بقلم: نارام سرجون
سبحان مغير الأحوال .. فبالأمس أراد رياض الشقفة أن يقصم ظهر الهلال الشيعي كأوراق اعتماد لخدمة الغرب واسرائيل فاذا بظهر الاخوان المسلمين يقصم في كل المنطقة .. وبالأمس كان داعش يتمدد فاذا بنا نرى اليوم أن الجيش السوري هو الذي يتمدد وتذوب أمامه قلعة داعش الرملية التي ضربها موج البحر والمد العسكري لبحر الجيش السوري بعد أن ظنت قلعة داعش أنها ستبقى ..
سيحار الكثيرون اليوم وهم يحاولون أن يخمنوا من هي أكثر القلوب انفطارا على داعش .. فليس الدواعش هم من يبكون أمارتهم ودولتهم .. بل ان من يبكي داعش هذه الايام كثر جدا .. ولكن اكثرهم حزنا على داعش هم أولئك الذين ساروا في ركب مايسمى بالثورة السورية أي الغرب وتركيا واسرائيل ودول النفط المحتلة .. لأن داعش هي العمود الفقري الذي حمل على عاتقه مهمة تدمير كل الأعمدة التي قام عليها الوطن السوري الذي عشنا فيه كجيل منذ الاستقلال .. فهو أراد تدمير عصر القومية وعصر اليقظة والاستقلال وتدمير الهوية والثقافة وحصرها في كتب ابن تيمية ومحمد بن عبد الوهاب .. وكان يشكل القفاز القذر الذي ترتديه الثورة السورية .. وبدا من الواضح أن القوى الاقليمية تنتظر أن ينهك داعش الجيش السوري ويشتته شرقا وشمالا لتنهار البلاد بسرعة فتقوم الثورة بمسرحية طلب التدخل من تركيا والدول الصديقة لهزيمة داعش المتطرف .. ويتم تدوير الدواعش من جديد بعمل تمثيلية عسكرية واعادة انتاجهم سياسيا في قوى جديدة رديفة للثورة أو بالأحرى اعادتهم وامتصاصهم من جديد الى صفوف الثورة التي انشقوا عنها .. وتتسلم القوى الجديدة مفاصل البلاد كلها وتقوم بعملية تقسيم الحصص والجغرافيا مع الدول الصديقة .. ويمسك كل زعيم بقطعة لحم كبيرة من جسد سورية .. ويمضي به في حال سبيله الى أقدار جديدة لتلك القطعة .. وظهور كيانات جديدة ..
اليوم سقط العمود الفقري للثورة السورية واذا أردتم البحث عن رأس الثورة السورية فانه اليوم تحت حد المقصلة .. بين دير الزور والرقة .. أما ادلب وأخواتها فانها الجسد الذي فقد عموده الفقري وبقي من غير رأس .. فماذا تساوي الثورة من غير دواعشها الذين كانوا يمنعون الجيش السوري من تحرير حلب وادلب وهم يضربون خواصره ويطعنونه في الظهر كلما التفت الى مدينة تحتلها النصرة وغيرها ..
رأس داعش تحت المقصلة ومنظر الدواعش اليوم لم يعد يثير الخوف بأقنعتهم السوداء بل يثير السخرية وهم يهرولون عراة ويستجدون الرحمة ويتنكرون بأزياء النساء ويرتدون رافعات النهود ويتحدثون باصوات أنثوية رفيعة من تحت النقاب .. وتخلوا عن رجولتهم وعن فحولتهم من أجل (البقاء) وليس من أجل الدولة التي كانت باقية وتتمدد .. وأكثر مايلفت النظر هو محاولة اعلام الثورة السورية المراوغ الآن واعلامه الخليجي الرديف ايقاف المطحنة التي تطحن داعش بادعاء الحرص على حماية المدنيين الذين تحت حكم داعش وتطلب في حملات اعلامية الضغط لايقاف (المجزرة) بحق هؤلاء المدنيين على أمل أن أحدا قد يتحرك وينقذ رأس داعش بذريعة المدنيين كما حدث في حمللة (حلب تحترق) .. فيما خرست هذه الأصوات يوم كان داعش يذبح المدنيين ويقصفهم لانهم تحت حكم النظام حيث سقط واجب الدفاع عنهم حسب منطق الثورة التي غطت على داعش قباحاته وفظاعاته بحق الموالين والوطنيين بل وتشفت بقتلهم على يد الدواعش ..
من بعيد تقف الدشاديش السعودية والخليجية والطرابيش التركية والقبعات الامريكية والقلنسوات اليهودية ترمق بعجز نهاية الحلم الداعشي الذي يسحق رأسه في شرق سورية .. وطبعا صار الجميع على يقين من أن المكتوب لم يعد يمكن ايقافه حيث سينهار جسد الثورة في ادلب بعد سقوط داعش شرقا لأن أكبر كتلة للجيش السوري بعد ذلك ستتحرر حيث ستتجمع كل النيران - بعد تحرير المنطقة الشرقية - في ادلب ولن ينقذ الجولاني قوة على الأرض ولو اجتمع الكون كله لانقاذه وسيكون خروجه باشراف تركيا في باصات خضراء .. خاصة أن تركيا مستعدة لأن تخلع ثيابها وتسير عارية في طرقت الشرق الاوسط من أجل أن تسقط الكيان الكردي .. ولو تمكن اردوغان من ان يخلع ثيابه ويرتدي زي النساء ورافعات النهود كما يفعل أمراء داعش للخروج من سورية واقفال الملف الكردي فلن يتردد ..
فاستعدوا في دير الزور قريبا لتشاهدوا رأس الثورة تدوسه سلاسل الدبابات السورية التي تقترب من المدينة وتنهي مأساتها .. وهي المدينة التي حطمت غرور داعش وخيبت آمال الثورجيين في أنها لم تستسلم لداعش ولامن يقف وراء داعش .. وستشهد احتفال النصر قريبا ..
وأجمل ماسيقوله أبو محمد الجولاني هذه الأيام هو: انني أكلت يوم اكل الثور الأسود .. فالجولاني بعمامته البيضاء هو الثور الأبيض .. والبغدادي بعمامته السوداء هو الثور الأسود .. وللمفارقة فان قصة (أكلت يوم أكل الثور الأسود) تتحدث عن اسد ياكل ثيرانا ثلاثة .. فهل تعلمون من هو الثور الثالث الذي سيلتهمه أسد الشرق الاوسط ؟؟؟ انها مفاجأة عام 2018 .. وسنتركها الى يوم الحدث ..