تسود دولة الاحتلال مخاوف كبيرة من تبعات خروج موانئها عن العمل في حال تفجرت حرب شاملة مع حزب الله. وتتخوف دوائر صنع القرار في تل أبيب من أخطار مواجهة نقص حاد في إمدادات المواد الغذائية حال اضطرت حكومة بنيامين نتنياهو إلى إغلاق ميناء حيفا وميناء سفن إسرائيل المتاخم له، وهما أكبر موانئها، عند اندلاع مواجهة شاملة مع حزب الله.
وذكرت صحيفة ذي ماركر الاقتصادية أن الاحتلال يعتمد بشكل مطلق في استيراد المواد الخام التي تستخدم في صناعة المواد الغذائية على ثلاثة موانئ، وهي حيفا وسفن إسرائيل وأسدود. ونقلت الصحيفة عن وزارة المواصلات الإسرائيلية أنه في حال اندلعت حرب مع حزب الله، فإن حكومة الاحتلال ستغلق فوراً ميناءي حيفا وسفن إسرائيل المملوكين للقطاع الخاص، نظراً إلى أن دوائر التقدير الإستراتيجي في تل أبيب ترجح أن يقع الميناءان ضمن دائرة الأهداف التي سيضربها حزب الله، مما سيجعل دولة الاحتلال تعتمد بشكل مطلق على ميناء أسدود المملوك للدولة في استيراد المواد الغذائية والمواد الأساسية التي تستخدم في صناعة هذه المواد.
استعدادات للبدائل
وقد أصدرت وزارة المواصلات الإسرائيلية مطلع الأسبوع الجاري بياناً أكدت فيه أن ميناء أسدود وميناء الجنوب، المقام بالقرب منه والمملوك لشركة "TIL" السويسرية قد أجريا استعدادات ليكونا بديلاً عن ميناءي حيفا وسفن إسرائيل. ومما يفاقم الأمور تعقيداً، كما ترى الصحيفة، أن كفاءة ميناء أسدود قد تراجعت إلى حد كبير، إلى درجة أن مستوردي المواد الغذائية ووكلاء السفن التجارية التي تنقل المواد الخام التي تستخدم في الصناعات الغذائية يحرصون على عدم التوجه إلى هذا الميناء، والتوجه بدلاً من ذلك إلى ميناءي حيفا وسفن إسرائيل، نظراً إلى تدهور مستوى الخدمات التي يقدمها للسفن.
ولفتت الصحيفة إلى أن وزارة المواصلات في دولة الاحتلال تقر بأن الموازنات الكبيرة التي خصصتها مؤخراً لتطوير قدرة ميناء أسدود على استيعاب البضائع المستوردة لن تفلح في تقليص حجم الأعباء على الميناء حال اضطرت إلى إغلاق ميناءي حيفا وسفن إسرائيل.
ولفتت الصحيفة إلى أن المشكلة الرئيسة التي تواجهها السفن التي تتوجه إلى ميناء أسدود تتمثل في أن الآليات والإمكانات المستخدمة في تفريغ حمولة السفن المتجهة إليه غير متطورة بشكل يقلص من إمكانية الاعتماد عليه في استيراد المواد الأساسية التي تستخدم في الصناعات الغذائية، مثل القمح الذي يستخدم في صناعة الخبز، والأعلاف التي تستخدم في تغذية الأبقار والدجاج التي تعد مصدر اللحوم الرئيس الغذائية، فضلاً عن الصويا التي تستخدم في كثير من الصناعات الغذائية.
مشاكل تواجه موانئ الاحتلال
ضمن المشاكل التي يشكو منها وكلاء السفن والمستوردون الذين يتوجهون إلى ميناء أسدود حقيقة أن الميناء يعاني أيضاً من نقص في القوى البشرية المتخصصة في تفريغ حمولة السفن، حيث تضطر السفن للانتظار وقتاً طويلاً قبل أن يتم تفريغها من البضائع. وحسب الصحيفة، فإن قرار وزارة المواصلات الاعتماد على ميناء أسدود سيفاقم المخاطر على سلسلة إمدادات الغذاء الحيوية أثناء الحرب إذا اندلعت.
وحسب المعطيات التي ذكرتها الصحيفة، فإن 75% من المواد الغذائية تم استيرادها العام الماضي عبر ميناءي حيفا وسفن إسرائيل، في حين أن 25% فقط تم استيراده عبر ميناء أسدود، حيث رجحت الصحيفة أن كفاءة ميناء أسدود لن تتحسن أثناء اندلاع الحرب مما يعني أن إسرائيل يمكن أن تواجه نقصاً في تأمين استيراد المواد الغذائية بنسبة 75% حال اندلعت الحرب في الشمال.
وأضافت الصحيفة أن إسرائيل تحوز مخازن للمواد الغذائية يمكن أن تكفيها لوقت محدود، مستدركة أن التوجه لاستهلاك المواد الغذائية التي تم تخزينها لوقت الطوارئ أثناء الحرب ينطوي على خطورة، لأنه يقلص من قدرة الاحتلال على تعويض ما يمكن استهلاكه بفعل محدودية كفاءة ميناء أسدود، الميناء الوحيد المخصص لاستيراد المواد الغذائية.
لا خطة طويلة المدى
يشار إلى أن وزير الزراعة في دولة الاحتلال آفي ديختر، كشف مؤخراً أن إسرائيل لا تملك خطة لتأمين المواد الغذائية على المديين المتوسط والبعيد، وهذا ما جعله يغير اسم وزارته إلى وزارة الزراعة والأمن الغذائي. وفي السياق أبرزت "ذي ماركر" أن اندلاع الحرب سيفضي فوراً إلى توقف استيراد مواد البناء، مثل الحديد والأسمنت وغيرها، لأن ميناء الجنوب غير مخصص لاستيعاب مثل هذه المواد، فضلاً عن عدم استيعابه المواد الغذائية، حيث إنه مجهز لتفريغ الحاويات، مما يعني أن العمل في مشاريع البنى التحتية سيتوقف تماماً خلال الحرب.
ويشار إلى أن هجمات جماعة أنصار الله (الحوثيون) ضد السفن المتجهة إلى الاحتلال بعد أن شرع في حرب الإبادة الجماعية ضد غزة، قد أخرجت ميناء إيلات عن العمل. ونقلت الصحيفة عن مدير عام شركة أدام للصناعات الغذائية، حان كوهين، قوله إن ما يفاقم الإحباط بالنسبة له ولزملائه حقيقة أن الموقع الجغرافي لميناء أسدود بما هو ميناء متخصص في استيعاب المواد الغذائية مثالي، لأنه يقع وسط دولة الاحتلال وقريب جداً من المراكز اللوجستية لمعظم شركات الصناعات الغذائية، إلا أن الحكومة التي تملك هذا الميناء لم تنجح في تطوير خدماته.
وضرب كوهين مثالاً يبرز سوء الخدمات التي يقدمها ميناء أسدود، مشيراً إلى أن سفينة بحمولة سبعة آلاف طن يمكن تفريغها في ميناء آخر خلال يوم ونصف اليوم، في حين أن تفريغها في ميناء أسدود يستغرق أسبوعين، فضلاً عن أن الأعطال التي تصيب الماكينات والأجهزة التي تشغل الميناء تفاقم الأمور تعقيداً.
خسائر بالمليارات
في السياق، توقعت صحيفة هآرتس أن تتكبد إسرائيل خسائر بمليارات الدولارات جراء اندلاع حرب شاملة مع حزب الله، تحديداً نظراً لتوقف العمل في منصات استخراج الغاز. وفي تقرير موسع لها، أشارت الصحيفة إلى أن حزب الله يمكن أن يستهدف هذه المنصات، مما يجعل إسرائيل مضطرة للاعتماد على الفحم في إنتاج الطاقة للتغطية على بعض النقص في إمدادات الغاز.
ولم تستبعد الصحيفة أن تضطر حكومة بنيامين نتنياهو لإصدار أوامر باستخدام السولار في توليد الطاقة رغم كلفته العالية، فضلا عن أن الحكومة ستسلم بانقطاع التيار الكهربائي خلال اندلاع الحرب. وعلى صعيد آخر ذكرت صحيفة كالكاليست الاقتصادية أن التصعيد بين حزب الله والاحتلال أدى إلى تراجع قيمة الشيكل بالنسبة إلى الدولار، حيث صعدت قيمة العملة الأميركية بـ 1%.