بقلم: نبيه البرجي
ترانا نقاتل "اسرائيل" أم نقاتل أميركا؟ آخر أخبار جو بايدن أنه ناقش مع بنيامين نتنياهو في اقامة منظومة دفاعية ضد الصواريخ، والمسيّرات. هذا يكفي لنقول مع المؤرخة الأميركية آفيفا تشومسكي "لولانا لعاد زعيم الليكود الى بولونيا لتربية الأرانب".
اذا، اننا نقاتل أميركا التي قال جورج سوروس، نجم وول ستريت، ان من يقاتلها انما يقاتل الله. هكذا رأينا اليابان تتناسى آلام هيروشيما لتصبح الحليفة لأميركا، كما رأينا ألمانيا، وحيث كاد الجنرال جورج باتون يطحن بدباباته عظام ريتشارد فاغنر، تتحول الى رهينة أميركية. ماذا عن فيتنام التي واجهت، بالأقدام العارية، قاذفات "بي ـ 52" العملاقة، وسقط فيها تحو مليوني قتيل، حين تستضيف الليدي غاغا كما لو أنها الأم تيريزا. بوب وودورد علّق، ساخراً، على لقاء دونالد ترامب وكيم جونغ ـ أون بالقول "بعد سنوات قليلة سنرى الزعيم الكوري بسروال الجينز، وهو يرقص الروك اند رول في أحد ملاهي البيفرلي هيلز"!
كثيرون يسألون ما جدوى العداء الايراني لأميركا، وعلى مدى 45 عاماً؟ أسباب، ومقومات، الحياة تقهقرت على نحو دراماتيكي. خراب في البلدان العربية الحليفة لها. أكثر من ذلك، الأميركيون الذين زودوا "اسرائيل" بكل ما يلزم لتدمير غزة، ولابادة أهل غزة، هم رهان "حماس" الوحيد على وقف المذبحة، وعلى صياغة خارطة الطريق الى اليوم التالي.
كم خلعت وكالة الاستخبارات المركزية من الحكام في أرجاء الدنيا، ودون أن تتمكن من زحزحة بنيامين نتياهو الذي مشى فوق جثة بايدن، في طريقه الى تلة الكابيتول. السناتور ليندسي غراهام قال "انه اليوم المقدس".
صحافي ايراني معارض في صحيفة عربية قال "لو مدّ آيات الله أيديهم، لا أظافرهم، الى واشنطن، لكانت ايران يابان، أو كوريا، الشرق الأوسط، ولكانت وضعت يدها على المنطقة بدل أن تدخل الى بعض بلدانها عبر بوابات الدم، أو عبر التكشيرة الايديولوجية".
في كل الأحوال، الأميركيون ينظرون الى العرب على أنهم أحافير بشرية. لا أثر لهم، ولا دور، في صناعة مستقبل (أو حتى حاضر) المنطقة، حتى اذا ما حاولت مصر، كانت النكبة الكبرى، عام 1967، وقد انتهت باتفاقية كمب ديفيد التي حوّلت مصر الى محظية أميركية. لا تراهنوا على عودة الفراعنة الى أرض الكنانة...
ولنتذكر قول ناحوم غولدمان، وهو أحد آباء الدولة العبرية كذلك أحد مؤسسي المؤتمر اليهودي العالمي، "لولا الرئيس وودرو ويلسون لما كان وعد بلفور". وليصرخ الرئيس هاري ترومان الذي اعترف بـ "اسرائيل" بعد 15 دقيقة من اعلان قيامها "أنا قوروش... أنا قوروش" في اشارة الى الأمبراطور الفارسي الذي أنقذ العبريين من السبي البابلي.
لطالما أتهمنا الولايات المتحدة بأنها كرست بقاءنا، كعرب، تحت حط الزمن، بانشاء، أو بحماية، تلك الأنظمة الرثة، بكل أشكال القمع، والتنكيل، والتعامل مع الرعايا كزواحف بشرية، لنسأل عن ألأفق في أي بلد عربي: الأقبية أو القبور؟ ناهيك بتعزيز ثقافة التفاهة في كل قطاعات الحياة، وما وراء الحياة.
من أجل "اسرائيل"، ومن أجل النفط، كان الأميركيون قد جعلوا من ايران دولة على تخوم العصر الحجري، وقد لاحظنا كيف تراقصت، على مدى سنوات، برأس رجب طيب اردوغان الذي حاول، عبثاً، أن يعتمر طربوش السلطان، السلطان العثماني، وهو العضو في حلف الأطلسي، والذي تحتفط أميركا بـ 50 قنبلة نووية في أرضه (قاعدة انجرليك).
هذا يعني أن كل صراخنا ضد أميركا، على أمتداد نحو قرن من الزمان، قد تلاشى مع تقلبات الأيام (الأيام التي تعود الى الوراء). باراك أوباما قال لنا "المشكلة فيكم"، يا بقايا الغساسنة والمناذرة، ويا بقايا داحس والغبراء، ويا بقايا قايين وهابيل. أجل بقايا قايين وهابيل. العرب ذئاب العرب، وليهبط الماشيح الذي بشرت به التوراة، من السماء ليختال فوق جماجمنا.
تصوروا أن يقول أحد كهنة الصهيونية المسيحية (كحفيد للبيوريتنانز ـ الطهرانيون الذين نقلوا الميثولوجيا العبرية من انكلترا الى الضفة الأخرى من الأطلسي) ان أميركا هي الماشيح. غريب، لم يقل انها... يهوه!!