2024-11-27 02:21 م

«أمير الثورات» يطمح إلى لقب «بيل غايتس العرب»

2013-06-26
الدوحة/ ألقاب كثيرة رافقت مسيرة الأمير المنقلب على أبيه، من «أمير السلام» و«أمير نهضة قطر» التي حولها إلى مدينة لحل الخلافات وعقد الاتفاقات بين الأطراف المتناحرة في افريقيا وبلاد الشام، إلى «أمير العرب» و«أمير الإنسانية» بسبب ما سمي بعطاءاته ومساعداته التي بلغت المليارات من لبنان الى فلسطين وتونس ومصر وليبيا. وصولاً إلى «أمير الثورات» العربية التي دعمها بالسياسة والمال حتى السلاح.
يرى أمير قطر المتنحي دوره في المستقبل مكرساً لأعمال البر والخير ليصبح بيل غايتس (مؤسس مايكروسوفت) العربي ويعمل على «ترويج الديموقراطية» في بلاده وفي دول مجلس التعاون الخليجي الغنية بالنفط والغاز، وهو الذي كان يسعى إلى نيل جائزة نوبل للسلام!!...
بعد تسلمه الحكم، ربطت قطر بالولايات المتحدة علاقة «تحالف وصداقة» بالغة الأهمية بعدما منحها الأمير قواعد عسكرية أميركية تلعب دوراً مهماً في إستراتيجية الولايات المتحدة الأمنية خاصة في هذه المرحلة الدقيقة في منطقتي الخليج والشرق الأوسط.
صنع حمد بن خليفة من قطر أعجوبة. ما هي الدولة التي ترمي بجُل ثقلها في سوريا ومصر؟ إنها ليست الولايات المتحدة (عدد سكانها: 316 مليون نسمة)، أو إيران أو المملكة العربية السعودية أو حتى روسيا؛ إنها دولة قطر الصغيرة (عدد سكانها: مليونا نسمة). في سوريا تُغدق قطر المال والسلاح على جماعات الميليشيات المناهضة للرئيس بشار الأسد وتتنافس مع السعودية على لقب الراعية الرئيسية للمعارضة.
وقطر، بقرار من الشيخ حمد، هي أكبر ممول حتى الآن لحكومة الرئيس المصري محمد مرسي؛ فقد وفرت أكثر من 5 مليارات دولار في شكل قروض ــ من دون شروط ــ للقيام بإصلاحات كتلك التي طالب بها «صندوق النقد الدولي، وهو ما دفع مرسي لقطع العلاقة مع سوريا والدعوة إلى الجهاد ضد الأسد الأسبوع الماضي».
قيل إن أحد أسباب تنحّيه، هو أن صحته أخذت منحنى نحو الأسوأ، اذ أشيع إن لديه كلْية واحدة فقط تقوم بوظيفتها. وهو أراد حماية حكمه والتطور الذي أنجزه في بلاده عبر انتقال سلس للحكم يقلده لابنه ولي العهد، تميم، وبضغط من زوجته، موزة، التي تريد حماية ابنها من كل الطامحين والطامعين من إخوته غير الأشقاء وغيرهم من العائلة الحاكمة والعائلات الأخرى التي تشعر بالغبن، بالسيطرة على مقدرات الدولة النفطية التي ساهمت هي في نهضتها.
الحلة الحضارية والانسانية التي لبسها أمير قطر واشتراها بالمال الوفير الذي أغدقه على الغرب ليتبوأ مرتبة الدول «العظمى»، لم تستطع أن تحجب رداء السوء، فظهر في السنتين الأخيرتين القطري الذي يحمل أهدافاً مشبوهة تسعى لبث الفتنة، وزرع الشقاق بين الاشقاء، وتمزيق الامة، وتقسيمها الى دويلات ضعيفة ومتناحرة. فقد نجح حمد بن خليفة في رعاية واحتضان اتفاقية تقسيم السودان، في حين فشل في تحقيق المصالحة بين الفلسطينيين بل عمل على تعميق الانقسام من خلال دعم «حماس» في مواجهة سلطة رام الله لا سيما بعدما قام بزيارة غزة مغدقاً عليها الأموال والوعود بالدعم والمساندة على العيش من دون أن يتحول ذلك إلى دعم حقيقي لتحرير الأرض الفلسطينية. وظهر دور الدوحة في تدمير الاقطار العربية وتقسيمها وتفتيتها من خلال تمويل المعارضات ونشر الفوضى من دون وضع برامج حقيقية للتغيير..
في عهده، ظهرت الدوحة عاصمة سياسية بامتياز من خلال دخولها في ملفات المصالحة والتوفيق، ومنها ملف السلام في دارفور، والمصالحة اللبنانية اللبنانية، وتوحيد الصف الفلسطيني، واتسع دور الدوحة السياسي في المنطقة بعيد انفجار ما بات يعرف بثورات الربيع العربي عبر دعمها الصريح لحركات التحرر الشعبي السلمي في كل من تونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا، وعمدت إلى تجنيد قوتها الناعمة في خدمة مشروعها السياسي من بوابة قناة الجزيرة الفضائية، ومن خلال خلق توازنات سياسية مع الجار الايراني الشمالي، والابقاء على شعرة التواصل مع تل ابيب من بوابة ملحقية تجارية اغلقت ابوابها بعد الحرب الاسرائيلية على غزة في العام 2009.
ولم يكتف بذلك، بل امتدت يد قطر إلى أفريقيا عبر دعم الحركات الاسلامية في مالي ومويتانيا والصومال، واستولت على مؤسسات جزر القمر.
وختم حمد بن خليفة عهده بإعلان حربه الشرسة بالمال والسلاح والفتاوى على النظام السوري الذي كان حليفاً رئيسياً له، وتحت شعار «يا قاتل يا مقتول» وساهم في تدمير سوريا عبر ضخ الجماعات المتطرفة المسلحة.
كان الأمير مصراً على أن يمنح لقطر هوية، ويجعل لها وجوداً ملحوظاً ولافتاً على خارطة العالم. الأمر كله ينطلق من عقدة قديمة، كما كشف كتاب فرنسي جديد بعنوان «قطر هذا الصديق الذي يريد بنا شراً» للكاتبين الصحافيين نيكولا بو وجاك ماري بورجيه، «تكونت عنده عندما كان طالباً في الأكاديمية العسكرية الملكية في بريطانيا، وكان يشعر بالغيظ في كل مرة يقدم فيها جواز سفره لضباط الجمارك الأوروبيين، فيسألونه: أين تقع قطر على الخريطة؟».
ويحسب له أنه أول أمير عربي وأول خليجي تطأ قدماه أرض الضاحية الجنوبية في بيروت بعد حرب تموز وأرض القرى الجنوبية الواقعة على تخوم الأراضي الفلسطينية المحتلة ووقف من على أرضها ليشاهد «أصدقاءه» المحتلين.
وأظهر الأمير حماسة لإنهاء الخلاف بين اللبنانيين في 7 أيار 2008 فنجح بالتنسيق مع سوريا ورئيسها في جمع الأطراف اللبنانية المتنازعة، وفي الوقت نفسه لعب على تزكية الخلافات بين الفرقاء اللبنانيين من خلال دعم الحملة المذهبية ضد حزب الله عبر تمويل الجماعات السلفية المتطرفة.
الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أكبر أبناء حاكم قطر الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني... تولى الامارة في 27 حزيران من العام 1995 خلفا لوالده اثر انقلاب أبيض شكل منعطفا في مسيرة الدولة على المستويين السياسي والاقتصادي.
ولد حمد بن خليفة آل ثاني في عام 1952 من القرن الماضي وتلقى دراسته الثانوية في مدارس قطر، ليلتحق بعدها بأكاديمية ساندهيرست العسكرية في المملكة المتحدة ويتخرج منها في عام 1971. انضم الشيخ حمد بن خليفة إلى القوات المسلحة القطرية وتدرج في المناصب والرتب العسكرية حتى رقي لرتبة لواء وعين قائدا عاماً للقوات المسلحة، وزيراً للدفاع ومن ثم ولياً للعهد في أيار من العام 1977.
أقر في عهده دستور قطر الدائم في العام 2003، وأجريت أول انتخابات للمجلس البلدي، ورفعت الرقابة عن الصحف ووسائل الاعلام، وحدد الربع الأخير من العام الحالي موعداً لإجراء أول انتخابات برلمانية في الدولة.
شهدت قطر في ظل حكمه تطوراً في مناحي الحياة العمرانية والاقتصادية والعلمية والرياضية، وتحولت قطر من دولة شبه مفلسة في العام 1995 الى أكبر مصدر للغاز المسال في العالم وبناتج محلي زاد على 200 مليار دولار في العام 2012 والى صاحبة أعلى متوسط دخل فرد في العالم.
كما تحولت قطر في حكمه الى ورشة عمل في مجال التطور العمراني والبنية التحتيه. وأنشئت اول سوق للاوراق المالية، واول صندوق سيادي تزيد أصوله حالياً على 228 مليار دولار، كما عمل على تأسيس مدينة تعليمية بمواصفات عالمية، واستقطب أكبر الجامعات العالمية الى بلده بغية الاستثمار في الانسان.
مياسة المهندي/ عن "الاخبار" اللبنانية