بعد دخول الجيش التركي إلى جرابلس واحتلالها ، ودخول من يدعون أنهم جيش حر وسوريين بالأصل وما تبع ذلك من معارك ، برزت إلى الواجهة العلنية زيارات المسؤولين الأتراك إلى جرابلس مما بدأ يوحي بإحلال ليس فقط عسكري أنما أداري أيضاً ، كذلك بدأ الحديث عن تحكم السلطات التركية بالأمور داخل جرابلس ، أما الجديد هو الظهور العلني لما يسمى الذئاب الرمادية التركية وإعلام منظمات تركمانية كانت تقاتل تحت أسم الجيش الحر سابقاً في ريف اللاذقية وريف أدلب وغيرها ، فمن هي هذه المنظمة وما تاريخها .
كمقدمة بسيطة فأن هذه المنظمة ترفع أشارة معينة يستخدمها أيضاً أنصار حزب MHP التركي المعروف بعنصريته ، كذلك يعرف أنصار هذه المجموعة بأصولهم الطورانية أو دعاة الحلم الطوراني وهم عنصريون ويحقدون على كافة الشعوب وخاصة العرب لأنهم يدعون أن العرب خانوا أجدادهم العثمانيين سابقا ً .
أما الذئاب الرمادية فهي منظمة قومية عنصرية متطرفة يمينية، ظهرت في أواخر ستينات القرن الماضي ،مؤسسها (الب أرسلان توركيش ) وهو عقيد سابق في الجيش التركي, وأحد مؤسسي الانقلاب 1960 ، وتعتبر هذه المنظمة الجناح العسكري السري “لحزب الحركة القومية ” MHP ” إلا أن الأفكار التأسيسية والعمليات التي قامت بها، تعطيها صفة “ظل الدولة التركية الأمنية ” ،وتسمى هذه المنظمة (حركة الشباب المثالي ) ولاحقاً (فرق الموت)، وقد قام أحمد داوود أوغلوا فيما مضى بزيارة لقبر ” الب أرسلان توركيش ” لمحاولة تقريب هذه المجموعة من حزب العدالة والتنمية ولتقارب غاياتهم المستقبلية .
و الذئاب الرمادية هي رمز للشرف المرتبط بالأصول العرقية التركية المتواجدة في سهول آسيا الوسطى ،وذلك حسب الأسطورة ، إلا أن الإسلاميين يسمونها “قرن الشيطان” وقد ربطوها بحديث الرسول (ص) في صحيح البخاري ورواه مسلم عنه قائلاً أن النبي حذر من حاملي هذا الشعار بقوله :(أن الفتنة تجئ ها هنا ،ها هنا ،ها هنا ،حيث يطلع قرن الشيطان) .
والأفكار التي تشكل على أساسها هذا التنظيم هي أربع أفكار رئيسية :
1- التفوق العرقي للشعب التركماني واستعاده أمجاد الأجداد.
2- العمل على توحيد الشعب التركماني في دولة واحدة .
3- دمج الهوية القومية التركمانية بالدين الإسلامي .
4- معاداة القوميات والديانات الأخرى.
ونلاحظ أن الأهداف التي تختارها لعملياتها هي نفس الأهداف الاستراتيجية للدولة التركية بكافة مراحلها, من أتاتوركية العلمانية إلى دولة أردوغان الإخوانية، فتركزت أهداف عملياتها على الكورد العلويين والمسيحيين والأرمن والعلمانيين الماركسيين، وهي نفس أهداف الدولة الإسلامية الآن .
ونذكر هنا بعض العمليات التي نفذتها هذه المنظمة في الداخل التركي :
1977 مذبحة ماراس راح ضحيتها مئات العلويين .
1978 قتل ألف طالب علوي في جامعة إسطنبول تحت أنظار الشرطة .
1981 محاولة اغتيال بابا يوحنا بولس الثاني أثناء زيارته لتركيا .
1988- محاولة اغتيال تركت اوزال .
1990 تحويل كافة العمليات لمواجهة حزب العمال الكردستاني .
2002 حرق صور البرزاني احتجاجاً على محاولة ضم كركوك .
2004 منع فيلم في إسطنبول يتحدث عن إبادة الأرمن ،بالإضافة إلى عمليات اغتيال صحفيين وناشطين ومعارضين للحكومات .
كذلك نذكر بعض عمليات هذه المنظمة خارج تركيا وخاصة في سورية :
حيث نقلت وسائل التواصل الاجتماعي صوراً لكتائب تحمل أسماء تركية و تعمل بالأخص في أماكن تواجد التركمان, وهم يشيرون بإشارة الذئاب الرمادية, وبجانب الأعلام التركية أو بجانب ضحايا قاموا بقتلهم ،بالإضافة إلى تغير أسماء المدن والقرى التي يسيطرون عليها مثلا جبل تركمان(باير بوجاف )والراعي (جوبان بأي ) جرابلس (قرقاميش ) ، وبالعودة إلى الأفكار التي يبنون عليها،هم يعتبرون أن هذه المناطق هي مناطق تركية وليست سورية, ويجب ضمها للدولة القومية التركية .
– كما ضلعت هذه المنظمة في تنظيم العديد من العمليات, أهمها إسقاط طائرة روسية في سيناء التي تبنتها داعش, وظهرت تقارير استخباراتية بأن الذئاب الرمادية أيضاً مشتركة في العملية التي راح ضحيتها 245 مدنيا .
وكما أوضحت الصور والتقارير فيما بعد أن الشخص الذي قام بقتل الطيار الروسي بعد إسقاط الطائرة، هو الب أرسلان جيليك، وهو عنصر مخابرات تركي, وسبق أن نقلت مواقع وصور وهو يرمز بيديه إشارة الذئاب الرمادية، وهو كان يقود كتيبة في الجيش الحر باسم الفرقة الساحلية الثانية ، بالإضافة إلى عمليات و اغتيالات سابقة في اليونان وقبرص والصين وفرنسا و المانيا .
عن "الحدث نيوز"