2024-11-25 02:30 م

من ياووز سلطان سليم إلى ياووز سلطان أردوغان والصدام الحتمي بين السنة والعلويين

2013-07-05
كتب غسان يوسف*

يقول الفنان التركي ( العلوي ) عارف صاغ في إحدى مهرجانات تقسيم «إن شباب تقسيم فعلوا في ليلة واحدة ما لم نستطع فعله في 70 عاماً».
ربما لم يقدر رئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان مشاعر 20 مليون علوي، عندما قرر إطلاق اسم «ياووز سلطان سليم» على الجسر الثالث المزمع إنشاؤه على مضيق البوسفور, ذلك أن «ياووز سلطان سليم» ليس سوى السلطان سليم الأول الذي حكم الدولة العثمانية بين العامين 1512 و1520، وهو السلطان التاسع في السلالة العثمانية.
الدكتور محمد نور الدين الباحث في الشؤون التركية يقول : ” إذا كان هناك من سلطان عثماني يثير سخط العلويين في تركيا فهو السلطان سليم الأول الذي كان فاتح عهد المذابح ضدهم في الأناضول عند تسلمه العرش في العام 1512. إذ أن السلطان سليم الأول اتهم العلويين الأتراك في الأناضول بأنهم يتآمرون مع الشاه إسماعيل الصفوي للسيطرة على الأناضول ونشر مذهب التشيع، فاستبق حملته العسكرية على إيران بسلسلة من المجازر التي ذهب ضحيتها أكثر من 40 ألف علوي، وكانت نقطة التحول في العلاقة بين العلويين والدولة العثمانية، الى ان جاء مصطفى كمال اتاتورك واعتمد النظام العلماني الذي رأى فيه العلويون بابا للنجاة من ظلم السلاطين العثمانيين “.
من هو السلطان سليم ؟

جاء في كتاب كارل بروكلمان ( تاريخ الشعوب الإسلامية ) الذي ترجمه كل من نبيه أمين فارس ومنير البعلبكي أن السلطان بايزيد اصطفى ابنه أحمد لخلافته فلم يكن من ابنه سليم الملقب ( ياوز سلطان ) وهو أصغر من أحمد إلا أن طالب بأن تسند الأمور إليه في إحدى الولايات العثمانية في أوربة بدلا من طرابزون للحؤول دون ارتقاء أخيه عرش السلطنة وبعد صولات وجولات بين الأب وابنه أكره سليم أباه على التنازل عن العرش وطرده خارج استبول نيسان سنة 1512 ليصبح سليم الأول تاسع سلاطين الدولة العثمانية . و ياووز لمن لا يعرف تعني بلغة الترك ( القاتل أو القاطع أو الفاتك ) وقد لقب بهذا اللقب لدمويته .
كيف أصبح السلطان سليم خليفة للمسلمين ؟!

كان من بين الرهائن الذين أسروا في معركة احتلال القاهرة من قبل العثمانيين آخر الخلفاء العباسيين الذين سبق للماليك أن منحوهم بعد سنة 1261 سلطة شكلية لكي يخلعوا على حكومتهم لونا شرعيا .
ويقول كارل بروكلمان :إن الخليفة العباسي المتوكل على الله قد حُمل إلى استانبول وأُكره على التنازل عن الخلافة للسلطان سليم .
والحقيقة ان سليم هذا كان أعلن نفسه قبل ذلك خليفة على المسلمين في خطبة الجمعة وبوصفه خليفة استلم في شهر آب مفاتيح الكعبة.
مستقبل العلاقة بين أردوغان والعلويين

الكل شاهد وعير شاشات التلفاز أن العلويين انفجروا غضباً مع أخوتهم الأتراك من جميع الطوائف لتسمية الجسر الثالث على البوسفور باسم «السلطان سليم الأول».
وهنا من المهم القول إن أردوغان الذي اختار سياسة القمع، ضد المتظاهرين لن يتراجع عن تسمية الجسر ! ومثله فعل الرئيس عبد الله غول الذي قال إن التسمية نهائية ! لذا يمكن القول إن الهدوء الحذر الذي تشهده تركيا مرشح للانفجار بأي لحظة وقد يكون مثل بركان مصر في الثلاثين من يونيو الماضي .
الغريب أنه على الرغم من كل ما حدث فإن أردوغان حاول التقرب من العلويين لكن محاولاته لم تجد آذاناً صاغية لأنها اكتفت بالعبارات الإنشائية التي باتت لازمة لخطاب «العدالة والتنمية» منذ عشر سنوات تجاه القضية العلوية، حيث لم يتحقق أي من مطالبهم ومنها: كالاعتراف من جانب الدولة ببيوت الجمع كمراكز عبادة، إلغاء رئاسة الشؤون الدينية، إلغاء درس الدين الإجباري في المدارس واستفادة العلويين من تقديمات الدولة التي تخصصها للجوامع والمساواة في المواطنية في الوظائف.
عز الدين دوغان زعيم وقف «جيم» (جمع) العلوي في حوار مع صحيفة، «ميللييت» يرى أن اقتراح عبد الله غول إطلاق اسم «حاجي بكتاش» أو «بير سلطان عبدال» على مشاريع مستقبلية خطوة جيدة، لكنها لا تمحو خطيئة إطلاق اسم السلطان سليم على الجسر الجديد. وقال إن «هذا يعني أنه مقابل اسم سليم الأول (أو ياووز سليم) يوجد اسم شاه إسماعيل»، مضيفا «لا شيء يوازي اسم السلطان سليم إلا إطلاق اسم إسماعيل شاه على المطار الثالث الذي يزمع إنشاؤه في محيط اسطنبول. سيكون عندها توازن , معتبرا أن «تركيا العظيمة يجب أن تشمل هذين الزعيمين».
يذكر أن شاه إسماعيل الذي اعتمد التشيع مذهبا للدولة الصفوية في مطلع القرن السادس عشر يعتبر أبرز الرموز المؤسسين للمعتقد العلوي في الأناضول.
أما كمال بلبل فقد رأى (رئيس جمعية «بير سلطان عبدال» الثقافية العلوية ) في مهرجان أقيم في منطقة قاضي كوي في اسطنبول، أن تسمية الجسر هي نتاج لسياسات الإسلام السياسي الذي تنتهجه حكومة حزب العدالة والتنمية .
صباحات أق كيراز، الموسيقية والمطربة المشهورة، والنائب عن «حزب الشعب الجمهوري»، رأت أن رئيس الحكومة يقول إخوتنا العلويون، متسائلة عن أي إخوة يتحدث؟ نحن ما زلنا على قضيتنا وطريقنا ومقاومتنا. انظر إلى الغد أنظر إلى سيواس ( مجزرة حدثت في الثاني من تموز من العام 1993، ذهب ضحيتها أكثر من 30 علويا، بينهم كتاب ومثقفون قضوا قتلا وحرقا وخنقا على أيدي إسلاميين متشددين ) انظر إلى كربلاء انظر إلى جيزي. كل مكان تقسيم كل مكان مقاومة».
آق كيراز اعتبرت أن إطلاق اسم السلطان سليم على الجسر الجديد يهدف إلى إخراج العلويين نهائياً من النظام والتحضير لصدام سني ـ علوي.
*باحث في الشؤون التركية