بقلم: فاديا مطر
لطالما كانت المنطقة الشرق متوسطية حاكماَ ضاغطاَ على كيان الاحتلال الصهيوني بكلّ متواجداته عبر محور المقاومة الذي أفشل المخطط الجيوسياسي العالمي الهادف إلى تغيير خرائط المنطقة بعمق حماية الكيان الإسرائيلي كرأس حربة عسكرية وذراع متقدّم للولايات المتحدة الأميركية يكرّس العصا العسكرية كحلّ بديل عن طاولات التفاوض السياسي، كون أنّ الساحات المتشابكة لمحور المقاومة محط خوف عالمي هدّد وجود هذا الكيان في صميم تواجده،
فالتحالفات الصهيونية في المنطقة عبر أنقرة كانت الأبرز على الساحة السورية ومن خلفها الدول الداعمة لها من الحلفاء الروس والإيرانيين، فالهجوم الإرهابي بالذراع التركية على حلب كان مُسبّقاَ لمشروع أنقرة العسكري والسياسي والطائفي بالتشارك مع الصهيانة لتغيير خرائط السيطرة في سورية، واستكمالاً لمعركة غزة والجنوب اللبناني الذي أفشل القدرة العسكرية الإسرائيلية والسياسية الأميركية في تمكين المخطط الجيوسياسي العالمي من تغيير السيطرة للحلفاء التقليديين لسورية،
بل كان التحرك التركي الإرهابي في حلب مقدمة استباقية لحجز وتحضير المكان والزمان لكرسي الرئاسة الأميركية المقبلة من جهة، وحجز للمكانة التركية الداعمة لـ “إسرائيل” في المنطقة وضربة للدولة السورية التي لم تتخذ سبيلاً لمصالحة تركية بشروط ترك – إسرائيلية تلبّي ما يخسره المشروع الصهيو ـ تركي في المنطقة،
فحلب كانت الساحة المُحضّرة سلفاَ كحاضنة تقابل الفشل الصهيوني في غزة ولبنان وسقوط مشروع ما يسمّى “الشرق الأوسط الجديد” الذي يتهاوى أمام صمود محور المقاومة والذي يقضّ مضجع تل أبيب ومن ورائها أنقرة وواشنطن بعد مرحلة دامية في كلّ من سورية ولبنان وفلسطين المحتلة،
لذلك كانت حلب الخيار الأقرب لتغيير وجهة النار التي تهدف لقطع طريق طهران دمشق بيروت الداعم لمحور المقاومة الذي لعبت فيه قوى المقاومة اللعبة القاتلة للساحة الصهيو ـ أميركية التي في قلبها تركيا والكيان الصهيوني كذراع أول لتغيير جيوسياسية المنطقة والضغط على روسيا في الحديقة الخلفية لدخول طاولة شروط تُرسي الساحة الأوكرانية كشرط أولي تتبدّى مفاعيله السياسية والعسكرية في الساحة السورية ومن خلفها الجنوب اللبناني،
وهو الإستباق الذي جعل المنطقة الحلبية بريفها المحتلّ والملتهب أول ذراع للضغط العسكري، الذي لا بدّ أنه سيواجَه بالصدّ من قبل سورية والحلفاء الإستراتيجيين الذين سيضعون الحدّ أمام هذا المشروع الجيوسياسي العالمي، في نقطة اللاتمدّد على باقي الساحات العالمية…
المصدر/ البناء