2024-11-18 11:38 م

نتنياهو وأكذوبة الضغط العسكري

2024-09-09

بقلم: حسن لافي

ينبع فشل الضغط العسكري الإسرائيلي سياسياً، من حقيقة تحاول القيادة الإسرائيلية القفز عنها، وتجيبها عن النقاش الإسرائيلي الداخلي، وهي أنّ هناك شعباً فلسطينياً تحت الاحتلال يسعى لتحقيق حريته واستقلاله ومن دون أن يكون هناك مسار سياسي حقيقي لتحقيق الدولة الفلسطينية المستقلة لن يكون هناك مناص أمام الشعب الفلسطيني إلا سبيل المقاومة.

في الأسابيع الأخيرة، وعند ازدياد الحديث عن هدنة وتبادل أسرى، ربط نتنياهو إبقاء الوجود العسكري الإسرائيلي على محور فيلادلفيا على الحدود المصرية الفلسطينية، باستراتيجية الضغط العسكري على المقاومة، متذرّعاً بأنّ هذا الوجود على محور فيلادلفيا يسهّل عملية الضغط العسكري على المقاومة من خلال قطع شريان تهريب السلاح لغزة كما يدّعي نتنياهو.

الحقيقة الأهم التي يحاول نتنياهو القفز عنها، كونها حدثت خلال فترة حكمه ويُعدّ المسؤول الأول عنها، وهي قدرة المقاومة الفلسطينية أن تصنع سلاحها بذاتها وبإمكاناتها المحلية بمساعدة ودعم من محور المقاومة، فالصاروخ الأول الذي قصف "تل أبيب" في حرب عام 2012 من قبل سرايا القدس الجناح العسكري للجهاد الإسلامي من طراز فجر الإيراني، ولكن سرعان ما استطاع مهندسو المقاومة الفلسطينية صناعة صواريخها بمدياتها المختلفة، وصولاً إلى صناعة بنادق القنص طويلة المدى، وليس خافياً على الأجهزة الأمنية الإسرائيلية أن السلاح الأبرز للمقاومة في خطتها الدفاعية لمواجهة سلاح المدرعات الإسرائيلي في حرب غزة، صاروخ "الياسين 105" المضاد للدروع والتحصّنات، هو سلاح فلسطيني بتصنيع غزاوي مئة بالمئة، لذلك حجة نتنياهو في البقاء على فيلادلفيا من أجل ممارسة الضغط العسكري، ما هي إلا أكذوبة يدركها قادة "الجيش" الإسرائيلي والأجهزة الأمنية الإسرائيلية، وإن وجود "الجيش" الإسرائيلي على ذلك المحور لن يغيّر من الواقع الاستراتيجي لإعادة القدرة التسليحية للمقاومة الفلسطينية لا أثناء الحرب ولا بعدها.  

البعض في "إسرائيل" يعتقد أن خطة اليمين الإسرائيلي بقيادة ثلاثي الإرهاب (نتنياهو ـــــ بن غفيرـــــ سيموتريتش) هي احتلال قطاع غزة، وإقامة حكم عسكري فيه، الأمر الذي يفسّر تعنّت نتنياهو في عدم الموافقة على الانسحاب من محوري فيلادلفيا ونتساريم، كون الوجود الإسرائيلي هناك يسهّل عملية الضغط العسكري على الجغرافيا الغزية كافة، ولكنّ الواقع على الأرض يؤكّد أن حجم القوات الموجودة في غزة حالياً ليس بالمقدار الذي يسمح لـ "إسرائيل" باحتلال غزة بالكامل، والسيطرة عليها وإقامة حكم عسكري إسرائيلي فيها، فبحسب بعض التقديرات من قادة "الجيش" الإسرائيلي إنّ ذلك يحتاج تفريغ خمس فرق عسكرية كاملة بشكل دائم في غزة، والموجود الآن في غزة لا يزيد عن فرقتين في أقصى تقدير، والأهم أنّ احتدام المواجهة في جبهات المساندة وخاصة الجبهة الشمالية مع حزب الله، وانتقال جبهة الضفة الغربية من جبهة اشتباك إلى جبهة قتال، لدرجة أنّ حجم القوات الإسرائيلية فيها حالياً يفوق عدد القوات الموجودة في غزة.

ناهيك عن ضرورة إنشاء فرقة عسكرية إسرائيلية جديدة لحماية الحدود الأردنية، وإذا أضيفت لكلّ ذلك أزمة توفير الموارد البشرية داخل "الجيش" الإسرائيلي، والتي فجّرت أزمة تجنيد اليهود الحراديم، نصل إلى نتيجة مفادها أنّ قدرة "الجيش" على احتلال غزة غير متوفرة إلا على حساب أمن "إسرائيل" على جبهات المواجهة الأخرى، وأن الضغط العسكري الذي يدعو إليه نتنياهو لا يخدم إلا مصلحة نتنياهو السياسية والشخصية، الأمر الذي بات غالبية الشارع الإسرائيلي مقتنعاً به، لذلك غيورا إيلاند رئيس قسم العمليات السابق في "الجيش" الإسرائيلي قال إنّ نتنياهو يقول: "سيستمرّ بالضغط العسكري وفي النهاية ستنكسر حماس"، وأضاف "هذا الكلام ليس له علاقة بالواقع".

المصدر: الميادين نت