2025-03-09 08:39 م

السلطة المصرية تستعين بالرأي العام لمواجهة خطة تهجير ترامب

2025-02-01

حشدت أحزاب موالية في مصر آلاف المواطنين من مختلف المحافظات عند معبر رفح البري الواصل بين مصر وغزة، أمس الجمعة، دعماً لموقف السلطة الرافضة ضغوط الرئيس الأميركي دونالد ترامب لتهجير الفلسطينيين من غزة إلى مصر والأردن. وكان من اللافت تغير الاتجاه في أروقة السلطة من تنظيم التظاهرات بمختلف ميادين العاصمة والمحافظات، إلى الحشد عند الحدود لمواجهة خطة تهجير ترامب مع ما يستلزمه ذلك من كلفة أعلى.

وكشف هذا الأمر، برأي مراقبين، عن قلق لدى أجهزة الدولة من تحول التظاهرات إلى مسارات أخرى وهتافات ضد النظام، كما حدث في تظاهرات جرت منتصف العام الماضي، حين خرج شباب غاضبون عن المسار المرسوم، وتوجهوا إلى ميدان التحرير هاتفين: "دي مظاهرة بجد، مش تابعين لحد"، في إشارة إلى اختلافهم عن المتظاهرين المنقولين بالحافلات إلى استاد القاهرة وبعض المناطق تحت مظلة أحزاب تابعة للسلطة والأجهزة الأمنية.

ورغم أنه من المعتاد أن تواكب خطبة الجمعة الحدث، إلا أن الخطب بالمساجد خلت من الإشارة إلى ضرورة الاصطفاف وراء ولي الأمر، كما حدث في مرات سابقة. غير أن خطباء أشاروا إلى أنهم تلقوا توجيهات بقراءة آيات قرآنية وأحاديث نبوية خلال الخطبة والصلاة تأتي على ذكر مصر بالخير، وأنها محفوظة بأمر الله لأنها مذكورة في القرآن، مع الحث على قراءة سورتي الضحى والشرح، وهما سورتان نزلتا لطمأنة قلب النبي محمد، بيد أن مصدراً بالأوقاف قال إن الأمر محض اجتهادات من بعض قيادات الوزارة في مختلف المواقع، تزكية لأنفسهم لدى السلطة، ولم يصدر توجيه رسمي بذلك.

ومع غروب شمس أول من أمس الخميس، تسارعت الاستعدادات لنقل المواطنين من مختلف محافظات الدلتا إلى محافظة شمال سيناء حيث معبر رفح البري. ورداً على خطة تهجير ترامب، بدأت الحافلات، مع مطلع فجر أمس الجمعة، في نقل آلاف المواطنين وتزويدهم بأعلام مصر وفلسطين، ولافتات حملت عبارات "لا للتهجير" و"لا لظلم الأبرياء" وأيضاً "لا لتصفية القضية الفلسطينية". وأشرف على تنظيم التظاهرات ونقل المواطنين مسؤولون من أحزاب مستقبل وطن وحماة الوطن وحزب الجبهة الوطنية، وهي أحزاب صنعها النظام من بقايا الحزب الوطني المنحل وعسكريين سابقين وشخصيات أمنية أو مقربة من أجهزة الأمن.

شروط لمواجهة خطة تهجير ترامب
ورأى عمرو هاشم ربيع، الخبير في مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية، أن دعم النظام في قضية رفض خطة ترامب لتهجير الفلسطينيين إلى سيناء يجب أن يكون مبدئياً ووطنياً باعتبارها قضية قومية تهم الأغلبية الساحقة من المصريين، لكنه أعرب عن اعتقاده، في الوقت نفسه، أن لهذا الاصطفاف حدوداً. وقال ربيع في حديث لـ"العربي الجديد": "الاصطفاف وراء النظام في قضية خارجية يجب أن يكون مشروطاً باقتراب خياراته من الشعب، وليس دعماً مفتوحاً. فالمساندة تأتي بقدر تماهي النظام مع المطالب المشروعة للمواطنين". وأشار إلى أن دعم القيادة السياسية في مواجهة خطة تهجير ترامب يجب أن يكون مقترناً بفتح المجال العام، وإنهاء التضييق على الحريات العامة، ووضع حد للحبس الاحتياطي التعسفي، وإيجاد بدائل تتناسب مع المعايير العالمية.

من جانبه، اعتبر مجدي حمدان، نائب رئيس حزب المحافظين، أن الشعب المصري دائم الاصطفاف خلف النظام في القضايا التي تحظى بإجماع وطني، لكنه طالب بتوظيف هذه اللحظة لتعزيز الحريات. وقال في حديثه لـ"العربي الجديد": "هذه فرصة للمطالبة بفتح المجال العام، وإرساء مناخ من الحرية والديمقراطية، ووقف هيمنة السلطة على القرار السياسي، والاستماع إلى المعارضة بدلاً من شيطنتها. فالأمل الذي كان يعوّل عليه البعض لإنهاء الجمود السياسي تلاشى بسبب تجاهل المطالب المشروعة للمعارضة". وشدد على أن هذا الاصطفاف يجب أن يكون مشروطاً باحترام الدستور وتطبيق مواده، وإفساح المجال للمعارضة السلمية، وإيجاد حل لقضية المعتقلين السياسيين، متسائلاً: "ماذا فعل عبد المنعم أبو الفتوح، الرجل الثمانيني، ليظل في محبسه لمجرد أنه عبّر عن رأيه في برنامج تلفزيوني؟".

مقتضيات الوطنية
على الجانب الآخر، رأى اللواء نصر سالم، رئيس جهاز الاستطلاع الأسبق وأستاذ الأكاديمية العسكرية، أن الاصطفاف خلف النظام لمواجهة خطة تهجير ترامب يجب أن يكون مطلقاً وغير مشروط. وقال سالم في تصريح لـ"العربي الجديد": "القضايا المصيرية لا تحتمل المساومات. دعم القيادة السياسية في مواجهة المخاطر التي تهدد الأمن القومي المصري يجب أن يكون مفتوحاً، ومن يضع شروطاً، عليه أن يراجع وطنيته، لأن هذا يتماهى مع مصالح قوى خارجية لا تريد الخير لمصر". وطالب المعارضة بالكف عما وصفه بـ"توزيع الأدوار"، مضيفاً: "هذا التحدي الخطير يفرض على الجميع التوقف عن الابتزاز السياسي. لماذا يُطرح الحديث عن فتح المجال العام والحريات في وقت تقترب فيه مصر من مواجهة مفتوحة مع قوى كبرى؟". وأضاف: "من يضعون الشروط، بشكل أو بآخر، يساهمون في تمرير مخطط ترامب لتهجير الفلسطينيين إلى سيناء، وهو ما رفضته مصر جملةً وتفصيلاً منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول" 2023.

المصدر: العربي الجديد

آراء ومقالات