2024-11-27 08:29 ص

لن ينسحب حزب الله لخلف الليطاني.. 

2024-07-28

بقلم: فؤاد البطاينة

يعلم الكيان وأمريكا بأن هزيمتهم، وإعلان انتصار المقاومة الفلسطينية ومحور المقاومة ككل، سيعلن على الملأ ساعة توقف الحرب. فأزمة الكيان وأمريكا يعبرون عنها برفض وقف القتال لمستحقاته المأساوية والمهينة لهم، ولمردودها الإيجابي الكبير على القضية الفلسطينية. ومن خارج الصندوق، فربما أن نتنياهو أصبح يربط وقف الحرب بإنهاء تهديد حزب الله. فوقف الحرب خط أحمر لنتنياهو ولحكومته ولكل المتطرفين في الكيان. ولا خيار عندهم لتجنب إعلان فشلهم سوى استمرار هذه الحرب. واستمرارها ليس أكثر من شراء الوقت باستمرار استنزاف المقاومة بالدوام على المذابح الجماعية والتركيز على الأطفال من واقع النصوص التوراتية والتقاليد التلمودية. وعلى كل الأحوال فإن المؤشرات تؤكد بأن نفَس المقاومة الغزية أطول من نفس الكيان المسعور، وتمتلك من العتاد ما يؤهلها لذلك .
وسقوط خيارهم هذا مرتبط بعوامل عديدة هي في إطار رهاننا على استمرار صمود شعب غزة ومقاومتها بطول النفس وارتفاع وتيرة هجمات محور المقاومة في جنوب لبنان الذي أعتبره قوة إقليمية ورادعة للكيان، واليمن التي عجزت قوى الاستعمار في التاريخ على اقتحامها والعراق بمقاومته. ولا نستبعد في هذا الرهان انهيار الجبهة الداخلية للكيان وثورتها على نتنياهو، والصراع على السلطة وتبرؤ الكثيرون من اليهود من الصهيونية ورفضهم لإجرامية الكيان وحيوانيته. كما لا نستبعد موقفاً أمريكياً أقل تطرفاً في حال فوز المرشحة الديمقراطية.
فالقصة أو المشكلة لنا كمحور مقاومة وفي قلبه حماس والجهاد، هي كيف نوقف الحرب. وللكيان وشركائه هي كيف يحُولون دون وقفها. والمحدد في هذا للعدو هي أنها حرب استنزاف في ساحة محاصرة حصارا محكما من كل الجهات، يعضدها الدعم الأمريكي المباشر والغرب، والشركاء العرب بإمكانياتهم وتحويل أراضينا لجسور تمد الكيان بما يحتاجه. ولا بد من عكس هذه المعادلة. وإذا تعذر ذلك فما العمل وغزة تموت جوعاً وعطشا وتتناقص لديها وسائل الدفاع والهجوم. ونحن نعلم بأن صفقة التبادل أصبحت لعبة وخدعة لشراء الوقت لأنها تتضمن وقف الحرب لأشهر كافية لتغيير الأوضاع السياسية في الكيان وسقوط الحكومة القائمة.
نعود للتساؤل ما العمل لتغيير المعادلة دون انتظار تغيير في الموقف الأمريكي أو في نظام الحكم في الكيان أو في هدفه أو الضغوطات الشعبية الداخلية والدولية. والأنظار هنا ستتجه الى محور المقاومة. وسنكون أمام جدلية شعبية وأمام نقاش متقدم وحسابات دقيقة وخيارات في الدوائر المختصة داخل أنظمة محور المقاومة.
فرغم الحسابات العسكرية الدقيقة التي تُوزن بميزان الذهب بين حزب الله وبين الكيان لكارثية الحرب المفتوحة على الطرفين. واحتمال وقوعها رغم تحذير حزب الله الموثق بالهدهد لإسرائيل بأن لا تُقدم على مثل هذه الحرب مع الحزب، إلا أن هناك حقيقة إذا وضعها الكيان برأسه فقد تنهار كل المحاذير. والحقيقة هي أنه لا يمكن للكيان أن يتعايش مع وجود حزب الله القوة الضاربة والمعادية على حدوده. بمعنى أن الكيان أمام خيارين إما الحرب على حزب الله بتحالف امريكي عاجلا أم أجلا وإما الوصول لاتفاق يضمن إزالة الخطر عليه وهذا مستبعد. وسوف اوضح هذا في الفقرة الأخيرة.
قيام الكيان بشن حرب على لبنان سينذر بتوريط أمريكا والغرب بحرب إقليمية ذات مردود كارثي على مصالحهم الحيوية النفطية والغازية واللوجستية في المنطقة، فإيران لن توفر استهداف أي مرفق يخدم أمريكا في حربها في المنطقة وكذا اليمن. وكذلك تعلم أمريكا بأن مثل هذه الحرب الإقليمية لا يمكنها بأي حال ان تحقق هدفها بإسقاط النظام الإيراني ولا في اليمن التي أصبحت قوة عسكرية ضاربة عصية على أي تحالف وتسد مسد كل أنظمة الخيانة العربية وتلجمها. وبمعنى أخر فإن مشروع الشرق الأوسط الجديد أو سايكوس بيكو الجديد لا يتحقق بوجود ايران ولبنان وسوريا واليمن وحزب الله العراقي.
والمهم أن حماس يجب أن تبقى بأي ثمن مع بقية فصائل المقاومة وتبقى سيدة في غزة، وهذا لا يعني وجوداً لإمارة بل وجودا للمقاومة الفلسطينية كاستراتيجية للتحرير، وناقوسا يدق على مدار الساعة إيذاناً بوجود القضية الفلسطينية على الأجندة الدولية. وتعزيزاً سياسياً وقانونياً للمشروعية الدولية لمحور المقاومة.
ولا ننسى هنا مقولة نتنياهو في خطابه الأخير في الكونغرس الصهيوني واصفاً الأنظمة التطبيعية بعبارة شركائنا العرب، وليس بأصدقائنا او حلفائنا. وهي عبارة يجب على شعوبنا استيعابها كدلالة على أن هذه الأنظمة المتصهينة شريكة بالمذابح والابادة الجماعية. وإلى نتنياهو أقول كما أنت لست إللّا خزري أري تهود أجدادك وتهودت وتصهينت، فإن شركاءك ليسوا بعرب بل مستعربين مجندين في الصهيونية ومدعين لاسلامهم. ولا مشروعية شعبية لهم وليس لأقوالهم وأفعالهم أي أثر قانوني. أما فلسطين وغزة والشعب العربي، فمن هو شريكهم يا أنظمة الزندقة، ويا كل عربي ومسلم جاحد. لماذا لا تكونوا صادقين مع الله والحقيقة وتقولوا بأنها ايران ومحورها في حزب الله واليمن والعراق وسوريا. كفاكم نفاقا على الله والدين وخيانة لفلسطين
إننا نفسر تعهد حزب الله المُبَكر بأنه لن يسمح بهزيمة حماس، رغم أنه فوجئ بطوفان الأقصى كغيره، بأن لديه تصور لفعل أقصى ما يُمكن فعله لحماية حماس. ولكن من الملاحظ ان جبهته التي فتحها في شمال فلسطين والتي أوقعت وتوقع خسائر لم يعتد الكيان على حجمها ولا على ما صنعته من صعوبات اجتماعية وسياسية نتيجة ترحيل سكان الشمال، وكذلك عمليات اليمن النوعية الحساسة المؤثرة على مستوى الكيان وسكانه والمستوى الدولي، وكذا عمليات المجاهدين العراقيين وأخص حزب الله العراقي. أقول أن هذه التضحيات الجسام لم تثني الكيان عن التقدم في تنفيذ مخططه في غزة. وفي هذا فإن إيران ومحور المقاومة أقدر على التقييم.
وأخيراً، باعتقادي أن الكيان قد يفكر في شن حرب محدودة ومدروسة على حزب الله بهدف اجباره على تنفيذ قرار 1701 من طرف واحد تبعده لخلف الليطاني وبمسافة 30 كيلومتر عن حدود فلسطين لتحل محله قوات اليونيفيل والجيش اللبناني (أي منطقة عازلة). لكن حزب الله لن يسمح بدفر سوار جديدة في جنوب لبنان ولا بحرب محدودة مرسومة الهدف للعدو. وسيضطر حينها حزب الله لحرب مفتوحة.
كاتب عربي اردني

المصدر: رأي اليوم