2025-01-31 12:10 ص

قانون إسرائيلي حول تملك العقارات في الضفة الغربية.. خطوة نحو الضم

2025-01-29

صادقت اللجنة الوزارية الإسرائيلية لشؤون التشريع في الكنيست الإسرائيلي (البرلمان) على مشروع قانون يتيح للمستوطنين شراء أراض في الضفة الغربية على نحو مباشر دون المرور عبر الإدارة المدنية التابعة لجيش الاحتلال، ما يشكل خطوة متقدمة في مخطط ضم الضفة وفرض السيادة الإسرائيلية عليها.

ومن المقرر غداً الأربعاء، التصويت في الكنيست على مشروع القانون الذي قدمه عضو النائب عن حزب "الصهيونية الدينية" اليميني المتطرف موشيه سولومون، ووقعه 40 عضو كنيست. وبموجب القانون سيجري إلغاء القانون الأردني الساري في الضفة الغربية منذ ما قبل احتلالها عام 1967، والذي ينظم عملية بيع وشراء وتملك الأراضي.

وقال المستشار القانوني لهيئة مقاومة الجدار والاستيطان عايد مرار لـ"العربي الجديد" إن "دولة الاحتلال وفق القانون الدولي يمنع عليها أن تطبق قوانينها على الأراضي الخاضعة لاحتلالها، لذا فحتى وقت قريب جداً كان القانون الذي ما زال سارياً لبيع الأراضي في الضفة الغربية هو قانون الأراضي الأردني"، مضيفاً أن "هذا القانون يعتبر اليهود مواطنين يتبعون لدولة معادية، ونقل ملكية أي أرض لمواطن من دولة معادية يعد جناية يعاقب عليها القانون بالأشغال الشاقة المؤقتة".

وجرى تشريع القانون الأردني عام 1953 وظل سارياً حتى بعد الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية في 1967. وقال مرار إن "إسرائيل طبقت بعض القوانين السابقة ومنها القانون الأردني ذي الصلة، ولكنها نظمتها بآليات تنفيذية من خلال أوامر عسكرية تلوي عنق القانون حتى تجيره لمصالحها الخاصة".

ولفت إلى أن التعديل الجديد لا يعتبر المستوطنين مواطنين لدولة معادية، بل "أجانب"، وقانون الأراضي الأردني ينظم ملكية الأجنبي للأرض وفق عدة شروط وبنود، أهمها، أن يكون المالك للأرض المشتراة شركة مرخصة وليس شخصاً، وأن الشراء لغرض مشروع ومحدد، وليس بغرض المتاجرة، إضافة إلى شرط الحصول على إذن شراء من مجلس الوزراء.

وبحسب مرار، تريد إسرائيل تطبيق هذا البند على المستوطنين في الضفة باعتبارهم أجانب ويشترون وفق تلك الشروط، مضيفاً أن "حكومة الاحتلال ومجلس مستوطنات الضفة الغربية أدخلوا حيلاً جديدة، فعلى سبيل المثال: قانون البيع الأردني يُلزم المشتري أن يثبت البيع حال وقع خلاف مع البائع، وهنا يقع عبء الإثبات على الشركة أو الجمعية الاستيطانية الإسرائيلية، وللهروب من ذلك استحدثوا فكرة "السمسار" أي الوسيط، وعندما تأتي أنت للاعتراض على الشاري الإسرائيلي حال نقلت ملكية الأرض إليه من السمسار، يكون الرد أنهم لم يشتروا منك بل من السمسار".

التفاف وتحايل
من جانبه، قدم مدير عام النشر والتوثيق في هيئة مقاومة الجدار والاستيطان أمير داوود، شرحاً مفصلاً أكثر خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، حيث أوضح أنه حتى الآن، كان يسمح للمستوطنين بالالتفاف على القيود عبر شراء أراضي الضفة الغربية من خلال الشركات المسجلة لدى الإدارة المدنية في الضفة عوضاً عن سلطة الشركات الإسرائيلية؛ ومن ثم يصبحون مالكي الأرض.

وبحسب داوود، فإن من شأن مشروع القانون أن يلغي القانون الأردني الحالي الذي يحد ممن يمكنه شراء أو استئجار أراضي الضفة الغربية، علماً بأن القانون الأردني ساري المفعول قبل أن تستولي إسرائيل على الضفة الغربية في عام 1967.

وقال داود: "النقطة الجوهرية هي تغيير التعامل مع الأراضي الفلسطينية باعتبارها أراضي غير واقعة تحت الاحتلال، بل تخضع للسيادة الإسرائيلية. لذا فإنه في حال الإقرار المتوقع من الكنيست للقانون، سيزيح الصبغة العسكرية في العلاقة مع الأرض المحتلة ويمنحها صبغة مدنية، أي إنها تخضع للسيادة وليس الاحتلال. إقراره يعني أن دولة الاحتلال بدأت تطبق فعلياً أولى خطوات الضم".

وأضاف داوود "الضم يحمل عناوين وأشكالاً كثيرة، لكن أهمها وأبرزها هو الصراع على الأرض، لذلك جاء تمكين المستوطنين من السيطرة على الأراضي أو شرائها في المناطق المحتلة دون وساطة الإدارة المدنية والشركات الاستيطانية". وأكد "في السابق كنا نقول إن سلطات الاحتلال صادرت أراضي نزعت ملكيتها من أصحابها الأصليين، واليوم نتحدث عن سيادة وتغيير كامل لطبيعة تلك الأراضي وتنظيم آلية تملّكها من المستوطنين".

خطوة استراتيجية لضم الضفة الغربية
المختص في الشؤون الإسرائيلية ياسر مناع، أوضح في حديث لـ"العربي الجديد"، أن مشروع القانون جرى إيداعه في الكنيست سنة 2023، ونوقش أول من أمس الأحد، داخل اللجنة الوزارية للتشريع، وعند الاتفاق على بنوده، سيجري إرجاعه للكنيست للمصادقة عليه بالقراءات الثلاثة.

ويرى مناع أن مشروع القانون يُشكّل خطوة استراتيجية وجوهرية نحو الضم الفعلي للضفة الغربية، حيث يهدف إلى تمكين المستوطنين الإسرائيليين من التملك الخاص للأراضي داخل هذه المنطقة المحتلة، في انتهاك واضح للقانون الدولي.

هذا المشروع وفق مناع، لم يأتِ بشكل عشوائي أو مفاجئ، بل هو ثمرة مسار طويل من التخطيط والتنظيم الذي قادته منظمات استيطانية متطرفة، أبرزها منظمة "رغفيم"، والتي لعبت دوراً رئيسياً في الدفع نحو سياسات توسعية ممنهجة، تهدف إلى تعزيز السيطرة الإسرائيلية على الضفة الغربية.

وشدد مناع على أن توقيت طرح هذا المشروع يحمل دلالات سياسية عميقة، "إذ يأتي في سياق ظروف إقليمية ودولية مواتية بالنسبة للحكومة الإسرائيلية، حيث تزامن مع العمليات العسكرية الواسعة التي تنفذها إسرائيل في الضفة الغربية، ما يعزز فرض وقائع جديدة على الأرض بالقوة".

وأضاف أن طرح المشروع تزامن مع فترة تولي الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي عبّر عن مواقف داعمة لإسرائيل بشكل غير مسبوق، بما في ذلك تصريحاته المثيرة للجدل حول ترحيل الفلسطينيين إلى الأردن ومصر، "ما يُظهر توافقاً أميركياً ضمنياً مع الخطط الإسرائيلية لتغيير الواقع الديمغرافي والجغرافي في المنطقة".

وحول إلغاء القانون الأردني، قال مناع: "إن هذا الإجراء، في حال تطبيقه، لن يكون مجرد تعديل قانوني، بل هو خطوة أولى لفرض السيادة الإسرائيلية القانونية والسياسية على الضفة الغربية. إن استبدال القانون الأردني سيتيح المجال لإقرار سلسلة من القوانين الجديدة التي تهدف إلى تغيير الطابع التاريخي والجغرافي للضفة الغربية، وتعزيز عملية تهويدها، بما في ذلك توسيع المستوطنات وفرض قيود إضافية على الفلسطينيين في استخدام أراضيهم".

واعتبر مناع المشروع "جزءاً من استراتيجية إسرائيلية أوسع، تهدف إلى تثبيت الاحتلال وتحويله إلى واقع دائم غير قابل للنقاش، ما يُنذر بتبعات خطيرة على مستقبل القضية الفلسطينية، ويُظهر حجم التحديات التي تواجه الفلسطينيين في الحفاظ على حقوقهم الوطنية والسيادية في وجه هذه السياسات التصعيدية".
المصدر: العربي الجديد