ثلاثة ايام على الإعلان السعودي عن انتهاء «عاصفة الحزم»، إلا أن الغارات الجوية ما زالت على وتيرتها فيما ظلت ملامح التسوية السياسية تفتقر إلى النضوج، مع تواصل ورود التقارير بشأن خلفيات القرار السعودي المفاجئ بإنهاء «العاصفة» والتي تؤكد حدوث ضغوط أميركية مارستها الإدارة في واشنطن على الرياض، لتقليص الأضرار السياسية والبشرية التي تتسببت بها الضربات الجوية، وهو ما يطرح علامات استفهام حول طبيعة عملية «إعادة الأمل» والأهداف المتوخاة منها.
السفير السعودي في واشنطن عادل الجبير الذي كان قد أطلق «عاصفة الحزم» من العاصمة الأميركية في 26 آذار الماضي، ذكّر، أمس، أنّ السعودية «تنتقل إلى المرحلة الثانية من الحملة»، مبيِّناً أنّ القرار في ما يخصّ اليمن هو شأن سعوديّ صرف. ولكن، وبحسب «نيويورك تايمز»، فإنّ الجبير لم يذكر الضغوط الدولية المكثفة على بلاده، الأميركية منها خصوصاً، لوقف هذه العملية التي أدّت إلى مقتل مئات المدنيين.
ووفقاً لمسؤولين أميركيين، من بينهم وزير الخارجية الأميركي جون كيري ومدير وكالة الاستخبارات المركزية (سي أي ايه) جون برينان، كانوا على اتصال بمسؤولين سعوديين رفيعي المستوى، فإنّ التحدّي كان في كيفيّة تقديم المشورة إلى الحليف السعودي في كيفية تنفيذ عملية عسكرية معقدة، كانت نتائجها قد بدأت بتقويض أهداف سياسية أكبر.وتشير الصحيفة إلى أنّ النتيجة التي خلصت إليها السعودية هي «إعادة صياغة» الحملة الجوية من خلال تحميل جماعة الحوثيين مسؤولية أي ضربات جوية مقبلة، وهو ما أشار إليه الجبير بقوله إنّ بلاده ستردّ على أيّ «تحرّكات عدائية»، ما من شأنه أن يؤخّر التوصّل إلى اتفاق لوقف القتال. ولم يتضح كذلك، ما إذا كانت الضربات الجوية هي استئناف للعملية تحت اسم مختلف: «إعادة الأمل»، لكنه بدا واضحاً أنه لا موعد قريباً لوقف الحرب.
ويؤكّد مسؤول رفيع المستوى في الإدارة الأميركية لـ «واشنطن بوست» أنّ الولايات المتحدة ما زالت تزوّد «التحالف» بدعم استخباراتي ولوجستي، ولكنه يشير إلى أنّ العملية «وصلت إلى نقطة حيث تقلّصت النتائج، وفي بعض الحالات، كانت النتائج سلبية لناحية الوضع الإنساني، خصوصاً أن بنك الأهداف بدأ بالنفاد أمام الحملة الجوية».
وخلال الأسبوع الماضي، أبلغ مسؤولون أميركيون نظراءهم السعوديين هذه الرسالة مراراً، إلى أن تمّ، يوم الاثنين الماضي، التعهّد لإدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما بأنّ الحملة ستتوقّف خلال الساعات الـ48 المقبلة.
ووفقاً لـ «واشنطن بوست» فإن دعم الولايات المتحدة لـ «عاصفة الحزم» كان غالباً من أجل طمأنة حليفتها السعودية بأنّ الاتفاق مع إيران حول برنامجها النووي، لن يؤدّي إلى تغيير التحالفات الأميركية في المنطقة. وفي هذا الإطار، يقول مسؤول في الإدارة الأميركية إنّ واشنطن تخالف الرياض بشأن دعم طهران للحوثيين، ويضيف: «نعتقد أنّ الحوثيين قرّروا، من تلقاء أنفسهم، السيطرة على صنعاء، ومن ثم التحرك جنوباً، خلافاً للنصائح الإيرانية».
ونقلت وكالة «أسوشييتد برس» عن ممثل الأمم المتحدة في اليمن باولو ليمبو قوله إنّه يتوقع «عقد مؤتمر يجمع الأطراف كافة إلى الطاولة»، مضيفاً أنّه «لا مفرّ» من محادثات السلام.
وفي أرقام مخالفة للأرقام الرسمية السعودية، قال ليمبو إنّ اليمن تعرّض لأكثر من 4000 غارة خلال الشهر الماضي، مشيراً، في الوقت ذاته، إلى أنّ الجهود الديبلوماسية قد تؤدي إلى نتائج خلال الأسابيع المقبلة.
وفي السياق، أبلغ الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون مجلس الأمن الدولي بأنّه يعتزم تعيين الديبلوماسي الموريتاني اسماعيل ولد شيخ أحمد مبعوثاً جديداً إلى اليمن، خلفاً لجمال بن عمر، على أن ينطلق من «الانجازات» التي حققها سلفه. وسيصبح تعيينه سارياً اعتباراً من الإثنين المقبل، إذا لم تُبدِ أيّ دولة في المجلس معارضتها على ذلك.
وبعدما أعرب وزير الدفاع الأميركي آشتون كارتر عن قلق الولايات المتحدة من أن تكون مجموعة سفن شحن إيرانية محملة بأسلحة متقدمة باتجاه اليمن، قال مسؤول أميركي لـ «رويترز» إنّ السفن الإيرانية بدأت تتحرّك إلى الشمال الشرقي مبتعدة عن اليمن، معتبراً أنّها علامة «مبشرة».
وفي ظلّ عدم تبلور حلٍّ سياسيّ، حذّرت روسيا، أمس، «التحالف» السعودي من انعكاسات أيّ عملية عسكرية برية محتملة في اليمن على مستقبل العملية السياسية في هذا البلد. وقال نائب وزير الخارجية الروسي غينادي غاتيلوف إنّ إجراء عملية برية من شأنه أن يعقّد الأزمة، مؤكداً أنّ «ذلك لن يساعد في إيجاد حلّ سياسيّ، ولذلك، فإنّنا نؤيّد وقف العمليات العسكرية وإطلاق حوار سياسي بين الأطراف المتنازعة».
ولم ترشح أي معلومات عن زيارة الوفد الباكستاني برئاسة رئيس الوزراء نواز شريف، إلى الرياض، والتي جاءت بعد يومين على إعلان «التحالف» وقف «عاصفة الحزم»، لبحث الأزمة اليمنية.
وخلال لقاء جمع كلاً من الرئيس الإيراني حسن روحاني ونظيره الصيني تشي جين بينغ على هامش القمة الآسيوية - الأفريقية في العاصمة الإندونيسية جاكرتا، أكد روحاني على ضرورة أن «ينعم اليمن بالاستقرار بسرعة وإيقاف الغارات والقصف نهائياً، وإنهاء النزاع وإرسال المساعدات الإنسانية للشعب، وبدء الحوار بين مختلف الأحزاب والقوى السياسية اليمنية من أجل تشكيل حكومة وحدة وطنية».
عن "السفير" اللبنانية