بات تنظيم داعش يفقد معنوياته بعد خسارته في سورية والعراق ويقوم بعمليات قتالية وهجمات معاكسة لإعادة السيطرة عليها او على القرى والمناطق المحاذية لها غير ان جميع محاولاته باءت بالفشل، فلم تعد قدرات هذا التنظيم كالسابق فهو يتكبد الخسائر الفادحة بالأرواح والمعدات، لأن الجيش السوري يمضي فى معارك ضارية لتطهير سورية من جيوب الإرهاب، وقد زادت ثقتي أكثر بأن سورية ستقود المنطقة في المستقبل عندما دعيت لإلقاء مجموعة من المحاضرات في بعض المؤتمرات والورش ورأيت أننا نملك جيشاً قوي الإرادة ويتمتع بقدرات قتالية عالية لدحر الإرهاب وإجتثاثه، لذلك فإن المنطقة اليوم تدخل في مرحلة جديدة سيكون عنوانها التغيير، وسينتج عنها إستعادة دمشق ومحورها المقاوم دورهما لتطهير الأرض من القوى المتطرفة والدخيلة على وطننا الكبير " سورية".
لقد ظن الغرب وحلفاؤه من الدول العربية إن الجيش السوري غير قادرعلى طرد وسحق تنظيمهم الإرهابي الذي جاؤوا به، والكل يعلم ان سورية هي التحدي الأبرز في إستراتيجية أمريكا، وفي ضوء هذا الواقع، أن المعركة البائسة لإسقاط الدولة السورية لم يكتب لها النجاح، ولم يعد وارداً لدى دول المنطقة التغاضي عن أهمية دور الجيش السوري بالتصدي لظاهرة الإرهاب، وإنطلاقاً من ذلك، إن الإنتصارات التي حققها الجيش، قلبت الطاولة على الغرب وأدواته بما عليها من إستراتيجيات ومخططات، رغم التكاليف الباهظة التي أنفقتها هذه الدول لتركيع الشعب السوري، إلاّ أنها باءت بالفشل الذريع أمام صمود وصلابة هذا الشعب، ليس هذا فحسب، بل زاد تماسكاً وتلاحماً في مواجهة هذه الهجمة.
في هذا السياق تتفق معظم التحليلات السياسية على أن معركة الرقة في سورية هي نقطة تحول في مسار تنظيم داعش ، ومع اقتراب النهاية لهذا التنظيم يتصاعد التساؤل بشأن مصير مسلحي داعش، لذلك فأن أمام عناصر داعش عدة سيناريوهات، أحد الخيارات المطروحة له ، بعد معركة الرقة التي سيحقق فيها الجيش السوري وحلفاؤه النصر، الانسحاب من الرقة والعودة من حيث أتى، أي العودة إلى بلدانهم التي انطلقوا منها، حيث كشفت منظمة الأمم المتحدة عن تزايد عدد الأجانب فى صفوف تنظيم داعش الذين يغادرون مناطق النزاعات فى سورية والعراق، وقالت المنظمة فى تقرير لها إن أكثر من30 % من المسلحين الأجانب فى صفوف داعش عادوا إلى بلدانهم، أما السيناريو الأخر هو التوجه إلى المنطقة المغاربية كون هذه المنطقة تعيش في أسوأ مراحلها الأمنية، فعدم السيطرة الأمنية على الوضع بليبيا وتدفق الأسلحة من ليبيا إلى تونس والجزائر وسهولة إنتقال عناصر القاعدة، ووجود خلايا نائمة تابعة لتنظيم داعش وتزايد عدد الحركات الجهادية المتطرفة هناك مما يشكل موطئ قدم لداعش وحافزاً لتعزيز نشاطه الإرهابي في سعي منه إلى بناء جبهة نزاع جديدة تضاف إلى بؤر الصراع الأخرى في المنطقة العربية
أما السيناريو الثالث هو إعادة الانتشار داخل سورية، ربما ينتشر عناصر داعش متفرقين داخل سورية في مناطق مختلفة، فعادة ما تلجأ الجماعات المتطرفة في حرب العصابات إلى التفرق ضمن مجموعات صغيرة، عندما تهاجمها قوة كبيرة كقوة الجيش السوري، ثم تعيد تجميع قواتها في أماكن أخرى، وذلك بالانتقال إلى دير الزور التي يعتبرها التنظيم امتداداً طبيعياً لمركزه الرئيس في الرقة، ووفق تقارير إعلامية عربية وغربية، فإن أعداداً من المسلحين وعائلاتهم هربت بالفعل، قبيل انطلاق معركة الرقة، إلى دير الزور، في محاولة محتملة من داعش لاستغلال الأوضاع الأمنية هناك، بالتالي فأن الاعتقاد السائد لدى معظم المراقبين أن داعش سيقوم بتفجير وتدمير أكبر قدر ممكن من البنى التحتية في مدينة الرقة قبل الهروب منها نتيجة الضربات القوية التي يتلقاها من الجيش السوري وحلفاؤه، وذلك لتحقيق سياسة الأرض المحروقة.
مجملاً..... إن مواجهة داعش والقوى المتطرفة الأخرى في سورية، سينجح ، ولن ينتصر هذا الإرهاب على الدولة السورية والتي يريد تفكيكها وتقسيمها، لأن هذا الإرهاب يفتقد حتى اليوم إلى الشرعية والشعبية، ورغم إنحياز ودعم بعض الدول الإقليمية والدولية له، إلا أن الممانعة والإرادة الشعبية الواسعة ضده، تحول دون إنتصاره ، صحيح لن يُقضى عليه فى ضربة واحدة، وسيطول أمر المواجهة معه بحكم عدة عوامل، إلا أن الإنتصار عليه مؤكد، لأن ثمة إرادة وطنية تقف خلف هذه المواجهة المشروعة، وليس هناك أدنى شك بأن نجاح السوريين في هزيمة داعش سيمثل في الوقت نفسه هزيمة كبيرة للمشروع الأمريكي الرامي إلى تفتيت المنطقة والسيطرة على ثرواتها خدمة لمصالح الغرب وحليفته إسرائيل، وأختم مقالتي بالقول، إن سورية اليوم تكتب التاريخ بسواعد أبنائها، ليس تاريخ سورية فحسب، بل تاريخ المنطقة بأكملها، في ميدان القتال في دمشق وحلب وحماه وحمص ولن تنتهي إلا بتطهير الأرض من القوى المتطرفة وأدواتها، فهي معركة تقرر مصير سورية ووحدتها الجغرافية والوطنية،
Khaym1979@yahoo.com