يجد سائقون في مناطق بالأردن وسوريا ومصر، أن شاشاتهم تضعهم فجأة داخل بيروت عاصمة لبنان، أو داخل الأراضي المحتلة، وذلك بشكل متكرر منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، بسبب تعمّد الاحتلال الإسرائيلي تسببه بأعطال نظام الـGPS، معتبراً ذلك "من القدرات الدفاعية" لجيشه.
كذلك الحال بالنسبة في لبنان، إذ يظهر للناس في بعض المناطق وكأنهم داخل الأراضي المحتلة، بسبب أعطال وتلاعب في نظام الملاحة الدولي.
وزاد جيش الاحتلال الإسرائيلي من التشويش على إشارات نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) والتلاعب بها، منذ تهديد إيران بالرد بعد اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية خلال زيارته العاصمة الإيرانية طهران في 31 يوليو/تموز 2024.
يتجاوز الأمر الارتباك الذي يشعر به المدنيون في دول الأردن وسوريا ولبنان ومصر والأراضي الفلسطينية المحتلة، بسبب تعطل أنظمة GPS، إلى ما هو أكثر خطورة بسبب التشويش والتلاعب المتعمد من الاحتلال على أنظمة الملاحة الدولية.
يبدو قطاع الطيران الأكثر خطورة من حيث التأثر بالتشويش على أنظمة الملاحة الدولية، إذ يبلغ طيارو الخطوط الجوية الذين يحلقون فوق منطقة الشرق الأوسط عن إشارات مزيفة لنظام تحديد المواقع العالمي (GPS) تجاوزت أنظمتهم الملاحية، الأمر الذي يجبرهم على الاعتماد على التوجيهات الشفهية من مراقبي الحركة الجوية، بحسب تقرير لمجلة "فورين بوليسي".
يقول جيش الاحتلال الإسرائيلي إن تشويش نظام تحديد المواقع العالمي (GPS)، "يربك أنظمة الاستهداف في الأسلحة"، معتقداً أن الصواريخ الإيرانية والمسيرات التي تملكها إيران، تعتمد على هذا النظام لتوجيهها إلى أهدافها.
علّق على ذلك المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري، بالقول: "نحن ندرك أن هذا التشويش يسبب إزعاجاً، لكنه أداة أساسية وضرورية في قدراتنا".
لكن، هل الأمر متوقف بالفعل على "الإزعاج" كما يقول المتحدث الإسرائيلي؟
رغم أن مثل هذا التشويش قد يعيق الاتصالات والأسلحة الموجهة، فإنه يتداخل أيضاً مع الاتصالات المدنية، والأخطر من ذلك، الطيران المدني.
كما أنه يؤثر في الملاحة البحرية، والتوزيع والشحن، والبنية التحتية والأمن السيبراني في الدول المتأثرة.
منذ بدأت الحرب في غزة في أكتوبر/تشرين الأول 2023، استخدم الاحتلال تشويش نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) في غزة ولبنان، وضد الهجمات التي شنتها إيران في 13 أبريل/نيسان 2024.
ويؤثّر ذلك على خدمات الطوارئ في عدد من الدول، وخدمات الإغاثة في غزة، وعلى البنوك والسكك الحديدية في المنطقة.
وسبق أن أفادت منظمة "أطباء بلا حدود" وجمعية العون الطبي للفلسطينيين للصحيفة، إن استمرار مشكلات الاتصال أعاق جهود الإغاثة في غزة.
أما التلاعب في إشارة "GPS" يتم بإظهار موقع مختلف عن الموقع الحقيقي، باستخدام موجات "GPS" معدّلة، ليتم إرسال نقطة موقع مختلفة عن النقطة الحقيقة.
لذلك، يُعدّ "التزييف" أيضاً أكثر خطورة من التشويش، حيث يمكن للإشارات الكاذبة أن تخدع أنظمة الكشف الموجودة في العديد من أجهزة استقبال GPS.
بحسب ما أكده مواطنون في الأردن وسوريا ولبنان، فإن نظام الGPS، ينقل شاشاتهم إلى مناطق أخرى.
كما أن مواقع تتبع الطيران، تكشف أن مسار الطائرات يتغير إلى كل من بيروت ومصر والأردن، بسبب تشويش على أنظمة GPS.
في حين يظهر هناك تلاعب في مسار الطائرات العسكرية الإسرائيلية، ليظهر أيضاً في كل من لبنان والأردن ومصر، بعيداً عن المناطق الإسرائيلية المحتلة.
وأفاد مواطنون من مدينة العقبة جنوبي الأردن، أن تطبيقات الخرائط مثل "Google Maps"، تضعهم في بيروت، في حين أنهم في إربد شمالي المملكة يقولون إنها تضعهم أحياناً في الأراضي المحتلة.
من جانبه، قال محمد ربيع، أحد عاملي توصيل الطلبات في الأردن، إن "الكباتن (عاملي التوصيل) يعانون بسبب مشاكل التشويش هذه، إذ إن مهمة التوصيل باتت أصعب، ونضطر إلى التأخر بتوصيل بعض الطلبات بسبب الأعطال في الخرائط".
وأضاف : "أجد نفسي أحياناً على الخريطة وكأنني في بيروت، ويتصل علينا الزبائن يسألون أين الطلب، ولكننا نعاني في عملية التوصيل، مع اعتمادنا بشكل رئيسي على الخرائط للوصول إلى الزبائن".
عامل توصيل آخر في لبنان، حسن قصير، أكد ، أن "الخرائط تظهر لنا وكأننا في إسرائيل، لذلك نقوم بالسؤال عن عناوين المنازل للوصول إليها، دون الاعتماد على الGPS، وهذا يؤثر على عملنا، ويقلل الطلب".
كذلك قال مسافرون من دول أوروبية إلى الأردن، إن مسار الطائرات يتعمد العبور فوق مصر، مع تجنب الأجواء اللبنانية والأراضي المحتلة.
وسبق أن هدد لبنان بتقديم شكوى إلى مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة بشأن التدخل الإسرائيلي في النظام العالمي لسواتل الملاحة.
كيف يعمل نظام الـGPS؟
تدور العديد من أقمار GPS حول الأرض، ويبلغ عددها 30 قمراً نشطاً حالياً، تبث إشارات باستمرار تحتوي على معلومات حول موقعها الحالي.
تحتوي الهواتف الذكية وأنظمة الملاحة على أجهزة استقبال GPS تلتقط الإشارات من أقمار GPS متعددة.
يحسب جهاز استقبال GPS المسافة إلى كل قمر صناعي بناءً على الوقت الذي تستغرقه الإشارات للوصول إلى الأجهزة.
يمكن لجهاز الاستقبال تحديد موقعه ثنائي الأبعاد (خط العرض وخط الطول) عن طريق حساب المسافة من ثلاثة أقمار صناعية على الأقل.
ويسمح إضافة قمر صناعي رابع بتحديد موقع ثلاثي الأبعاد، بناء على حساب الارتفاع. وهذه هي المتطلبات الدنيا لتحديد موقع جهاز استقبال نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) على الأرض بدقة.
تم تصميم أنظمة تحديد المواقع العالمية ومجموعات الأقمار الصناعية بحيث تكون أربعة أقمار صناعية على الأقل في مجال الرؤية، ويمكن لجهاز الاستقبال الوصول إليها من أي نقطة على الأرض.
المصدر: عربي بوست