2024-11-10 10:50 م

ثمة ما يطبخ في البيت الأبيض وبعيدا عن الأضواء.. 

2024-08-30

بقلم: كمال خلف
يصل اليوم الى الدوحة وفد إسرائيلي يوصف بالتقني لمواصلة المفاوضات بشأن صفقة التبادل، الثابت ان الولايات المتحدة لا ترغب في نعي المفاوضات لأسباب عدة باتت معروفة أهمها الحفاظ علِى ضبط التصعيد في الإقليم، والاعتقاد بالحاجة الى اتفاق قبل موعد الانتخابات لتدخل مرشحة الحزب الديمقراطي ” كامالا هاريس” السباق بوضع مريح.
لا شيء جديد يتم الإعلان عنه سوى وصول الوفود ومغادرتها من الدوحة الى القاهرة وبالعكس. واجترار الحديث عن محور فيلادلفيا كعقبة كداء مع تصميم نتنياهو على سيطرة قواته على طول المحور، ومطالبة حماس ومصر بالانسحاب الكامل من المحور. رغم هذه المراوحة ثمة ما هو لافت يتعلق بالتغيير الذي حصل على المفاوضات من حيث الشكل، ويتمثل في ان الوسطاء وضعوا معضلة فيلادلفيا جانبا، وشرعوا بالتفاوض على القضايا الأخرى، نتساريم وسط القطاع والية التفتيش التي تطالب بها إسرائيل، قوائم الاسرى من الطرفين والاعداد ووجهة بعض الأسماء من الاسرى الفلسطينيين، تطالب إسرائيل هنا بنفي بعض المفرج عنهم خارج فلسطين المحتلة، وقضية وقف النار والية التفاوض حولها قبل بدء المرحلة الثانية وغيرها من القضايا. لكن ما هو المقصود بهذا التكتيك التفاوضي، واذا كانت قضية فيلادلفيا وحدها كافية لتفجير المفاوضات، لماذا الجهد والتعب لانجاز قضايا أخرى ؟ يمكن تفسير ذلك على اكثر من نحو، الأول هو حاجة الولايات المتحدة لاطالة الوقت، وعدم اعلان تفجر المفاوضات وبالتالي العودة الى التصعيد، والتفسير الاخر هو ان قضية فيلادلفيا يمكن ان تحل اذا كانت القضية الوحيدة المتبقية من جملة القضايا، وان الولايات المتحدة لديها كلمة سر قد تؤدي الى تجاوز هذه العقبة في وقت ما.
 مشهد المفاوضات بشكل عام يقول ان نتنياهو يستخدمها وسيلة لفوائد في الداخل الإسرائيلي وفي الخارج امام الضغط والادانات الدولية، وواشنطن تستخدمها للتبريد ومنع التصعيد المضر بالمصالح الامريكية أولا. لكن تصر اطراف الوساطة ان ثمة مسار جدي وان الأمور بالعمق تذهب ولو بشكل بطيء نحو انجاز اتفاق، وان هذه الجولة مختلفة هذه المرة، و يستندون اما الى التزامات أمريكية وصلت اليهم ويثقون بمدى جديتها او ان المفاوضات فعليا باتت قابلة لان تصل الى افق.
بكل الأحوال تلك تفاصيل امل ان لا يتم اغراقنا بها، فالهدف الأول هو وقف العدوان والابادة عن شعبنا في غزة، والثاني ان تكون غزة حرة بخروج قوات الاحتلال وإعادة اعمارها.
بالسياق فان هذه الجولة المكثفة من التفاوض تم ربطها بشكل مباشر بالردود العسكرية على جبهات محور المقاومة، وقد نفذ حزب الله الخطوة الأولى من هذه الردود بعملية عسكرية مركبة فجر الاحد الماضي، لتتحول الأنظار نحو الرد الإيراني على جريمة اغتيال هنية في طهران. وقد ذهب البعض نحو الترجيح ان ايران لن تنفذ ردا عسكريا، وانها وازنت بين المصالح والاخطار وفق حساب دقيق. لا نعتقد ان هذا صحيح، ايران سوف ترد عسكريا بلا ادنى شك. والولايات المتحدة تعلم ذلك و ربما سلمت به، و التركيز الان على اجهاض نتائج هذا الرد او التقليل قدر الإمكان من اثاره وتداعياته. لكن قد يسبق ذلك مبادرة عسكرية من اليمن أولا، ثم ايران، على إسرائيل ان تتوقع هجمات رادعة في أي وقت فالحساب لن يبق مفتوحا لوقت طويل.
 في ظل هذا التأزم تسعى الولايات المتحدة الى فتح خطوط تواصل مع طهران عبر الوسطاء، ويبدو ان اللهجة الامريكية في الرسائل الموجهة الى ايران في الأيام الأخيرة تغيرت بشكل جذري، وتجاوزت تكرار التهديد والحديث عن الرد وحدوده والتحذير من ان يؤدي الى حرب إقليمية، نحو طرح قضايا اكثر استراتيجية، ولعل زيارة وزير الخارجية القطرية محمد بن عبد الرحمن ال ثاني لطهران واجتماعه مع نظيره الإيراني عباس عراقتشي و رئيس الجمهورية مسعود بزشكيان من اهم الزيارات التي شهدتها طهران منذ بداية الحرب. لا نعرف ما هي الاقتراحات الامريكية الجديدة لإيران، وهل هي اقتراحات لما بعد الانتخابات اذا فاز الحزب الديمقراطي، ام مقترحات لما بعد وقف الحرب في عزة ؟ ام كل هذا معا ؟ يقال كذلك ان القناة العمانية بدأت تنشط، من غير المعروف كيف ستتعامل ايران مع هذا المستجد، اذا كان ما يطرح مجرد مقايضة على الرد، يمكن الجزم ان ايران لن تقبل، وستذهب نحو خطط الرد العسكري، واذا كانت أفكار تتعلق بالقضايا العالقة مع الإدارة الامريكية، حتما لن تقدم ايران التزامات لأننا على مشارف الانتخابات في الولايات المتحدة. وبنفس السياق يصعب تصور ان تطرح الإدارة الامريكية مشروعات استراتيجية لتسوية شاملة في عموم المنطقة وقبل اشهر قليلة من موعد الانتخابات. ثمة ما يطبخ في البيت الأبيض للمرحلة المقبلة وبعيدا عن الأضواء لكن رائحته بدأت تتسرب ويتوجب علينا ان تعرف ما هي نقطة التحول التي سيتم الارتكاز عليها لتغيير الاتجاه التصعيدي في المنطقة، وفي المقدمة وقف الإبادة في غزة، وما علينا الا الانتظار ليتوضح المشهد بشكل اكبر بعد أيام ربما لا اكثر.
كاتب واعلامي