2024-11-27 10:45 م

الضفة الغربيّة... إن انفجرت

2024-07-28

بقلم: نبيه البرجي
عندما سألنا زميلاً فلسطينياً في عمان ما اذا كانت سلطات رام الله قد تمكنت من "تخدير" أهالي الضفة الغربية، رد باستغراب "هذه السلطة التي لا وجه لها لا تستطيع حتى تخدير الموتى"، ليؤكد لي أن المراجع الأردنية العليا تعتقد أنه اذا ما استمرت "اسرائيل" في سياساتها الراهنة، لا بد للضفة أن تنفجر عاجلاً أم آجلاً.

تفادى الاجابة عن سؤالي اذا كان صحيحاً ما يتردد في بعض الأوساط الفلسطينية من أن الملك عبدالله الثاني اتصل ببنيامين نتنياهو محذراً (أم ناصحاً؟) من عدم الانجرار وراء بعض وزراء حكومته الذين تحدثوا عن اجراءات ما في الضفة لأن من شأن ذلك أن يأتي بآثار كارثية "عليكم وعلينا".  لكن الزميل الفلسطيني الذي يغطي وقائع الأراضي المحتلة أبدى خشيته من المعلومات التي تشير الى التنسيق بين حكومات عربية و "اسرائيل" لـ "خنق" الضفة، بدعوى أن أي انفجار يحدث فيها يمكن أن يحدث تغييرات بالغة الخطورة في المشهد الشرق أوسطي.

ما كان يكتب في الصحف الاسرائيلية على مدى سنوات أن قطاع غزة أكثر قابلية ليكون "بؤرة للارهاب" من الضفة الغربية، لأسباب مختلفة، منها ضيق المساحة الجغرافية قياساً على الكثافة الديموغرافية. وبالرغم من كونه يشاطئ مياه المتوسط، فهو يشاطئ أيضاً رمال الصحراء، أي شبه جزيرة سيناء حيث تتناسل الظواهر الايديولوجية المتطرفة. فضلاً عن أن مستوى البؤس فيه أكثر حدة بكثير من مستوى البؤس في الضفة، ما يجعله أكثر عرضة للاختراق من أصحاب الأفكار الراديكالية.

لكن ما لم تقترب منه التحقيقات الصحافية التداخل الجغرافي بينها وبين مدينة القدس. لديهم أورشليم بحساسيتها التاريخية بالنسبة الى الليتورجيا اليهودية حيث يوجد الهيكل، وتابوت العهد، وحيث يفترض أن يظهر الماشيح المخلص لليهود فقط. بطبيعة الحال فوق جماجم الآخرين. هل من آخرين غير العرب؟

أما المقدسات المسيحية والاسلامية فهي نتاج ما يعتبرها الحاخامات البدع، والهرطقات، "التي خرجت كالأفاعي من أفواه الأرواح الشريرة". لا استئثار بالأرض فقط، ولا بالخلاص فقط. الاستئثار بالله الذي هو "رب الجنود". الغريب هنا أن ما من قائد يهودي ظهر في الحروب الأوروبية المتعاقبة، وعلى مدى قرون. لماذا ظهر كل أولئك الجنرالات حين اندلعت الحروب ضد العرب الذين هل هم وحدهم ما دون الكائنات البشرية ؟ من فضلكم، اقراوا التلمود. على الأقل لتقشعر أبدانكم.

ايتامار بن غفير وبسلئيل سموتريتش لا يعتقدان أن كل عمليات القتل، والاقتلاع، والتنكيل، في الضفة تكفي. ليس فقط بسبب ما يصفونها بـ "الاعتداءات" على المستوطنين (الذين بعقلية وأخلاقية الحيوانات البشرية)، وانما لأن العمليات المتنقلة ضد قوات الاحتلال لا بد أن تحدث تفاعلات خطيرة، وتنعكس على وضع اليهود في كل من "يهودا" و"السامرة".

واذا كان رجال غزة (لماذا لا يتم تجنيد المقاتلات الفلسطينيات كما هي حال المرأة الكردية؟) قد أظهروا مقاومة أسطورية للغزو الذي ما زال مستمراً، فان رجال الضفة لا يقلون بأساً وبسالة، في وجه من اغتصبوا أرضهم، وقتلوا الحياة فيها.

لا شيء يستطيع أن يطفئ "ذاكرة النار" لدى كل فلسطيني، سواء كان في عين الحلوة أم في ميتشغان، وسواء كان في جنين أم في كوبنهاغن، وسواء كان في اليرموك أم في العالم الآخر. ولكن كيف يمكن للنار أن تنتقل من الذاكرة الى الأرض؟ ما من يوم تشرق فيه الشمس الا ويسقط شبان فلسطينيون برصاص البرابرة. قد يهال التراب على قبور الضحايا، ولكن هل يمكن لأي قوة أن تهيل النسيان على هذه القبور؟

هنا سؤالنا الدائم، والصارخ (والصاعق أيضاً)، أين هي الحالة العربية التي تتلقف الدم الفلسطيني لتصنع منه موقفاً يزعزع الرأي العام العالمي؟ العرب حالة خارج الحالة. هل يعني ذلك أن آلاف الجثث التي تكدست في العراء، أو في المقابر الجماعية، ذهبت، وتذهب، هباء ؟

لنعد الى التاريخ. ما من قضية شعب بذلت من أجلها الدماء الا وحققت مراميها. الأمثلة لا تحصى. ولكن ألا يقال ان الشرق الأدنى الذي يقع، كما ذكر هيرودوت، منذ 2500 عام، على خط الزلازل يقع ايضاً بين فاتنات ألف ليلة وليلة؟

بالرغم من الغياب (الغيبوبة) في دنيا العرب. اذا انفجرت الضفة الغربية انفجرت... الدولة العبرية!!