فشل الاحتلال الإسرائيلي منذ بداية حرب الإبادة المستمرة ضد قطاع غزة لأكثر من عشرة أشهر، في اغتيال "الأخوين السنوار" أو حتى معرفة أي شيء عنهما، رغم وضعهما كأهداف معلنة منذ اليوم الأول.
وأدى هذا الفشل إلى زيادة الغموض الذي يحيط بالشقيق الأول يحيى، الذي أصبح رئيس المكتب السياسي للحركة، والشقيق الثاني محمد، المشرف على عمل "وحدة الظل" في كتائب القسام، المسؤولة عن تأمين الأسرى الإسرائيليين.
وأصبح دور "وحدة الظل" محوريا مع استمرار الحرب وقدرة المقاومة على الحفاظ على عدد كبير من الأسرى الإسرائيليين من أجل استخدامهم ضمن مفاوضات وقف إطلاق النار، رغم أن العشرات منهم قتلوا في القصف الإسرائيلي المتواصل.
وحدة جديدة نسبيا في كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس، تحاط بالسرية التامة بعدما تأسست لـ "تأمين الأسرى الإسرائيليين" وإبقائهم في دائرة المجهول لضمان نجاح عمليات تبادل الأسرى مع الاحتلال.
تأسست الوحدة عام 2006 بعد أسر الجندي شاليط بهدف تأمينه بسرية تامة، وهو ما نجحت فيه المقاومة طوال خمس سنوات حتى إجراء صفقة شاليط، المعروفة فلسطينيا باسم "صفقة وفاء الأحرار" عام 2011، وفيها جرى إطلاق سراح 1027 أسيرا فلسطينيا.
توكل إلى الوحدة المهمات الحساسة والصعبة، وتشرف عليها كتائب القسام، وجرى الكشف عن وجودها لأول مرة عام 2016.
وتعتمد الوحدة مبدأ معاملة أسرى الاحتلال بكرامة واحترام وفق أحكام الإسلام، وهو ما ظهر خلال المقاطع التي نشرت للأسير شاليط، وتمت ملاحظته خلال أيام التبادل التي أجريت خلال الحرب الحالية وأيام الهدنة السبع التي بدأت في 24 تشرين الثاني/ نوفمبر 2023.
وتم خلال هذه الهدنة إطلاق سراح 240 أسيرا فلسطينيا من سجون الاحتلال، مقابل إطلاق أكثر من 100 أسير إسرائيلي لدى المقاومة في غزة.
نجاح لافت
يعتبر قطاع غزة شريطا ساحليا ضيقا يحاصره الاحتلال من كل الاتجاهات بأسوار وأجهزة من الأكثر تقدمًا ويتعرّض للمراقبة ليلا ونهارا من قبل طائرات الاستطلاع، ومساحته لا ترقى إلى مساحة حي واحد في مدينة عالمية كبيرة.
وجعلت هذه الظروف مهمة التخفّي في قطاع غزة صعبة للغاية، إلا أن المقاومة تمكنت من إخفاء الأسرى الإسرائيليين طوال فترة الحرب المستمرة، ولم يتمكن الاحتلال من تحقيق هدفه المعلن بإعادة جميع أسراه، إلا في حالات قليلة كان أبرزها عملية النصيرات.
وارتكبت قوات الاحتلال مجزرة مروعة في الثامن من حزيران/ يونيو، بعد أن شنت قصفا عنيفا على أجزاء واسعة من مدينة النصيرات ومخيمها ومعظم المنطقة الوسطى من قطاع غزة، ما تسبب في استشهاد أكثر من 274 فلسطينيا وإصابة المئات، بالتزامن مع توغل محدود في الأجزاء الشرقية والشمالية، أدى إلى استعادة أربعة أسرى إسرائيليين.
وتعتمد الوحدة أساليب تمويه وتضليل ومراوغة عالية الدقة والتعقيد، واستطاعت الانتقال بشاليط من داخل قطاع غزة إلى داخل الحدود المصرية تحت المراقبة الإسرائيلية من دون قدرة الاحتلال على تحديد موقعه خلال الرحلة.
خلال عام 2023 ضمن الحرب الحالية، كان عمل وحدة الظل الإشراف على الأسرى الذين تجاوزت أعدادهم الـ200 أسير من الجنود والرجال والأطفال والجنسيات الأخرى مثل العمال من الجنسية التايلندية لإخفائهم إلى حين الهدنة الأولى، حيث أشرفت على عملية تسليمهم للصليب الأحمر الدولي، كما أنها عملت على تسليم العديد من الأسرى من الجنسيات المختلفة بدون مقابل ولأسباب إنسانية.
أفراد الوحدة
تؤكد المقاومة أن آلية اختيار أعضاء "وحدة الظل" ومواصفاتهم تتم بعناية فائقة من كافة الألوية والتشكيلات القتالية لكتائب القسام وفق معايير دقيقة وصفتها بـ"ميزان من ذهب"، ويتم إخضاعهم لاختبارات عدة مباشرة وغير مباشرة، ولتدريبات خاصة لرفع قدراتهم الأمنية والعسكرية.
ويتمع أعضاء هذه الوحدة بانتماء عميق للقضية الفلسطينية ومشروع المقاومة، ورغبة عالية في التضحية والفداء، وقدرة عالية من الذكاء وحسن التصرف في أوقات الأزمات والطوارئ، بحسب ما أعلنت كتائب القسام سابقا عبر "قناة الأقصى".
وعلى من ينتمي لهذه الوحدة أن يتحلى بقدرة عالية على استشعار المخاطر، وأن يكون شخصية تتمتع بالسرية والكتمان، وبقدرات أمنية وعسكرية بمواصفات فريدة.
أبرز قادتها
توكل مهمة الإشراف على الوحدة إلى القائد العام لكتائب القسام، محمد الضيف، الذي أعلن جيش الاحتلال أنه تمكن من اغتياله في تموز/ يوليو، بينما لم يصدر عن حركة حماس أي تعليق رسمي حتى الآن.
وينسب فضل تأسيس الوحدة وتطورها أيضا إلى الشهداء باسم عيسى الذي قضى خلال تصاعد العدوان على غزة في أيار/ مايو 2021، وإلى "أحمد الجعبري" المعروف بوصف قائد أركان المقاومة، الذي قضى أيضا خلال تصاعد العدوان في عام 2012.
وتشير التقارير إلى القائد محمد أبو شمالة والقائد رائد العطار اللذين استشهدا خلال تصاعد العدوان على غزة عام 2014، واستمر حينها 51 يوما.
وحاليا، يُعتقد أن محمد السنوار يلعب دورا أساسيا في إدارة "وحدة الظل"، وتأمين القادة البارزين في حركة حماس خلال الحرب الحالية.
المصدر: عربي ٢١