة الفلسطينية والجيش الأردني، الذي انتهى بخروج المقاومة من الأردن إلى لبنان.
الأمين العام لـ«الوحدة الشعبية»، سعيد ذياب، قال إنه تلقى قرار الرفض خلال لقاء مع محافظ عمّان سعد الشهاب، بحضور ممثلين عن الأجهزة الأمنية، علماً بأن الحزب يحيي بصورة سنوية هذه الذكرى، فضلاً عن وجود مشاركة رسمية في بعض مناسبات الإحياء. كما أن الحكومة كانت قد أصدرت بيان استنكار لاغتيال مصطفى في 2001.
ويرى ذياب، في حديث إلى «الأخبار»، أن هذا المنع «مخالف لقانون الأحزاب»، وأن هذه الحملة على الشهيد «معيبة»، مشيراً إلى أنهم بانتظار عقد اجتماع للمكتب السياسي لبت موضوع التأبين. كما صدر تصريح صحافي عن الحزب ذكر أن «الفعالية كان من المقرر أن تقام في مقر الحزب، وبذلك هي لا تحتاج إلى موافقة أو إشعار»، مضيفاً: «نستغرب من التناغم الرسمي مع الحملة المسعورة التي تستهدف الحزب وأحد رموز النضال الوطني الفلسطيني والقومي العربي».
وعملياً، بدأت الحملة ضد الشهيد أبو علي مصطفى بمنشورات تحريضية أطلقتها الإعلامية ديما فرّاج، وهي زوجة الطبيب الشخصي للملك عبدالله الثاني، وتبعها في ذلك عدد من الشخصيات الحزبية والعشائرية. لكن، حتى كتابة التقرير، لم يلغِ حزب «الوحدة» مهرجان التأبين المنوي عقده في السابع من الشهر الجاري، مع أن ذياب قال إن قرارهم النهائي سيكون «متناسباً مع المصلحة الوطنية». ويتزامن هذا المنع مع الرفض للمرة الثانية على التوالي إقامة تأبين للزميل الشهيد ناهض حتر (اغتيل في 25 أيلول الماضي) بعد تقدم عائلته بصورة رسمية بطلب في هذا الشأن، علماً بأنه قبل أيام تقرّر حذف حتر من بين أسماء الشهداء الأردنيين الذين تكرّمهم مدينة فحيص، مسقط رأسه. على وجه آخر، كان يُسمح بفتح بيوت لقتلى الجماعات التكفيرية من الأردنيين في كل من سوريا والعراق، وعلى رأسهم الزرقاوي.
في المقابل، قالت الصحافية والكاتبة المعارضة لميس أندوني، إن «الحملة المريبة ضد الشهيد أبو علي مصطفى تسيء إلى الأردن كما تسيء إلى النضال الفلسطيني، ولوهلة شعرت بأن الكلمات التي تصف الشهيد بالقاتل هي ترجمة لمقال قبيح في الصحافة الصهيونية». وأضاف: «من يشن حملة ضد فعالية تأبين قائد مناضل في ذكرى استشهاده يهدف إلى تجريم المقاومة وتثبيت الدعاية الصهيونية، أو إلى بث الفرقة والكراهية داخل الأردن».
وهذا المنع لمهرجان التأبين هو الأول من نوعه، فحتى في ذروة التحركات الشعبية المعارضة خلال ما سمي الحراك الأردني لم يمنع تأبين أبو علي مصطفى، فيما يتزامن الآن مع الحملة المتصاعدة بشأن التخويف من مشروع «الوطن البديل»، كما يترافق مع التسريبات الأخيرة لقانون الضريبة الذي سيمس شريحة كبيرة من المواطنين، والذي من المقرر أن يخرج للعلن بعد إجازة عيد الأضحى، فقد جرت العادة على إشغال الرأي العام بقضايا جانبية كلما كانت الدولة على وشك أن تتخذ قرارات مفصلية.
ومن الجدير بالذكر أنه في الوقت الذي تمنع فيه السلطات الأردنية مهرجاناً لتأبين قائد وطني فلسطيني، لم تحدث حتى الآن أي تطورات في قضية حارس الأمن الإسرائيلي الذي قتل مواطنين أردنيين قبل نحو 40 يوماً وخرج من عمان محتمياً بالبروتوكولات الدبلوماسية.
المصدر/ الاخبار اللبنانية