بقلم: سمى حسن
في كل جيل، هناك من يسير على درب الأبطال، شامخا في وجه الظلم، وهناك من يسير على خطى الخونة، متآمرا، خائنا، ساجدا لغير الله. من كربلاء، حيث قتل الحسين بسبب خيانة قومه الذين باعوه بثمن بخس، إلى بغداد التي سلمها الخونة للتتار، إلى الأندلس التي مزقها ملوكها المتخاذلون، إلى يومنا هذا حيث يقف حكام المسلمين متفرجين على غزة، لا يحركون ساكنا، إلا إذا كان التحرك بأمر من أسيادهم.
الحسين لم يقتل بسيف يزيد، بل بخيانة من بايعوه ثم تركوه يواجه مصيره وحده.
السيدة عائشة لم تسلم من الفتن، فخدعت وجرت إلى معركة الجمل، حيث استغل اسمها في صراع دموي، كانت الخيانة وقوده، كما خذل عثمان من قبل، وكما سلمت بغداد للتتار، وكما تركت غزة اليوم تواجه مصيرها وحدها.
السيدة زينب لم تقف أسيرة في مجلس الطغاة إلا لأن الرجال باعوا دماء أهل بيت النبي ﷺ بثمن زهيد. التاريخ يعيد نفسه، نفس الذل، نفس الطعنات، نفس الخيانة.
الأمة التي تذبح أبناءها بيد أبنائها
في كل مرة سقطت فيها راية الإسلام، لم يكن العدو هو من هزمها، بل كان هناك خنجر داخلي، يد عربية مسلمة، خانت، تآمرت، سجدت لله سجدة، ثم سجدت بعدها ألف سجدة لعدوه.
منذ أيام الخلافة الإسلامية، وفي فتنة الجمل وصفين، بدأت تظهر علامات الخيانة بين المسلمين، معركة الجمل التي دارت بين علي بن أبي طالب وطويلة بن الزبير، أظهرت كيف أن الدماء الإسلامية قد أريقت بسبب التآمر الداخلي. كما في مقتل عثمان بن عفان، الذي قتل على يد الثوار في مكة بعد أن كانوا قد بايعوه، وتحت شعار الإصلاح، تسببوا في تمزيق الأمة الإسلامية داخليا.
ثم جاء سقوط الخلافة العباسية على يد ابن العلقمي، الذي كان يشغل منصب وزير للخلافة، وهو الذي خان وأدى إلى سقوط بغداد في يد التتار، في واحدة من أكبر خيانات التاريخ الإسلامي. هذه الحوادث، التي كانت تزداد مع مرور الوقت، تزرع في الأمة جروحا لا تلتئم، وتزرع روح الخيانة في قلوب الكثيرين.
حكام عبيد… لا يحكمون إلا بأمر سادتهم
اليوم، المشهد أكثر قبحا ووضوحا. حكام العرب والمسلمين ليسوا سوى موظفين عند أسيادهم، دمى تحركها واشنطن وتل أبيب. غزة تحترق، والمسجد الأقصى يدنس، والدماء تسيل، أما هم، فمشغولون بحفلات التطبيع، يتسابقون لإرضاء من يحتقرهم. لا سلاح يوجه إلا إلى صدور المقاومين، لا جيوش تتحرك إلا ضد شعوبها، لا خطب تُلقى إلا لتبرير الذل والتخاذل.
غزة اليوم تشهد مذبحة حقيقية. أطفال غزة، الذين يقتلون بأبشع الطرق، يبادون ، تقطع أجسادهم الصغيرة دون رحمة أو شفقة. كل يوم، ترتفع أعداد الضحايا من المدنيين، وتدمر المنازل على رؤوس أصحابها، لتصبح غزة مقبرة مفتوحة، حيث لا مكان للفرار. بينما الشعب يجبر على العيش تحت الحصار، يجوع ويهان، لا طعام، لا ماء، لا دواء، والموت يلاحقهم من كل زاوية.
في الوقت نفسه، حكامنا العرب، الذين يقيمون حفلات التطبيع مع إسرائيل، يشاهدون هذه الجريمة، ويتسابقون لإرضاء أسيادهم، يغلقون أعينهم عن الدماء التي تراق في غزة. الأنظمة التي تبيع الضمير، وتحمي مصالحها على حساب جثث الأبرياء، لا يهمها سوى ما يحقق لهم المزيد من المال والنفوذ.
هناك من يشترى، وهناك من يبيع، وهناك من يدفع الثمن. بينما أطفال غزة يلقون حتفهم، تُعقد الصفقات بين الحكام، على جثث الفلسطينيين، في صمت رهيب. هؤلاء الحكام الذين يرفعون راية (التعاون) مع العدو، بينما ينزف شعبهم أمام أعينهم، هم مجرد عبيد لا يملكون إلا أن ينحنوا أمام من يسيطر عليهم.
لا كرامة لمن يبيع دينه، ولا عز لمن يركع إلا لسيده نحن في زمن لا يجب أن ننتظر فيه نصرة من هؤلاء. فمن باع في السابق سيبيع غزة اليوم. من خذل زينب، سيخذل الأقصى. هؤلاء ليسوا قادة، ولا رجال دولة، بل عبيد، لا يحركون ساكنا دون إذن، لا يرفعون رأسا إلا لينظروا في عيون أسيادهم، ولا يخجلون من خيانتهم.
لكنهم واهمون… فالتاريخ لا يرحم، والخونة لا يخلدون. غزة ستبقى تقاتل… ولن تركع.
كاتبة فلسطينية
Somahassan343@gmail.com
حكام عبيد: طعنة تلو الأخرى… خيانات لا تنتهي
2025-03-22