2024-11-30 08:35 ص

تركيا وغزو المشرق العربي من جديد!!

2013-03-25
كتب: أحمد رستم
تراكم السياسة التركية تجاه دول المشرق العربي وتحديداً سورية والعراق المزيد من عناصر القوة الخشنة والناعمة معاً، مستخدمة جميع الوسائل والأدوات الممكنة للتأثير في الجغرافية السياسية، سعياً إلى صوغها من جديد في ضوء المصالح العليا التركية، وهي في تطلعها إلى تحقيق هذا الهدف تستخدم جملة من العوامل الإيديولوجية والسياسية، فضلاً عن أدواتها المباشرة. في الواقع، من يدقق في سياسة أردوغان - أوغلو تجاه المنطقة العربية فلا بد أن يقف عند المعطيات التالية:
1- استنفار التاريخ والجغرافية بغية إحياء العثمانية من جديد، وأدوات السياسة التركية عربياً في هذا المجال، تتركز على أخونة المنطقة العربية، عبر ركوب موجة التحولات والانفجارات التي تشهدها الدول العربية والمساعدة على إيصال حركات الإخوان المسلمين إلى السلطة كما حصل في تونس ومصر ودعم حكم هذه الحركات التي هي في الأصل مرتبطة إيديولوجياً بحزب العدالة والتنمية التركي الذي يطمح إلى استعادة الهيمنة التركية على المنطقة العربية باسم الاقتداء بالنموذج التركي.
2- محاولة تفكيك الدول العربية وتحديداً العراق وسورية، فالتورط التركي في الأزمة السورية على الأرض بات مكشوفاً، والمسألة لا تتعلق بدعم الحرية وحقوق الإنسان كما تقول أنقرة بل بتفكيك سورية وإعادة صوغها من جديد في ضوء المصالح التركية الإستراتيجية، كما أن التدخل التركي في الشؤون العراقية بات حدثاً يومياً، من خلال دعم طرف داخلي في مواجهة طرف آخر على أساس طائفي، وربما الأخطر هنا هو محاولة ضم إقليم كردستان العراق إلى دائرة نفوذ السياسة التركية وتوظيف ذلك إقليمياً تجاه العراق والمنطقة كلها، والتقرب التركي من الإقليم الكردي هنا لا يأتي محبة بالأكراد وإنما تطلعاً إلى امتلاك الورقة الكردية في عموم المنطقة وتوظيفها في إطار الصراع الإقليمي الجاري على المنطقة.
3- لعل الجانب الأخطر في التحرك التركي تجاه المشرق العربي وتحديداً سورية، هو تحويل تركيا إلى مركز وممر للمجموعات المسلحة والإرهابية باسم الجهاد، فالحدود بين سورية وتركيا باتت أشبه بالحدود بين باكستان وأفغانستان، حيث لا تتوقف حركة المسلحين والسلاح والهجمات المسلحة والتورط الاستخباراتي لمعظم دول العالم. ومع أن مثل هذه السياسة تشكل خطراً قاتلا يهدد تركيا نفسها في المستقبل إلا أن حكومة أردوغان وأمام تطلعاتها الجامحة باتت ترى في استخدام هذه الجماعات أفضل وسيلة لتدمير الآخر سعياً إلى تحقيق أحلامه الإمبراطورية.
4- إلى جانب استخدام هذه الأدوات وتسويق العثمانية الجديدة عبر الأحزاب الإسلامية والاقتصاد والثقافة والتاريخ، فإن التحرك التركي تجاه المنطقة العربية يعتمد على الدور الوظيفي لتركيا في المنظومة الإستراتيجية الغربية، وهو دور سبق أن مارسته تركيا تجاه الاتحاد السوفييتي السابق لمصلحة الغرب، فنشر الدرع الصاروخية الأميركية، وكذلك صواريخ باتريوت والموافقة على استفادة إسرائيل أمنياً من هذه المنظومة واستئناف الصفقات العسكرية مع تل أبيب.. كلها تعبير عن الدور الوظيفي لتركيا في المنظومة الأمنية الغربية، والهدف الجوهري هو استهداف منطقة الشرق الأوسط أي سورية والعراق وإيران بالدرجة الأولى. دون شك، مجمل المعطيات والمؤشرات السابقة، ليست سوى تعبير عن الحرب الناعمة والخشنة التي تمارسها تركيا تجاه المشرق العربي، ومن الواضح أن الهدف الأساسي في هذه المرحلة هو إضعاف هذه المنطقة ودفعها إلى التفكك والانهيار وبالتالي الفراغ، حيث تعتقد أنقرة أن مثل هذا الفراغ هو الذي سيفتح الطريق أمام سيطرة تركيا على المنطقة العربية من جديد على شكل غزو تدريجي وهادئ باسم الأخوة الإسلامية وبدعم غربي مدروس.
المصدر: صحيفة "الوطن" السورية