2024-11-24 11:53 م

دراسة أمريكية "سرية" تكشف: الولايات المتحدة دعمت "الإخوان" لخلق "بديل" لتنظيم القاعدة

2013-03-29
«بارى روبن» هو رئيس مركز البحوث الدولى للشئون الدولية، وهو مركز إسرائيلى، مقره هرتزيليا، مهتم بالتركيز على الشرق الأوسط الجديد، نشر على الموقع الخاص بالمركز دراسة عن المعايير التى حكمت السياسة الخارجية الأمريكية للرئيس الأمريكى باراك أوباما بعد نجاح ثورات الربيع العربى، ودعمها بوثيقة سرية حصل عليها من البيت الأبيض توضح التوجهات الأمريكية فى دعم القوى السياسية فى المنطقة بعد الثورة، وهى توجهات كانت ترتكز حول الحذر المستمر من سيطرة تنظيم القاعدة على هذه البلدان، حتى وإن كانت سياسة خاطئة قد تدفع الولايات المتحدة ثمنها فيما بعد.

وخلصت الدراسة إلى أن «الولايات المتحدة كانت تفضل الإخوان عن غيرهم، وأن يكون نظام الحكم الإسلامى الجديد محافظاً على العلاقات الودية بينهما»، ووصل «روبن» إلى أنه «من الممكن أن يأتى اليوم الذى يقول فيه قيادى من الإخوان للآخر: أمريكا ليست عدونا، كنا طيلة السنوات الماضية نعتقد أنها ضدنا لكننا الآن نراها حقا صديقة لنا».
وبدأ «روبن» دراسته بما نشره «مارك لاندلر»، الصحفى الأمريكى، فى مارس 2011، بصحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية، عن أن «أوباما» طلب فى أواخر أغسطس من عام 2010 إعداد تقرير سرى عن الاضطرابات فى العالم العربى، وكانت نتيجته أنه «دون تغييرات سياسية واسعة فى البلاد العربية من البحرين إلى اليمن ستصل الأمور فيها لثورة شعبية»، بحسب مسئولين فى الإدارة الأمريكية.

وطلب «أوباما» من خلال الدراسة تحديد بؤر التوتر المحتملة التى كانت مصر أبرزها، بحسب التقرير، وتقديم اقتراحات حول كيفية إدارة التغيير السياسى فى البلدان التى بها حكام ومسئولون مستبدون، حتى إن كانوا يمثلون حلفاء قيمين للولايات المتحدة الأمريكية.

ويقول «روبن» إنه حصل على وثيقة تتضمن محتوى هذه الدراسة، وتشير إلى أن هذا التقرير الذى جرى إعداده كان بداية إفساد نهج البيت الأبيض تجاه مصر ودول أخرى فى الأيام الأخيرة.

ويقول «روبن» إن التفكير التقليدى الذى كان سائدا دوما لدى الولايات المتحدة الأمريكية هو الضغط على حلفائها المستبدين لإحداث تغييرات سياسية تدريجية تحافظ على المصالح الاستراتيجية لها، وضمان استقرار المنطقة، وفى ذات الوقت ترضى طموح المعارضة الطامحة إلى التغيير، لكن هذا النهج أو الاقتراب التقليدى فى التعامل مع قضية التحول الديمقراطى فى منطقة الشرق الأوسط قد تغير لدى البيت الأبيض بعد أن اندلعت الثورة فى تونس.
ويشرح «روبن» أن الإدارة الأمريكية أرسلت إشارة واضحة لإنجاح الثورات العربية، ففى البداية كانت السفارة الأمريكية فى تونس ترى الثورة الشعبية ستجتاح البلاد، لكنها لم تكن تعرف ما إذا كانت ستنجح أم لا. هنا كان قرار «أوباما» بأنه يجب أن تنجح هذه الثورة، وأن نتخذ ما يساعد فى التأكد من أن هذه الثورة ستنجح، إلا أنه لم يكن قد حدد بعد من الذى سيستفيد من هذا النجاح، ولم تكن الولايات المتحدة تتوقع فى تلك المرحلة أن القوى الإسلامية التى توصف بالمعتدلة هى التى ستصل للحكم فى هذه البلاد.

ويقول «روبن»: «وفقا لهذا، فإن من يقولون بعدم وجود تأثير للولايات المتحدة فى هذه الأزمات لا يعرفون عن ماذا يتحدثون»، ويضيف: «بالطبع الولايات المتحدة لم تتحكم فى نتائج الاضطرابات فى المنطقة، لكن الولايات المتحدة لم تقف بجوار الأنظمة الصديقة، بل ساهمت فى محاولات الإطاحة بحكومات كل من مصر وتونس واليمن والبحرين».

ويتابع «روبن»: «الولايات المتحدة لم تدفع باتجاه إسقاط أنظمة معادية لها مثل إيران وسوريا، وكذلك الحال فى الحكومات الراديكالية فى كل من لبنان وغزة، لكنها دفعت لإسقاط حلفائها التقليديين». وتقول الوثيقة: «لا مزيد من الدعم للمنشقين عن النظام الإيرانى، كما كنا نرى فى لحظة ما، أما فيما يتعلق بسوريا فإن الحكومة السورية ستستمر لشهور حتى يمكن القول بوضوح إن النظام السورى فى مأزق حقيقى».

وحسب الوثيقة، التى حصل عليها «روبن»، فإن البيت الأبيض ناقش إمكانية انتقال تأثير حركة الشباب الثورية فى تونس التى أطاحت بزين العابدين بن على، إلى أنظمة عربية أخرى، إلا أن الاستخبارات الأمريكية والإسرائيلية، بحسب مسئولين، قدرت مخاطر الثورة التى قد يتعرض لها نظام «مبارك» فى مصر بأنها أقل من 20%.

ووفقاً لكبار المسئولين فى الإدارة الأمريكية، فإن «أوباما» كان له وجهة نظر مختلفة، فقد قال أحد هؤلاء المسئولين المشاركين فى نقاش «أوباما» حول السياسة الخارجية تجاه الأحداث: «إن هذه الثورة قد تمتد إلى الحكومات الاستبدادية الأخرى فى المنطقة، بما فى ذلك إيران». وبحسب الوثيقة، فإنه بنهاية الـ«18» يوماً الأولى من الثورة المصرية، عقد مسئولو البيت الأبيض مع «أوباما» 38 اجتماعاً عن مصر، وقال لهم فيها: «إن هذه فرصة لخلق بديل لتنظيم القاعدة».
ويرى «روبن» أن «أوباما» كان يقصد من كلماته أن هذه فرصة الولايات المتحدة لنفى اتهامات القاعدة لها بدعم الحكام الاستبداديين، ما داموا حلفاء لها، فكانت سياسة أوباما المضادة لدعاية القاعدة هى: «نحن سندعم حكاماً جدداً إسلاميين بالرغم من أنهم مختلفون عنا».

ويقدم «روبن» دليلاً آخر على صحة رؤيته، فيقول إنه فى مارس 2011 نشر تقرير فى صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية، يبدو أنه تنفيذ لوصايا الورقة التى أعدها البيت الأبيض، ونقلت فيه عن مسئول أمنى كبير قوله: «الإدارة الأمريكية تتخذ خطوات بالفعل للتمييز بين الحركات التى تدعو لتطبيق الشريعة الإسلامية فى المنطقة، فبأمر من البيت الأبيض تم إعداد تقييم للاختلافات الأيديولوجية الكبيرة بين الحركات الإسلامية فى الشرق الأوسط، ومنها المقارنة بين جماعة الإخوان وتنظيم القاعدة»، وأضاف: «إذا لم تميز سياستنا بين الإخوان وتنظيم القاعدة، فإننا لن نكون قادرين على التكيف مع هذه التغييرات السياسية، والمهم ألا نترك أنفسنا للخوف يقودنا».

ويحذر «روبن» «أوباما» من خطورة ترك الخوف من تنظيم القاعدة يتحكم فى تشكيل السياسة الخارجية الأمريكية، ويقول: «أوباما يذكرنى بالرئيس الأمريكى السابق (جيمى كارتر) عام 1977، الذى ساهم فى إسقاط الشاه بسبب انتهاكاته لحقوق الإنسان ودعم الإسلاميين الذين أتت بهم الثورة، حتى أحداث السفارة الأمريكية فى إيران التى أثبتت أن الحكومة التى أتت فى إيران هى حكومة راديكالية إسلامية». ويختم بالقول: «وزارة الخارجية لم تدعم سياسة أوباما فى 2011، وكانت ترى ضرورة دعم عملائها التقليديين فى الأنظمة الحكومية العربية المهددة، وإدارة الدفاع الأمريكى كانت ترى ضرورة دعم الجنرالات العسكريين فى هذه المنطقة، بما فى ذلك تركيا التى يتعرض جيشها للتفكيك التدريجى من قبل النظام الحاكم صاحب المرجعية الإسلامية».
المصدر: "الوطن" المصرية