بقلم: نبيه البرجي
في كتابهما عن دونالد ترامب في أيامه الأخيرة في البيت الأبيض، قال بوب وودورد وروبرت كوستا ” إذا كانت لدى كائن بشري القدرة على اخراج النيران من أذنيه، فهذا هو”. وكان تعليق كبير مستشاريه السابق ستيف باتون “انه يخرج النيران حتى من قدميه”.
بانون هو ما هدد جاريد كوشنر، زوج ايفانكا ابنة الرئيس، بالقول “لا تلعب معي يا جاريد. إذا مشيت ضدي سأقطعك الى نصفين”. بانون من خرج من أذني ترامب زحفاً على ظهره.
ما شاهدناه أثناء الاعداد للمناظرة الأخيرة مع كامالا هاريس أنه لا يريد أن يسحق عظامها فقط، لا بل أن يطأ قبرها. وهذا ما يجعل الكثيرين من رجال السياسة في الولايات المتحدة، يرون فيه الرجل الذي يقتل الديموقراطية في أميركا ـ وهنا سر عظمتها ـ واذ يرفع شعار “اعادة العظمة الأميركية”، “يكاد ينقلنا الى توليتاريات القرون الوسطى”. لنتصور أن مصطلح “أمبراطورية الموز” يحل محل “جمهورية الموز”!
لا منطق في أدائه كمرشح للانتخابات الرئاسية. هو من يتصور أنه العاصفة، العاصفة الالهية التي تطرق باب البيت الأبيض، بعدما حادت رصاصة بنسلفانيا عن رأسه، ليتعامل بازدراء مع كل من يقف في وجهه. وحين كانت المناظرة الشهيرة مع جو بايدن، طلب من معاونيه استدعاء عربة الموتى “لأنني سأبعث به الى المقبرة”. الى أين بعثت به كامالا هاريس في مناظرتها معه؟
المرشحة الديموقراطية التي كان يعتقد أن بإمكانه أن يوجه اليها الضربة (التلفزيونية) القاضية، عرفت كيف تتعاطى مع مقارباته الضبابية للقضايا الحيوية، وكذلك من لجوئه الى “لغة الرعاع”، ليرى فيه الباحث السياسي ديفيد ماكفرلين “الجثة الملقاة في حاوية القمامة”.
وصف هاريس حيناً بـ “المجنونة”، وحيناً بـ “الشيوعية”، وأخيراً بـ “الماركسية”، لترد عليه السناتور اليزابت وارن “لعلك نسيت يا مستر ترامب، أن الشيطان مات (أي الماركسية)، الا إذا كنت تود الحلول محله”. في ما يتعلق بالشرق الأوسط كمن يريد أن يقدم العرب، كفصيلة من الهنود الحمر، هدية الى الذئاب…
هو من قال، استرضاء للوبي اليهودي “إذا فازت هاريس بالرئاسة، لن تكون هناك “اسرائيل” بعد عامين”. ولكن متى لم يكن الرؤساء الأميركيون، الى أي حزب انتموا، منذ قيام “اسرائيل”، نصف أميركيين ونصف “اسرائيليين”، لتحل التوراة محل الدستور الأميركي. وهذا ما دعا اليه الملياردير النيويوركي شلدون ادلسون قبل وفاته، لتعلن أرملته ميريام ادلسون أن “من يقاتل “اسرائيل” حتى بين اليهود، كمن يقاتل يهوه”.
تصوروا، كرئيس سابق وكرئيس محتمل، مدى كراهيته للملونين، ليصفه أحد معلقي مجلة “أطلانطيك” ساخراً بـ”القديس الأبيض” الذي يضع الأميركيين البيض على حد السكين. تعهد بترحيل 12 مليون مهاجر غير نظامي، بعدما أتهم الوافدين من هاييتي الى مدينة سبرينغفيلد في ولاية أوهايو، بأنهم يفترسون قطط وكلاب السكان. للتوضيح أكثر، عاقب طالبي اللجوء أثناء ولايته، بتفريق العائلات ووضع الأطفال داخل أقفاص.
لا مكان للعرب ان في أجندة أو في ذاكرة الرجل كونهم “يشبهون الصحارى التي ولدوا فيها”. “اسرائيل”، وكما تردد ابنته ايفانكا التي اعتنقت اليهودية تأثّراً بزوجها، ليست “الوديعة الأميركية”، وانما “الوديعة الالهية”. الدفاع عنها كالدفاع عن “الكتاب المقدس”.
السناتور بيرني ساندرز حذّر من “المخالب المكارثية” في رأس دونالد ترامب، وهو يوجه ببغائياً تهمة الماركسية، في عودة لافتة الى بداية الخمسينات من القرن الماضي، حين شنَ السناتور جوزف ماكارثي تهمة الشيوعية، والعمل لحساب الاتحاد السوفياتي، الى كل من يلمس لديه النزعة الليبرالية، ليكون بين ضحايا تلك الحملة رجال مثل جورج مارشال وزير الخارجية السابق وصاحب “مشروع مارشال”، وروبرت أوبنهايمر مخترع القنبلة الذرية، وتشارلي شابلن الذي كرّس أفلامه الكوميدية لـ “خدمة من تحاول الرأسمالية تحويلهم الى قردة”.
شخصيات في الحزب الجمهوري ترى أن ترامب يريد أن يختزل الحزب، الذي رأى النور عام 1854، والذي دعي “الحزب القديم العظيم” Grand old party، بشخص يقدم نفسه على أنه “الشمبانزي الأميركي”.
أثناء المناظرة بدا في قفص الشمبانزي. ماذا اذا خرج الشمبانزي من صناديق الاقتراع خاسراً أو رابحاً؟!
المصدر: البناء