القدس/المنــار/ منذ انشقاقه عن حزب الفضيلة في تركيا ونجاحه في تأسيس حزب العدالة والتنمية عام 2001 بدأ رجب طيب أردوغان في مد خيوط التعاون والعلاقات مع الغرب وبشكل خاص مع الولايات المتحدة، عارضا خدماته وحزبه على واشنطن، وعلى عكس ما كان يتمناه الزعماء الاتراك في تفضيل الوجهة الاوروبية وتطوير العلاقات في محاولة لدفع مساعي وجهود المفاوضات من أجل الانضمام الى الاتحاد الاوروبي، فقد فضل أردوغان وحزبه مزاحمة تركيا والعسكر في علاقاتها المميزة مع أمريكا. فحزب التنمية والعدالة كان يسعى الى تسلم السلطة وتحقيق الانقلاب عبر صناديق الاقتراع والفوز على المؤسسة العسكرية، وهذا ما تم تحقيقه، وبدأ أردوغان مشوار التطمينات للغرب وأمريكا وتسويق الاسلام السياسي التركي مبكرا، واتخذ من داود اوغلو مستشارا له، في مفاصل مختلفة، والبعض يعتبر اوغلو مهندس العلاقة بين أنقرة وواشنطن وأنه محسوب منذ سنوات طويلة على أجهزة الأمن الأمريكية.
واستنادا الى تقارير خاصة، فان مشوار التطمينات التركي لم ينحصر فقط في الاتجاه الامريكي، ولكن تم فتح خط مع اسرائيل، يؤكد ضرورة الابقاء على التعاون والتنسيق الأمني معها، وذلك مقابل عدم محاربة امريكا لحكم الاخوان في تركيا. وفي المقابل تعهد أردوغان بالتعاون من أجل تحقيق عملية تسوية واسعة بين العرب واسرائيل، وفي اعقاب التغييرات في المنطقة، كان هناك دور مهم وكبير لتركيا، وتعاونت في نشر رياح الربيع الأطلسي، في نفس الوقت بدأ أردوغان باحتضان الاسلام السياسي المعتدل الباحث عن الحكم في المنطقة العربية.
وتؤكد التقارير التي حصلت عليها (المنـــار) أن الاراضي التركية كانت المحطة الأهم من بين المحطات التي شهدت لقاءات بين الاسلام السياسي والادارات الامريكية المتعاقبة، وأيضا شكل حكم أردوغان أحد أهم ركائز هذا المشوار التطميني الذي اتبعته ايضا قوى الاسلام السياسي الصاعدة في المنطقة العربية في اللقاءات مع الادارة الأمريكية، ورفعت هذه القوى شعار عدم التعرض لاسرائيل، وحكومة أردوغان تلعب اليوم لعبة مهمة في مشوار الولايات المتحدة لاعادة ترتيب المنطقة، وهو ترتيب يهدف الى ضمان عدم حدوث أية هزات أمنية قد تنعكس سلبا على مصالح نظام أردوغان ومصالح اسرائيل. ووضع أردوغان نفسه في تصرف الولايات المتحدة للفوز بدور شرطي المنطقة الى جانب اسرائيل في ظل "بيات أمريكي" قادم.
لكن، التقارير ترى أن هذه اللعبة التي تقوم بها أنقرة لا تعني أن تركيا باتت في هامش الأمان، فالاوضاع في تركيا بسبب سياسة أردوغان باتت مرشحة للانفجار، فمن يختار أن يلعب بالنار قد يتعرض للحرق والكي، فتركيا انقلبت فجأة وبترتيب مع واشنطن وتل أبيب من ضمان الاتسقرار على حدود تركيا مع جيرانها، انقلبت الى حالة من التوتر مع هؤلاء الجيران بسبب مشاركتها الكاملة في التآمر على الدول المجاورة بهدف الدور الذي ينشده اردوغان في الشرق الاوسط الجديد بمفاهيم امريكية.
وتخلص هذه التقارير الى القول: "ان هناك من يتحدث عنى قرب اسدال الستار على هذا الحلم الاردوغاني، واستبعاد جميع الاطراف الاقليمية التي شاركت في دعم العصابات الارهابية ضد الشعب السوري ودولته وقيادته لصالح حل سياسي يمنع انزلاق الاوضاع الى مستويات عنيفة اقليمية، لا ترغب بها واشنطن ولا تتمناها روسيا".