2024-11-10 11:24 م

الوقوف على مفترق طرق

2024-08-10

بقلم: منير شفيق
اليوم الذي يُكتب فيه تقدير الموقف هذا هو السابع من آب 2024، وإنّ من سوء الحظ، أو من حسنه، يشكّل وقوفاً أمام مفترق طرق، يكفي تغلّب أيّ طريق منها لإحداث تغيير نوعي في الوضع، وصولاً إلى احتمال انفجار حرب إقليمية. وهي حرب يغيّر اليوم التالي لنهايتها الكثيرَ من معادلات موازين القوى، وربما يغيّر في خريطة توزيع القوى، أو حتى في خريطة الجغرافيا.منذ عشرة أشهر ونيف، حكمت حرب الإبادة الجارية في غزة، كما الحرب البرّية، على مسار ميزان القوى، وعلى الموقف السياسي إقليمياً وعالمياً. ولكن خلال الأيام السبعة السابقة، حدثت تطوّرات يمكنها أن تحدِث تغييراً كيفياً، لما ساد من وضع سياسي وموازين قوى في الأشهر العشرة الماضية؛ عاد نتنياهو من زيارة الكونغرس الأميركي، ولقائه القادة الأميركيين، مدعوماً.
وأدّى ذلك إلى تقوية موقفه الداخلي الذي كان يهتزّ، ما جعله يتّخذ خطوات وضعت المنطقةَ أمام خطر اندلاع حرب إقليمية، وذلك بالإقدام على ارتكاب جريمة اغتيال الشهيد السيد محسن (فؤاد شكر، القائد العسكري الكبير في حزب الله)، في قلب الضاحية/ بيروت، ما أطاح بقواعد الاشتباك مع حزب الله في 30 تموز، ثم اغتيال الشهيد القائد إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس»، وفي أثناء زيارة رسمية له لإيران في 31 تموز، الأمر الذي خرق قواعد الاشتباك، كما ارتكب انتهاكاً لسيادة إيران ومكانتها وهيبتها.
الاغتيالان، بهذا، فرضا، على كلّ من إيران وحزب الله، القيامَ بردّ عسكري موجع، ما جعل دول العالم وشعوب المنطقة، لمدّة خمسة أيّام حتّى هذه اللحظة، تنتظر ذلك الردّ الذي هدّد نتنياهو وقيادة الجيش الصهيوني، بالردّ عليه. كما يفترض من إيران وحزب الله، ومحور المقاومة، الردّ عليه. إذ انتقل الاغتيالان الإجراميان إلى إدخال الصراع في مرحلة جديدة، حيث نُقلت المواجهة بين حزب الله وإيران واليمن والعراق من مرحلة حرب إسناد للمقاومة في قطاع غزة إلى حرب مواجهة، أيضاً كما هي بين العدوان الصهيوني والمقاومة والشعب في قطاع غزة.
من هنا، يتّسم الوضع الراهن اليوم بانتظار الردّ العسكري الموجع من حزب الله وإيران ومحور المقاومة، سواء كان إفرادياً أو مجتمِعاً، وكذلك انتظار زمانه وكيفيته وحجمه، وما سيتلوه من ضغوط على نتنياهو لاستيعابه، والعودة إلى قواعد الاشتباك السابقة، مضافاً إليها الردّ المتوقّع.
يتوقّع البعض أن يحدث ما حدث بالنسبة إلى الردّ الإيراني على قصف القنصلية الإيرانية في دمشق. ولكن في الأغلب ألّا تتكرّر تلك التجربة تكراراً بليداً، وإنما تتكرّر ردّاً ووضعاً مختلفين، في أضعف الاحتمالات. لأن ما قبِل به نتنياهو، المنتفخ الأوداج بعد زيارته لأميركا، وبعد زيادة تأييده داخلياً، يصعب أن يقبل به اليوم، الأمر الذي سيقرّر مرحلة ما بعد الردّ من جانب حزب الله وإيران. وهل سيدخل الوضع، وقواعد الاشتباك الجديدة في مرحلة الانتقال، خطوة فخطوة، إلى الحرب الإقليمية الشاملة، أو إلى سقف دونها بقليل، وهو حالة فريدة، لم يسبق لها مثيل في الحروب.
بكلمة: الوضع اليوم يطرق على باب الحرب الإقليمية، الذي سيسهل فتحه ويصعب إغلاقه. لأنّ الخاسر عندئذ سيكون نتنياهو والجيش الصهيوني. وهي خسارة ستضع نهاية الكيان الصهيوني على الأجندة. فموازين القوى طوال الأشهر العشرة الماضية تؤكّد هذه الخسارة في حالة اندلاع الحرب الإقليمية، وإنّ خرق نتنياهو لقواعد الاشتباك في الاغتيالين شكّل دليلاً على أنه كان خاسراً فيها كذلك.

*كاتب وسياسي فلسطيني

المصدر: الاخبار اللبنانية