2024-09-18 08:23 م

بين المجزرة والمجزرة مجازر

2024-09-14

بقلم: اسيا العتروس
 اذا لم نكتب الحكاية ولم نوثقها و ندرسها للاجيال الراهنة و المستقبلية  سيسرقونها وسيجعلون في كل حرف منها حكاية زائفة لهم طروق بها ابواب العدل الدولية والجنائية الدولية ..
ليس في الامر مبالغة و مع اقتراب الحرب المتوحشة على غزة من نهاية عام و دخول عام اخر تواصل الة القتل الاجرامية للاحتلال اقتراف جرامها التي تجاوزت كل وصف حتى بات بين كل مجزرة و مجزرة في غزة المنكوبة مجازر ..و الاكيد أن جريمة  مواصي خان يوس المروعة لن تكون اخرها ..بل الحقيقة انه مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الامريكية فان ما بقي من غزة واهلها سيكن وقودا لهذه الانتخابات ..و لعل في الاتهامات المتبادلة بين ترامب و هاريس خلال المناظرة التي جمعتهما الثلاثاء طوال تسعين دقيقة ما يؤكد ذلك على وقع انصراف كليهما للتنافس لاظهار حجم الولاء و التاييد لاسرائيل و الاستعداد لتمويل و تسليح هذا الكيان بدعوى الدفاع عن النفس ..لمجال ليس للحديث عن السباق الانتخابي الامريكي الذي يجد فيه مجرم الحرب ناتنياهو الابواب مشرعة لمواصلة سياسة الهروب الى الامام و انتهاج خيار الحرب في انتظار حسم نتائج الانتخابات و ربح الوقت الذي يحاتجه لتجاوز ازماته الداخلية و الخارجية ..و ربما ايضا تحقيق بعض من اهدافه العسكرية التي فشل  في تحقيقها باستعادة الرهائن و القضاء على حماس .و لعل هذا ما يفسر اصراره ايضا على ارتكاب بشع الجرائم و قصف المخيمات و الترويج بانها معاقل للمقاومة و هي تبريرات يعرف ناتنياهو جيدا كما حليفه الاميكي و كل حلفاءه في الغرب الذين باتوا يتحرجون من ممارساته و لكنهم لا يتوانون ع الدفاع عنه لعدة اسبب لعل اهمها و اخطرها ان الغرب الذي كان مسرحا لجرائم النازيين لا يريد الاعتراف بجرائم الاحتلال و هو ايضا ليس على استعداد لتحمل تداعيات ذلك ..مجددا كشفت مجزرة مواصي خان يونس في اليوم 341 للابادة في غزة عن ستعمال الاحتلال اسلحة محرمة دولية و قذائف تسببت في تحلل الجثث التي لم يتمكن اهالي المخيم من العثور عليها و مواراتها التراب ..يشهد على ذلك عمق مسرح المجزرة التي خلفت موقعا بعشرة امتار تلاه لاحقا الاعلان عن تبخر عائلات باكملها بين الرمال .. و حسب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان فإنّ القصف الإسرائيلي على مواصي خان يونس تم بقنابل “إم كيه – 84” الأميركية الصنع بما يجعل الادارة الامريكية شريك في المجزرة و في غيرها ايضا ..
ازاء كل ذلك كيف كان رد فعل العالم  وكيف كان رد فعل العرب و المسلمين .لعلنا لا نكشف سرا اذا اعتبرنا ان ردود الفعل لم تخرج عن سابقاتها و لم تتجاوز بعض البيانات المستنسخة و الدعوات للاحتلال بضبط النفس ..و هي دعوة لا يمكن الا ان تدفع هذا الكيان لاقتراف المزيد دون ادنى تردد ..
و الارجح ان تحذيرات  مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك من أن العالم يتجه الى  «مستقبل قاتم» على وقع النزاعات والقمع والتضليل الإعلامي ما يضعه خارج الاطار الزمني و خارج لاحداث التي تجاوزته لان المشهد بكل بسطة قاتم كيفما قلبناه  .
يقول تورك  في افتتاح  الدورة الـ57 لمجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان ” إما أن نواصل على الطريق الحالي، وقبول الوضع الغادر الجديد على أنه أمر طبيعي، ونسير في سباتنا نحو مستقبل قاتم، وإما أن نستيقظ ونقلب منحى الأمور لصالحنا وصالح البشرية وصالح الكوكب”..
كلام لا نخاله يمكن ان يغير من الواقع شيئا في مواجهة كيان مارق  متغطرس يدوس على كل القوانين و القيم و المعايير الدولية الانسانية  و يتعالى على الهيئة التي منحته بطاقة ولادته على ارض سلبت من اصحابها و قال صضناع القرار يوما انها ارض بلا شعب لعب بلا ارض ليتضح اليوم ان لتلك الارض اسم و حدود و شعب و تاريخ و حضارة و فوق كل ذلك قيم و هوية انسانية و ذاكرة ترفض ان تتلاشى  ..
هناك اليو حقائق لا تقبل التشكيك أن اهل غزة يبادون لانهم يرفضون التخلي عن ارضهم و انهم يواجهون منفردين كل العالم و كل القوى التي تحالفت ضدهم لتغيير مجرى التاريخ و فرض الامر الواقع الذي يسقط كل مرة على حصون و دروع المقاومة التي ترفض الاستسلام ..سيقولون ان المقاومة لم تنجح في ايقاف العدوان و منع الدمارفي غزة وهو صحيح و لكن وجب الاعتراف ايضا ان الاحتلال بكل تحالفاته و كل ترسانته عجز عن القضاء على المقاومة و فشل في سياسته تهجير اهالي غزة الذين يصرون  على البقاء و الصمود و الدفاع عن بقية من كرامة انسانية معدومة ..
كاتبة تونسية