2024-11-24 10:23 م

25 أيار يوم انتصار المقاومة وتحرير الجنوب اللبناني

2013-05-25
شيرين يحيى*
"انسحاب لا يمس الكرامة" بهذه الجملة حاول الجنرال الإسرائيلي شاؤول موفاز تعليل سبب الاندحار الذليل للجيش الإسرائيلي من الجنوب اللبناني في 25 أيار الذي أصبح يوم عيد انتصار المقاومة الوطنية وتحرير الجنوب اللبناني بعد 22 عاما من الاحتلال الإسرائيلي ليشكل اندحار إسرائيل وعملائها من جنوب لبنان هزيمة لها بقوة المقاومة دون مفاوضات وبلا قيد أو شرط هزيمة وصفتها صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية بالمهينة ووضعت عنوانا لعددها الصادر في صبيحة اليوم التالي للاندحار بأنه يوم المهانة.

قوات الاحتلال الإسرائيلي التي غزت جنوب لبنان تحت ذريعة إبعاد التهديد الذي كان يمثله الوجود الفلسطيني المسلح في الجنوب عام 1978 وسعت رقعة احتلالها للاراضي اللبنانية حتى وصل عام 1982 إلى العاصمة اللبنانية بيروت حيث احتلت إسرائيل مئة وخمس وعشرين قرية لبنانية وأخضعت 33 منها لإملاءات ميليشيات تعاملت مع جيش الاحتلال وأطلقت عليها اسم جيش لبنان الحر بقيادة سعد حداد ثم تحولت لاحقا إلى جيش لبنان الجنوبي بزعامة أنطوان لحد فما كان من الشبان اللبنانيين إلا أن امتشقوا السلاح وأسسوا ما عرف لاحقا بالمقاومة الوطنية اللبنانية ليقارعوا ما كان يوصف يوما بالجيش الأسطورة الذي لا يهزم وبدأت عمليات المقاومة التي أجبرت جيش الاحتلال الإسرائيلي على الانسحاب تحت كثافة عملياتها ليشكل لاحقا شريطا محتلا قبل أن تحرره المقاومة اللبنانية عام 2000.

وشنت المقاومة الوطنية اللبنانية مئات العمليات النوعية في النصف الأول من عام 2000 استهدفت فيها مواقع قوات الاحتلال الإسرائيلي وأجبرتها على الانسحاب من جنوب لبنان فقد سبق يوم التحرير اقتحام لمواقع قوات الاحتلال والميليشيات العميلة له وتفجير العبوات فكانت أقصى الضربات التي تلقاها الاحتلال الإسرائيلي في الشهر الأول من عام 2000 اغتيال كبير عملائه عقل هاشم وبعد ساعات على مقتله استهدفت المقاومة قافلة عسكرية بصاروخين وسقط ثلاثة قتلى إسرائيليين وعدد من الجرحى.

واخترق المقاومون في شهر شباط الإجراءات الأمنية الإسرائيلية واستهدفوا دورية مشاة لجنود الاحتلال بعبوة ناسفة قرب بلدة بلاط في جنوب لبنان ما أدى إلى سقوط عناصر الدورية التسعة بين قتيل وجريح وفي هذه الآونة كشف التلفزيون الإسرائيلي عن خطة انسحاب عاجلة تقضي بإجلاء الجنود الإسرائيليين من جنوب لبنان في غضون أيام إذا استدعى الأمر ذلك.

ولم تتوقف المقاومة عن دك المواقع الإسرائيلية ففي شهر نيسان من نفس العام اقتحم المقاومون موقع عرمتة المحصن ووصفت العملية بالأضخم وتم خلالها تفجير الموقع بالكامل وقتل ستة عملاء لإسرائيل التي خسرت موقعا استراتيجيا في منطقة جزين بينما حمل شهر أيار التحرير معه العدد الأكبر من عمليات المقاومة وأبرزها عملية البياضة التي جاءت قبل أيام من انسحاب الاحتلال الإسرائيلي من جنوب لبنان في الخامس والعشرين من أيار وأحدث ذلك زلزالا معنويا في إسرائيل فالانتصار في الحرب الدعائية جزء مهم من المعركة نفسها والكاميرا هي جزء من الدعاية في الرأي العام حيث استطاعت المقاومة أن تستفيد من برمجة آلياتها الإعلامية من أجل مخاطبة الرأي العام الإسرائيلي عبر صور مقاومة خلقت حالات كثيرة جدا من الإرباك داخل إسرائيل والمشهد الذي اندحر فيه جنود الاحتلال الإسرائيلي من جنوب لبنان وإغلاق البوابة وصورة آخر جندي إسرائيلي ينسحب من الجنوب لا تنسى وهو مشهد يلخص كل ما كان له علاقة بإعلام المقاومة وقوة الصورة في أن تكون أداة من أدواتها ففي تمام الساعة السادسة والدقيقة الثانية والأربعين صباحا عبرت المرسيدس التي تقل الجنرال الإسرائيلي بيني غانز الباب /93/ عند بوابة فاطمة على الحدود اللبنانية الإسرائيلية لتتبعها آليات وناقلات الجند وهم يعبرون إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة متخلين عن شريط حدودي دفعوا ثمنه الكثير من الأرواح والأموال دون جدوى.‏

وفي الساعة السادسة والدقيقة الثالثة والأربعين أغلقت إسرائيل حدودها مع لبنان بعد سحب آخر جندي لها منه وأنهت احتلالها لجزئه الجنوبي الذي استمر لفترة امتدت أكثر من عقدين كلفها حياة 1200 جندي دون أن تتمكن من إخماد نيران وصواريخ المقاومة اللبنانية التي أبت الرضوخ للاحتلال.

واعتبرت المقاومة اللبنانية هذا اليوم نصرا لكل لبنان ولكل مواطن عربي شريف فكان هذا اليوم يوم عزة وفرح لكل مقاوم وذل وبؤس للاحتلال وهرب الإسرائيليون تحت ضربات رجال المقاومة بعد أن اكتشفوا أن النزهات السابقة في لبنان لم تعد ممكنة وأنهم ليسوا أقوياء كما يظنون بأسلحتهم وحقدهم عندما كانوا يقتلون أبناء الجنوب اللبناني بالمئات.

ولم يجد الاحتلال الإسرائيلي في نهاية المطاف سوى ذل الهزيمة فجرجر هزيمته وخرج مطأطأ الرأس وبقيت المقاومة شامخة ومستعدة أكثر من أي وقت مضى لمواجهة أي عدوان بعد أن كرست الخامس والعشرين من أيار عام 2000 يوما من أيام لبنان والعرب الخالدات لجهة أنه يذكر بتلك الوقائع العظيمة لحظة قرر قادة العدو الإسرائيلي أن يتدبروا أمر انسحابهم من لبنان فبات قرار الهروب هو ذروة ممارسة الشجاعة ليغدو ايهود باراك بطل عملية غزو شارع فردان /رشيد كرامي حاليا/ واغتيال عدد من قادة المقاومة الفلسطينية هو نفسه مهندس وبطل عملية الفرار الكبير بعد 22 عاما توجت لحظة الانتصار مسارا رائدا من تجربة المقاومة الوطنية الذي شكل هدف التحرير أحد المشتركات لحالة تحالفية تبلورت في محور إقليمي رفع شعار الممانعة وحمل لاحقا اسمها.

ولكن انسحاب إسرائيل وتحرير جنوب لبنان والبقاع الغربي من إسرائيل بلا قيد ولا شرط وبلا معاهدات ولا اتفاقيات بقيادة السيد حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله وتعاون فصائل المقاومة الوطنية التي انطلقت لمقاومة الاحتلال في 21 أيلول من عام 1982 بعد الاجتياح الإسرائيلي للعاصمة اللبنانية لم يكن بالعملية الكافية للمقاومة اللبنانية التي ما زالت تحمل السلاح متمسكة به من أجل إكمال انتصارها بتحرير مزارع شبعا وتلال كفر شوبا التي لا تزال تحت الاحتلال الإسرائيلي.‏

وكان أهم عوامل نصر أيار الترابط السليم والتكامل الذي حصل بين المقاومة وبين قوى سياسية واعية وداعمة لها في المنطقة وعلى رأسها سورية التي قامت بحماية المقاومة من المؤامرات الداخلية والخارجية ووفرت لها الغطاء لتعمل بدون خوف من غدر قريب أو خيانة شقيق لقد ضحت سورية بالكثير وصمدت في وجه تهديدات وضغوطات أمريكا ومن لف لفيفها والذين أرادوا منها أن تسلمهم رأس المقاومة مقابل مغانم وقتية أو حتى يدخلوها في خيمتهم التي تغري رائحة نفطها ودولاراتها هناة النفوس فما كان منهم إلا أن تآمروا وتواطؤوا على سورية الموقف مختفين وراء ما يزعمون أنه ربيع عربي ليكون هذا الربيع اداة رخيصة بيد القوى الغربية التي تتامر على المقاومة وداعميها من خلال حرف بوصلة الصراع مع العدو الصهيوني وتوجيهها لضرب المقاومة ومن يدعمها.

وعلى مسافة 13 عاما من الاندحار الذليل للقوات الإسرائيلية من جنوب لبنان تبدو صورة الشرق الأوسط أعقد مما كانت عليه نتيجة الاستحقاقات الكبيرة المفروضة على دول المقاومة في المنطقة في ظل المعادلات الدولية والمصالح العبثية وارتهان قرارات الجامعة العربية لارادة دول صغيرة تتآمر على المقاومة وسورية وتزيد من تعميق الأزمة فيها بغية النيل من الخط المقاوم في المنطقة وتنفيذ مشاريع الاستعمار الجديد على أرضها.
* المصدر: وكالة الانباء السورية "سانا"