2024-10-05 12:18 ص

الأشجار تموت واقفة يا سيد المقاومة

2024-10-03

د. فايز أبو شمالة
هل مات حقاً سيد المقاومة؟ أشك في ذلك، فالأبطال لا يموتون، الأبطال يولدون مع كل طفل وشبل عربي يحمل الراية، ويسير على درب البطولة، والكلمة الجريئة القوية الشجاعة التي جرت على لسان السيد حسن نصر الله لن تموت أبداً، والشهداء أحياء، وهم أحياء حقاً من وجهة نظر كل من آمن بالله، وصدق ما جاء في كتابه، وهو يقول لنا: ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أموات، بل أحياء عند ربهم يرزقون.
حسن نصر الله حي يرزق وفق كتاب الله، ومن يشك في ذلك عليه أن يراجع عقيدته، وأن يعاود قراءة تعاليم دينه، وأن يقرأ تاريخ المسلمين الذي دافعوا عن الحق، ووقفوا في وجه الباطل، وآمنوا أن كل من يدافع عن أرض المسلمين هو سيد الشهداء، وأن كل من يتصدى للعدوان الصهيوني هو سيد الشهداء، وأن كل من يقف في وجه الظلم والغطرسة والعدوان الأمريكي هو حي يرزق، وسيموت كل أولئك الذين عشقوا الصهاينة، وعاشروا التطبيع المذل مع أهوائهم، هؤلاء أموات تعفنت أرواحهم، رغم نبض أجسادهم بالحياة البائسة الدنيئة، حياة المذلة والخنوع للصهاينة، والقبول بأن يكونوا أحذية تدوس بهم أمريكا على شعوب المنطقة، وتحول دون انطلاقة الأجيال نحو الحرية.
لقد أوجعنا ارتقاء السيد حسن نصر الله، تحت قصف الطائرات الإسرائيلية بأطنان القذائف الأمريكية، وأفزعنا ارتقاء السيد حسن نصر الله، قبل أن نعثر نحن الشعوب العربية على مستقبلنا الذي يصادره العدو الصهيوني، ويحاصره بالصواريخ الأمريكية، لقد هزنا فراق السيد حسن نصر الله، لأننا نخوض معركة التحرر من العدوان، ولأننا بحاجة إلى أمثال السيد حسن نصر الله في هذه المرحلة المفصلية من تاريخ المنطقة، ليواصل المشوار على رأس المقاومة العربية ضد أعداء الأمة، وأفزعنا ارتقاء الرجل في زمن عز فيه الرجال، واضمحل فعل الأنظمة العربية، حتى عجزت عن قول كلمة حق جريئة تلجم العدوان على فلسطين ولبنان.
لقد استل الشهيد حسن نصر الله سيف المقاومة، وكان يعرف أنه يمتطي صهوة الشهادة طوال الوقت، وإذا كان الموت حقاً على بني البشر، فالموت درجات بالمفهوم الإنساني، وأشرف درجات الموت ما كان وقوفاً في مواجهة الأعداء، فالأشجار تموت واقفة، ولا ترتضي الموت الوضيع على وسائد التطبيع، وتبادل السفراء مع الد الأعداء.
لقد ارتقى حسن نصر الله، ارتقى وهو قابض على عنق الموقف المساند لغزة، ورفض المقايضة بين حياة التدليس على الواقع، وحياة الثبات على الحق، لتجري على لسانه كلمات الصمود والثبات والشجاعة الجريئة، شجاعة لم تخنه وقت الشدة، ولم ترتجف أمام أداركه الحسي بأنه محاطٌ بالشر في السر والجهر، وقد ثبت لديه أن طريق المقاومة مآلها الشهادة، ولكنها ستفضي إلى حرية بني قومه مهما طال الزمن، وأنه يمشي على الطريق الذي سبقه إليها أبطال الأمة العربية والإسلامية، وأنه على الحق، وهو يواصل الطريق الذي سبقه إليه الشهيد صالح العاروري، وإسماعيل هنية، وصلاح خلف، وفتحي الشقاقي، وأبو عمار، وأحمد ياسين، وفؤاد شكر، والرنتيسي، ورائد الكرمي، وأبو علي مصطفى، وعمر القاسم، وسمير القنطار، وكل أولئك الأبطال الذين قهروا الجيش الإسرائيلي، وطعنوا استراتيجية العدوان الصهيوني في مقتل، بعد أن أرهقوا الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، وزعزعوا ثقة الجيش الإسرائيلي بقدراته.
ارتقى الشهيد حسن نصر الله، وارتقت بارتقائه القيم الإنسانية، وتنفست الصعداء الأخوة العربية الإسلامية، وتألقت مع صعوده النخوة والكرامة التي لا يمتلكها إلا الأبطال أمثال حسن نصر الله، وهو يعطي للوفاء معانيه الحضارية الراقية، الوفاء لفلسطين العدالة والحق، والوفاء لغزة البطولة والصمود، والوفاء بالعهد، والوفاء لكلمة الحق التي لا ينطق بها، ولا يلتزم بها إلا من آمن بالحق.
كاتب فلسطيني مقيم في غزة
المصدر: رأي اليوم