2024-11-26 01:46 ص

اغتيال القانون الدولي.. من يحاسب "إسرائيل" على جرائم الحرب في غزة ولبنان؟

2024-10-07

"كلما حلّ الليل، أوشك على الانهيار وأنفجر بكاءً على أهلي، الذي بات عنوان حياتهم هو: نزوح من مكان نحو الآخر". بهذه الكلمات انطلقت فاطمة، شابة من غزة، تدرس في المغرب، في الحديث عن تفاصيل عام كامل على "طوفان الأقصى".

وأضافت فاطمة، التي تدرس ماجستير حقوق الإنسان، في حديثها لـ"عربي21": "أي قوانين ندرس، في ظل انعدام إمكانية تطبيقها في الواقع؛ أهلي في غزة يعيشون على خبز مصنوع من علف البهائم، وماء وسخ، هل بإمكانك تخيل الأمر؟"، مردفة: "ثلاث سنوات لم أر عائلتي، التي نصفها بات شهيدا، والنصف الآخر يقاوم مرارة العيش تحت القصف؛ عن أي حقوق إنسان نتحدّث؟".

فاطمة، واحدة من آلاف الغزّيين، عبر العالم، ممّن لم تنصف القوانين الدولية المُرتبطة بحقوق الإنسان بلدهم، الذي يعيش على إيقاع قصف أهوج من الاحتلال الإسرائيلي، لم يرحم فيه لا حجرا ولا بشرا، فدمّر كافّة معالم الحياة.

اغتيال القانون الدولي
على مدار عام كامل، رصدت "عربي21" استمرار عُدوان الاحتلال الإسرائيلي على كامل قطاع غزة المحاصر، ناهيك عن الحرب الهوجاء التي يشنّها على جنوب لبنان؛ ما كشف بالصوت والصورة انتهاكات بالجُملة، لكافة القوانين الدولية المتعلّقة بحقوق الإنسان.


أمام مرأى العالم، وبتقنية المُباشر، جحافل من الدبّابات والمدرّعات والجرّافات، تأخذ راحتها في الذهاب يُمنة ويسارا، وقصف مُتواصل يستهدف المدنيين، من النساء والأطفال والكبار في السن، وأيضا الأطباء والمسعفين والإعلاميين، وغيرهم من الفئات، التي تجرّم القوانين الدولية استهدافهم في الحروب..
كذلك، تم التسّوية أرضا بكل من المشافي والمدارس والمنازل والمساجد والكنائس، والأسواق والمخابز.. وهي كذلك من الأماكن التي يتم تجريم الاقتراب منها في الحروب.. ما جعل سؤالا واحدا يتكرّر على مدار عام كامل: أي جدوى للقوانين الدولية؟

وحتّى في الوقت الذي صدر فيه قرار ينصّ على وقف إطلاق النار فورا، من مجلس الأمن الدولي، وعلى الرغم من مثول دولة الاحتلال الإسرائيلي أمام محكمة العدل الدولية بتهمة ارتكاب "إبادة جماعية"، فإن قوات الاحتلال واصلت عدوانها على كامل القطاع المحاصر، وأيضا على مناطق بجنوب لبنان.
ما ذنب الأطفال؟ 
"ما الذي ارتكبه الأطفال ليتم قتلهم بهذه الطريقة البشعة؟" من خلال هذا السؤال أعرب الكثير من رواد مُختلف مواقع التواصل الاجتماعي، طِوال عام كامل، عن حزنهم من انتهاك حُرمة الطفولة، داخل القطاع الذي فيه ما يناهز 55 بالمئة من الأطفال؛ استشهد منهم الآلاف منذ بداية الحرب؛ وذلك وفقا لوزارة الصحة الفلسطينية.

وأوضحت الوزارة، في عدد من خرجاتها الإعلامية، التي وُصفت بـ"الحزينة والمُروعة"، أن هناك كمّا مُفجعا من الأطفال الشهداء، والآلاف من الجرحى، ممّن تعرّضوا لإصابات وأضرار بالغة، بعضها انتهت ببتر الأطراف.

في داخل القطاع المحاصر، الذي يعايش ويلات الحرب القاسية، فإن الأطفال التي نجت من الاستهداف المُباشر وغير المباشر، لم تنجوا من فُقدان منازلها، وربّما كامل أهاليها. إنها سلسلة طويلة من إجرام الاحتلال الإسرائيلي بحق الأطفال وانتهاك مباشر لحقوق الإنسان واتفاقيات حقوق الطفل.
الأطفال في غزة، البالغين هذه السنة لـ17 عاما، وجدوا أنفسهم قد عايشوا قسرا ست حروب متتالية، ناهيك عن حصار خانق منذ عام 2007 مسّ كل شبر في القطاع. وبالتالي هو طفل يعيش حالة مُتواصلة من الصدمة الدائمة والمتتابعة.

أيضا، كان مسؤول البرامج والاتصال لدى الأورومتوسطي، محمد شحادة، قد أشار، عبر مقطع فيديو، إلى أن "القصف الإسرائيلي على غزة، خلال أيار/ مايو الماضي، فاقم الأزمة الموجودة أصلاً"، مؤكدا أن "قرابة ربع الأمراض المنتشرة في غزة ناتجة عن تلوث المياه، و12 في المئة من وفيات الأطفال والرضّع، مرتبطة بأمراض معوية متصلة بالمياه الملوثة".
لا مكان آمن 
"كلّما قيل لنا إن هذه المنطقة آمنة، أصاب بالرّعب. أصبحت متيقّنا أن الأمر خدعة؛ إذ يتم إعادة تشكيلنا في مكان واحد، ليسهل قصفنا عقب ذلك"، هكذا وصف أكرم، شاب من قلب غزّة، المشهد الصّعب، لـ"عربي21"، بعد عام كامل من الحرب.

عشرات من الشهداء والجرحى يسقطون كل يوم، على مدار عام كامل، وفي أماكن مختلفة من القطاع المحاصر؛ خاصّة في رفح التي نالت النصيب الأكبر من الهجمات، رغم كونها اعتُبرت من المناطق الآمنة، حيث كان ينزح إليها الأهالي، غير أنها لم تكن كذلك، فتواصلت انتهاكات الاحتلال الصارخة لكافة ما يمت لـ"الإنسانية" بصلة.
ولجأ الاحتلال الإسرائيلي، في حربه على غزة، لاستخدام: المتفجرة ذات الآثار الواسعة، والفوسفور الأبيض، وكذا الصواريخ، وذلك وسط حديث عن استخدام قنابل عنقودية، في قصفه على القطاع التي يُحدد طوله 41 كيلو مترا، ويتراوح عرضه بين 6 و12 كيلو مترا، ويعيش فيه أكثر من 2.2 مليون فلسطيني.

وكانت "عربي21" قد رصدت، أيضا، عددا من مقاطع الفيديو، تُوثق قصف الاحتلال الإسرائيلي لمدرسة تابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" بقنابل الفوسفور والقذائف المدفعية، في مخيم الشاطئ بمدينة غزة، وهو المقطع الذي التقطه أحد النازحين، فأظهر لحظة سقوط قنابل الفوسفور على مدرسة تضم آلاف الفلسطينيين الذين نزحوا بسبب العدوان الذي يشنه الاحتلال.
وحين وصلت الحرب على غزة شهرها الثّامن، كان نائب مندوب فلسطين بمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة قد قال خلال جلسة، إن "دولة الاحتلال الإسرائيلي تقصف أحياء بأكملها، بشكل عشوائي، في قطاع غزة المحاصر"، مشيرا إلى أن "جيش الاحتلال يقترف جرائم حرب يوميا، وإسرائيل تجاوزت جميع الخطوط الحمراء، والعالم مطالب بإجبارها على وقف عدوانها". لكن لا مُجيب.

وفي لبنان، شهادات كثيرة حصلت عليها "عربي21" من ألسنة أهالي مختلف المناطق، تروي تفاصيل القصف الانتقامي، الذي شنّه الاحتلال الإسرائيلي، ما تسبب في موجة نزوح كبيرة للأهالي نحو مناطق اعتبروها أكثر أمنا. فيما أشار كثيرون لكون: "الأوضاع بشكل عام تتجه نحو ما هو أخطر".

فوق القانون
بحسب تعريف منظمة "هيومن رايتس ووتش"، فإن القانون الإنساني الدولي يُقرّ بأن الاحتلال الإسرائيلي لغزة هو "نزاع مسلح مستمر"، تخضع فيه الهجمات العسكرية بين جيش الاحتلال وحماس وغيرها، للمعايير الأساسية التي تحكم الأعمال العدائية المتجذرة فيه، والتي تتألف من قوانين المعاهدات الدولية.

ويتعلّق الأمر، خاصة بالمادة المشتركة 3 من "اتفاقيات جنيف لسنة 1949"، والقانون الإنساني الدولي العرفي، السّاري في ما يسمى النزاعات المسلحة غير الدولية، كما هو منصوص عليه في "البروتوكولات الإضافية لعام 1977 لاتفاقيات جنيف". 
قوانين الحرب هذه، تُلزم أساسا بتوفير "تحذير مسبق فعّال، من أجل التحقّق من أن الهجوم سيكون على الأهداف العسكرية وليس مدنيين أو أعيان مدنية، والامتناع عن شن هجوم في حال انتهاك مبدأ التناسب. وفي المناطق المأهولة التي توجد فيها مبان أو هياكل أخرى".

"فوق الأرض وتحتها، ينبغي للأطراف المتنازعة أن تراعي صعوبة تحديد وجود المدنيين، الذين قد لا يكون من الممكن رؤيتهم حتى بواسطة تقنيات المراقبة المتقدمة" يوضّح القانون نفسه. غير أن الأمر لم يتم الالتزام به من طرف دولة الاحتلال الإسرائيلي.

كذلك، على الرغم من نص المادة 3 من القانون ذاته، على عدد من تدابير الحماية الأساسية للمدنيين والأشخاص الذين لم يعودوا يشاركون في الأعمال العدائية، مثل المقاتلين الأسرى، ومن استسلموا أو باتوا عاجزين، حيث يُحظر القتل في حقهم، أو معاملتهم بقسوة، أو التعدي على كرامتهم الشخصية عبر المعاملة غير الإنسانية. هذا أيضا لم يتم الالتزام به من طرف الاحتلال الإسرائيلي، الذي اعتبر نفسه من خلال عُدوانه على كل من غزة وجنوب لبنان، فوق القانون.

أيضا، في الوقت الذي تحظر فيه قوانين الحرب كافة الأعمال الرّامية لبثّ الذعر بين السكان المدنيين. وزّع الاحتلال الإسرائيلي، على كل من الغزّيين واللبنانيين، بيانات داعية إلى إخلاء عدد من المناطق، لتخويف السكان المقيمين وإجبارهم على ترك منازلهم.

ورغم أن القانون الدولي الإنساني والقانون في الحرب وعدد من المواثيق الدولية، تؤكد أنه: "لا يمكن أبدا تبرير انتهاك هذه القوانين عبر استهداف المدنيين عمدا أو تنفيذ هجمات عشوائية"، فإن جيش الاحتلال، عبر قصفه المتواصل على غزة وأيضا على مناطق في جنوب لبنان، قد حوّل كل شيء إلى خراب، بشكل وصف بـ"انتقام أهوج" ضارب عرض الحائط كافّة القوانين.


هنا غزّة.. لا معبر ولا مُساعدات
أيادي المحتل الإسرائيلي لم ترحم لا بشرا ولا حجرا، على مدار عام مُتواصل، على قطاع غزة المحاصر، حيث لم تتهاون في محاولة البطش بهم، حتى وهُم في قلب خيمات مُهترئة، في أمسّ الحاجة لبصيص المساعدات الإنسانية، فقامت بإقفال "معبر رفح" الذي كان يعدّ شريان الحياة في غزّة. 

وفي حديثه لـ"عربي21" قال المختص في القانون الدولي، عبد القادر العزة: "في ظل جرائم الاحتلال المستمرة، فإن معبر رفح يلعب دورا حيويا في إدخال المساعدات الإنسانية والبضائع. وإن فتحه بانتظام يمكن أن يُخفّف معاناة الشعب الفلسطيني المحاصر؛ وهذا ما يتطلب التعاون بين جميع الجهات الدولية، لضمان تحقيق الأهداف الإنسانية والاقتصادية والسياسية المرتبطة به".

وأوضح العزة، وهو الحاصل على شهادة دكتوراه في الحقوق القانونية والسياسية للاجئين الفلسطينيين، أن "هناك تخوفات مصرية تتعلق بفتح المعبر بشكل دائم؛ وتشمل: أولا، حماية الأمن القومي المصري، حيث إنها تخشى من أن فتح المعبر بشكل كامل قد يؤدي إلى انتقال المقاومة إلى الأراضي المصرية، ما يمكن أن يزيد من التوتّر في المنطقة".

وتابع المختص في القانون الدولي، أنه "ثانيا، فتح المعبر في الوقت الحالي، قد يعني أن مصر ستكون مسؤولة عن الفلسطينيين اللاجئين إلى أراضيها، وتنفيذ المخطط الصهيوني بإعادة التوطين الدائم لمئات الآلاف من الفلسطينيين من أبناء قطاع غزة. بالإضافة إلى مراقبة الحدود والأمور الأمنية في ما يتعلق بقطاع غزة، وهو أمر قد يثقل كاهل مصر".

وأكّد العزة في ختام حديثه لـ"عربي21" أن: "هناك اتفاقيات دولية وقوانين تحكم حركة الأفراد والبضائع عبر الحدود، ومصر تلتزم بالامتثال لهذه الاتفاقيات وتحاول تحقيق توازن بين الاحتياجات الإنسانية والالتزامات القانونية".

عن أي حقوق نتحدث؟ 
التجويع والعطش والتهجير القسري وحالات اغتصاب، وقلّة نظافة، وصعوبة الولوج لأبسط مقوّمات الحياة السليمة.. هكذا أضحت الحياة في غزة، بين ليلة وضحاها، لأن قوانين الحرب لم يفعّل، ولأن دولة الاحتلال الإسرائيلي، انتهجت مبدأ "البطش" واغتالت القوانين، لتُعيد الحياة في غزة وجنوب لبنان، إلى ما يوصف بـ"قانون الغاب" وذلك بحسب حديث عدد من المتخصصين في القوانين الدولية المرتبطة بحقوق الإنسان.

إلى ذلك، رصدت "عربي21" منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر من العام الماضي، منشورات وتغريدات، بالآلاف، توثّق لاقتراف جرائم حرب في حق كل من لا يتوجّب عليها مسّهم، خاصة: النساء والأطفال وذوي الاحتياجات الخاصة، وأيضا المُسعفين والعامين في المجال الطبي بكافة فئاتهم. 

وفي وصفهم للوضع المعاش الرّاهن، في كل من قطاع غزة المحاصر وجنوب لبنان، قال عدد من المتحدّثين لـ"عربي21": "إنها إبادة ديموغرافية مع تلذّذ حقيقي بإذلال الجسد؛ حيث لا تفرق طائرات الاحتلال بين أحد، فطالت الأخضر واليابس، دون استثناء، من سيارات الإسعاف التي تنقل الأجساد المصابة، إلى المستشفيات التي تعالجها، وحتى المقابر التي تواريها".
وأكّد المتحدّثين أنفسهم، ممّن يعايشون وضعا بات أصعب ممّا ذهبت إليه مخيّلتهم في بادئ الحرب الشّرسة، قبل عام كامل، أن: "المؤسسات الدولية أعربت عن فشلها بشكل مدهش في مهمّاتها لحماية الحياة وضمان العدالة؛ فبات لزاما على كافة ذوي الشّأن الاتّحاد لإسقاط كافة القوانين الدولية والمواثيق المرتبطة بحقوق الإنسان، لكتابة قوانين أخرى، علّها تجدي نفعا، في واقع يرفض فيه الاحتلال الإسرائيلي، وحلفائه، الامتثال للقوانين السّارية".

التقارير الدولية تخرج عن صمتها.. ولكن 
طيلة عام على معركة "طوفان الأقصى"، رصدت "عربي21" جُملة من التقارير الحقوقية الدولية، التي أعلنت الخروج عن صمتها، فأقامت الحجّة على جيش الاحتلال الإسرائيلي بتعمّد استهداف المدنيين واقتراف جرائم حرب، خاصة ما يتعلٍّق بـ"التجويع".

 أوكسفام
البداية من منظمة "أوكسفام"، التي أكّدت عبر بيان بتاريخ 25 تشرين الأول/ أكتوبر من العام الماضي، أن دولة الاحتلال الإسرائيلي، استخدمت "التجويع كسلاح حرب ضد المدنيين في غزة"، مردفة أن "2 بالمئة فقط من المواد الغذائية اللازمة، هي التي سُمح بدُخولها غزة، منذ تشديد الحصار المفروض على القطاع منذ 16 عاما".

وأضافت "أوكسفام" أن "السماح بدخول كمية ضئيلة من المساعدات الغذائية، يترك سكان القطاع، في حاجة ماسة إلى الغذاء"؛ في إشارة لكون القانون الإنساني الدولي يحظر استخدام التجويع كوسيلة من وسائل الحرب.
ووجدت المنظّمة أنه قبل اندلاع العدوان، كانت 104 شاحنة تقوم يوميا بتوصيل الغذاء إلى القطاع المحاصر، بمعدل شاحنة واحدة كل 14 دقيقة. ومن بين 62 شاحنة محمّلة بالمساعدات سُمِح بدخولها إلى غزة عبر معبر رفح، كانت 30 شاحنة فقط تحمل مواد غذائية مع مواد إغاثية أخرى، ما يعني شاحنة واحدة فقط كل ثلاث ساعات و12 دقيقة.

إلى ذلك، بوصفها القوة المحتلة في غزة، فإن الاحتلال الإسرائيلي، ملزم بالأساس ببنود القانون الإنساني الدولي، القاضي بتوفير احتياجات سكان غزة وحمايتهم؛ لكنّه يتجاهل القوانين.

هيومن رايتس ووتش
بدورها، وجّهت منظمة "هيومن رايتس ووتش" أصابع الاتهام لدولة الاحتلال الإسرائيلي بالقول إنها: "تتعمّد تعميق معاناة المدنيين في غزة، من خلال رفضها إعادة تدفّق المياه والكهرباء، ومنع وصول شحنات الوقود"، في ما يعتبر "جريمة حرب" و"عقاب جماعي للمدنيين على أعمال جماعات مسلحة".

وأوضحت "هيومن رايتس" عبر تقرير لها، خلال الأشهر الأولى من الحرب على غزة، أن البنى التحتية في غزة تعتمد على تدفّق الكهرباء ومياه الشرب من الاحتلال الإسرائيلي وشاحنات الإمدادات التي تدخل عبر المعابر، لكن الاحتلال قطع هذه الإمدادات. في إشارة لكون الاحتلال الإسرائيلي يتعمّد مُعاقبة المدنيين في غزة جماعيا.

وأضافت المنظّمة ذاته، أن: "إصرار إسرائيل على عدم السماح بدخول الوقود، برغم الحاجة الملحة إليه لعمل المستشفيات، ومضخّات المياه ومياه الصرف الصحي، وتوزيع المساعدات، يتنافى مع كافة قوانين الحرب".
العفو الدولية
منظمة العفو الدولية، أكدّت عبر تقرير لها، في بداية الحرب السّارية على غزة، على: "أدلة دامغة على ارتكاب جرائم حرب في هجمات إسرائيلية، قضت على أسر بأكملها في غزة".

وأوضحت المنظمة، بتاريخ 20 تشرين الأول/ أكتوبر أنه مع استمرار قوات الاحتلال الإسرائيلي في تكثيف هجومها الكارثي على قطاع غزة المحتل، ارتكبت ما وصفته بـ"هجمات غير قانونية، من بينها غارات عشوائية، تسبّبت في سقوط أعداد كبيرة في صفوف المدنيين، ويجب التحقيق فيها على أنها جرائم حرب".

وشدّدت العفو الدولية، على أن جيش الاحتلال الإسرائيلي "إمّا لم يحذّر المدنيين على الإطلاق، أو أصدر تحذيرات غير كافية، بشكلٍ متكرر، فيما لم يوفّر مكاناً آمناً للمدنيين للجوء إليه بأي حال من الأحوال"، فتعرّض النّازحين قسرا للقصف في المكان الذي فرّوا إليه.
وأكدّت أن "انتماء شخص إلى حركة سياسية لا يبرّر استهدافه. كما أنّ وجود مقاتل في مبنى مدني لا يحوّل هذا المبنى أو أي من المدنيين فيه إلى هدف عسكري"؛ مذكّرة بأن القانون الدولي الإنساني "يُلزم القوات الإسرائيلية باتخاذ جميع الاحتياطات الممكنة للحدّ من الأضرار التي لحقت بالمدنيين والممتلكات المدنية، بما في ذلك إلغاء الهجوم أو تأجيله إذا اتضح أنه سيكون عشوائياً أو غير قانوني"، وهو ما لم تفعله دولة الاحتلال الإسرائيلي طوال عام كامل من عدوانها الأهوج على قطاع غزة.

كذلك، أبرزت المنظمة ذاتها، عبر تقرير آخر أن الاحتلال الإسرائيلي استخدم الفوسفور الأبيض المحرم دوليا في عدوانه في كل من غزة ولبنان؛ محذرة من أن ذلك "يعرض المدنيين لخطر الإصابات الخطيرة والطويلة الأمد، بما في ذلك حروق مؤلمة ومعاناة مدى الحياة". مستطردة أن "استخدام الفسفور الأبيض في غزة، وهي إحدى أكثر المناطق كثافة سكانية في العالم، يفاقم المخاطر التي يتعرّض لها المدنيون وينتهك الحظر الذي يفرضه القانون الإنساني الدولي على تعريض المدنيين لخطر غير ضروري".

من يحاسب "إسرائيل"؟
بين دول رُفعت ضدّها القضايا في الجنائية الدولية، بتُهم المشاركة في "الإبادة الجماعية على غزة"، مثل: دولة الاحتلال الإسرائيلي والولايات المتحدة الأمريكية وهولندا؛ ودول هي من رفعت الشكاوى أو القضايا باسم الضحايا، مثل: إسبانيا وكولومبيا وبوليفيا والجزائر، لا يزال الوقت يمضي في صالح المحتلّ، ويكرّس أكثر من معاناة الأهالي في القطاع المحاصر.

وجاء في إحدى الدعاوى، التي رُفعت ضد الاحتلال الإسرائيلي: "على الرغم من تزايد الأدلة على السياسات الإسرائيلية الموجهة نحو إلحاق أضرار جسيمة بالسكان الفلسطينيين في غزة، عارضت إدارة بايدن وقف إطلاق النار المنقذ للحياة ورفع الحصار، حتى أنها استخدمت حق النقض ضد إجراءات الأمم المتحدة التي تدعو إلى وقف إطلاق النار.".

وأضافت: "بدلا من ذلك، فإن أفعالها لتمويل وتسليح وتأييد حملة القصف الإسرائيلية الجماعية والمدمرة والحصار الكامل للفلسطينيين في غزة، أفشلت منع وقوع إبادة جماعية وتواطؤا في تطورها".
كذلك، حمّلت شكاوى أخرى هولندا، مسؤولية الاستمرار في تصدير طائرات مقاتلة من طراز F-35 إلى دولة الاحتلال الإسرائيلي، على الرغم من تحذيرات المستشارين القانونيين في وزارة الخارجية بخصوص: "الانتهاكات الخطيرة المحتملة للقانون الإنساني في غزة".

أما فيما يخصّ السياق الدبلوماسي، قد أطلت وزير الخارجية الإسبانية مع عدد من البرلمانيين والسياسيين في كل من أوروبا وأمريكا اللاتينية، مذكرة لجمع التواقيع عليها ورفعها للمدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، لمحاكمة عدد من الأشخاص (اسمهم موجود في المذكّرة)، بموجب المادة 15 من نظام روما الأساسي.

كذلك، وجّهت عدة منظمات حقوقية فلسطينية دعوى قضائية مشتركة إلى المحكمة الجنائية الدولية، ضد حكومة الاحتلال الإسرائيلي بتهمة: "ارتكاب جرائم حرب ضد المدنيين في غزة، وعلى رأسها جريمة الإبادة الجماعية"؛ في إشارة لكون حكومة الاحتلال الإسرائيلي اخترقت ميثاق روما.
المصدر: عربي ٢١