2024-11-30 09:48 ص

تنياهو تحدث من الكونغرس عن هزيمة “حماس”.. لكن المنظمة تعيد تأكيد نفسها في غزة

2024-07-24

في الوقت الذي تحدث فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن إنجازاته في حرب غزة، وصمم أمام المشرعين في الكونغرس، الذين صفقوا له، على مواصلة الحرب حتى النهاية، ذكّره معلّقون بالواقع المغاير في غزة، حيث قالت صحيفة “واشنطن بوست”، في تقرير لمريام بيرغر وهاجر حرب، إن حكومة “حماس”، التي أضعفت في  غزة، لا تزال تتمسك بالسلطة، وعادت سريعاً إلى المناطق التي انسحبت منها القوات الإسرائيلية.

 وبعد أكثر من تسعة أشهر على الحرب الإسرائيلية الشاملة ضد “حماس”، لا تزال حكومتها المصدر الرئيسي للسلطة المدنية في قطاع غزة، وهو دليل على قدرة المنظمة وتصميمها ومحدودية ما يمكن للعملية العسكرية، التي تهدف لسحقها، أن تفعله.

 ورغم آلاف الغارات الجوية التي قتلت عدداً من المقاتلين والمسلحين، إلا أن الموظفين المدنيين والشرطة من كل مفاصل الحكومة، من رؤساء البلديات، إلى الوزراء، والسلطات الصحية، لا تزال عاملة بقدرٍ ما.

 ووسط تعهد نتنياهو لإنهاء الحركة، قال، في خطابه بالكونغرس، إن إسرائيل “ستقاتل حتى تدمر قدرات حماس العسكرية وحكمها في غزة”.

ورغم انهيار القانون، إلا أن “حماس” احتفظت بجيوب من القوة، حسبما يقول المحلّلون والسكان، وظهرت بسرعة في المناطق التي انسحبت منها القوات الإسرائيلية. ولا يزال المسؤولون المحليون يمارسون درجة من السيطرة على الاقتصاد، ويوفرون مساعدات محدودة لسكان الأحياء المحطمة، ويأخذون بشدة على يد نقادهم.

ونقلت الصحيفة عن القيادي البارز في حركة “فتح” جبريل الرجوب، المنافسة لـ “حماس”: “حماس هي جزء من النسيج الوطني”.

وتقول الصحيفة إن استمرارية الحركة وسّعت من الصدع ما بين نتنياهو والجيش الإسرائيلي، الذي يقول إنه لا يمكن هزيمة الحركة. وأشارت الصحيفة إلى ما قاله، الشهر الماضي، دانيال هغاري، المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي: “حماس هي فكرة”، و”أي شخص مخطئ لو اعتقد أننا سنمحو حماس”.

وقال الجيش، الأسبوع الماضي، إنه  قتل “نصف” القيادة العسكرية للحركة، لكنه لم يرد للتعليق إن كان موظفو الخدمة المدنية في الحكومة التي قادتها “حماس”، أهدافاً عسكرية. وأحالت “وحدة تنسيق أعمال الحكومة بالمناطق”، وهي الذراع التابع للجيش المسؤول عن إدارة غزة، الصحيفة إلى الجيش. ونقلت الصحيفة عن ديفيد مينسر، المتحدث باسم الحكومة: “العمال المدنيون، مثل المياه والنظافة، لم يكونوا أبداً هدفاً”.

 إلا أن الذراع الحكومي لـ “حماس” واصلَ الرد مع تدهور الوضع، حيث يقوم عمال الدفاع المدني بالرد على الغارات ويذهب المسعفون لمساعدة الضحايا وانتشال الجثث.

وتعمل البلديات على استمرار الخدمات العامة، ويفرض المسؤولون تسعيرة على البضائع  التجارية، أو يطلبون حصة من صفقات السوق السوداء، وتواصل الخدمات السرية ملاحقة المعارضين.

ونقلت الصحيفة عن الباحث السياسي مخيمر أبو سعدة، الذي فرّ من غزة العام الماضي، إن “حماس”، ومنذ إنشائها عام 1987: “أقامت شبكة من المدارس والعيادات والجامعات والمنظمات غير الحكومية وكل شيء”.

وفي الوقت الذي زاد غضب السكان على “حماس”، طغى الغضب، هذه المرة، على إسرائيل، التي يلومها الفلسطينيون على نشر الفوضى والحرمان. وقال أبو سعدة: “استهدفت إسرائيل المدنيين الفلسطينيين، والبنى التحتية المدنية”، و”من يرد عليها يحظى باحترام الفلسطينيين”.

وقد تغلغلت “حماس”، المكوّنة من جناح عسكري وسياسي، في كل ملامح الحياة بغزة، وعلى مدى 17 عاماً. ووظّفت الحكومة 40,000 موظف، إلى جانب ما بين 27,000- 40,000 موظف يعملون مع الجناح العسكري، كتائب عز الدين القسام.

 وبعد هجمات 7 تشرين الأول/أكتوبر، اختفت قيادة “حماس”، ويعتقد أن زعيم “حماس” في غزة، يحيى السنوار، يدير العمليات من شبكة الأنفاق الواسعة. واستهدفت إسرائيل قائد الكتائب محمد الضيف، قبل عدة أيام، ولا يعرف إن كان من بين 90 شخصا قتلوا في الغارة التي نفذت على مخيم مكتظ بالنازحين.

وأنشأت “حماس” حكومة أمر واقع في غزة، عام 2007، بعد المواجهة مع حركة “فتح”، التي تسيطر على السلطة الوطنية في الضفة الغربية.

وعانت الحكومة في غزة من الحصار الذي فرضته إسرائيل على القطاع، ولم يستطع الكثير من الغزيين المغادرة، واعتمدوا على المساعدات من الأم المتحدة والجماعات الإنسانية الأخرى.

وأعاقت الحرب حكم “حماس”، وقد أعلنت وزارة التعليم عن تعليق الدراسة لكل المدارس في القطاع، ولـ 625,000  طفل، والذين يمثلون ربع السكان.

وقدّرت الأمم المتحدة، في نيسان/إبريل، أن 87% من المدارس، وكل الجامعات قد تضررت أو دمرت.

ولم تعد وزارة المالية في غزة إلا ظلاً لصورتها السابقة، فحكومة “حماس” لا تستطيع دفع الرواتب، ولكنها تقدّم، وبشكل دوري، دفعات نقدية لبعض موظفي الحكومة.

ولا تزال بعض الوزارات والوكالات الحكومية في غزة عاملة، لكن هذا “يعتمد على المكان”، حسب وائل بعلوشة، مدير مكتب غزة في منظمة “آمان” برام الله، وهي فرع من منظمة الشفافية الدولية، حيث تحدث عبر الهاتف من مصر بعد فراره أثناء الحرب.

وقال إن عمال الدفاع المدني ينطلقون لمساعدة الضحايا في أماكن الغارات والقصف، رغم نقص الوقود ومخاطر التعرض للضربات الإسرائيلية.

وأشار إلى وزارة الصحة التي تصدر يومياً تقارير عن أعداد الضحايا. ورغم كل الجهود منها، إلا أن النظام الصحي في غزة انهار بسبب المداهمات والغارات الإسرائيلية المستمرة على مستشفيات القطاع، بذريعة وجود قادة ومقاتلي “حماس” فيها، وهو زعم رفضه الأطباء والمرضى.

وقبل الحرب كانت البلديات تعاني من ضائقة مالية، وتعتمد على مواردها من الخدمات، وقد تضررت معظم مبانيها، حيث أخليت من موظفيها، وتم ضرب ثلثي المصارف الصحية ومحطات المياه، حسب تقديرات الأمم المتحدة. ويحاول عمال البلديات في المدن جمع النفايات، وإصلاح الطرق، والحفاظ على تدفق المياه، كما يقول السكان.

 وأعلنت السلطات المحلية في دير البلح، يوم الإثنين، عن نفاد الوقود اللازم لإدارة 19 بئراً تقدم الخدمات لـ 700,000 شخص. وكتبت على صفحتها في فيسبوك إنها تحاول حل الوضع في أسرع وقت.

وكانت الشرطة، في الأشهر الأولى للحرب، المظهر الواضح عن سلطة “حماس”، حيث كان أفرادها يوفّرون الحماية لقوافل الإغاثة. وعندما بدأت إسرائيل باستهدافهم توقفوا عن حماية شاحنات الإغاثة، والتي أصبحت هدفاً للنهب.

وفي آذار/مارس، قال العقيد إلعاد غورين، من وحدة تنسيق أعمال الحكومة بالمناطق “شرطة حماس هي حماس”، و”لن نسمح لحماس بالسيطرة على المساعدة الإنسانية”. ولا يزال أفراد من الشرطة بالزي المدني يحرسون المخيمات والنازحين، إلا أن انعدام الأمن بسبب نقص الطعام والخدمات يتزايد.

ويقول أبو سعدة، المقيم في مصر، إن هناك “اقتتالاً بين العائلات وسرقات وإطلاق نار”، و”كل هذا يحدث بدون تدخل أحد”.

 لكن “حماس” حاولت التأكيد على سلطتها بطرق أخرى، فعندما كانت الشاحنات تمر عبر معبر رفح، راقبت وزارة الاقتصاد المبيعات، ووضعت الأسعار، كما يقول محمد أبو جياب، محرر صحيفة اقتصادية في غزة. لكن سيطرة إسرائيل على المعبر، في أيار/مايو، أنهت محاولات “حماس” للسيطرة على الأسواق. ونقلت الصحيفة عن تجار قولهم إن شرطة بالزي المدني يحاولون اقتطاع حصة من موارد السوق السوداء ومبيعات السجائر المهربة.

وأشارت الصحيفة إلى أن الكثيرين في غزة يدعمون “حماس”، لكن النقد تزايد مع زيادة الحرب.

وفي 8 تموز/يوليو، تعرّضَ أمين عبد (36 عاماً)، والذي يعدّ من نقاد “حماس”، لضرب وهو في طريقه لتوزيع تبرعات بمدينة غزة. وقال إن من ضربوه هم جهاز الأمن الداخلي. وقال من ضربوه: “لقد أهنت أسيادك من المقاومة”، و”سمعت الشخص المسؤول وهو يقول لهم: اكسروا أظافر يده التي يستخدمها للكتابة والتحريض ضدنا”. ونفى المتحدث باسم “حماس” في بيروت، باسم نعيم، معرفته بالأمر: “ليس لدي معلومات بالمزاعم”.

وفي الوقت الذي يقول فيه الإسرائيليون إنهم ملتزمون باستبدال “حماس” في غزة، إلا أنهم لم يقدموا خطة واضحة لما بعد الحرب.

ورفض نتنياهو الخطط الأمريكية لعودة السلطة الوطنية. وتقول تغريد جمعة، الناشطة النسوية، وأم لثلاثة أطفال، ونزحت أكثر من مرة: “لا يوجد سيناريو واضح لنا”.

المصدر: القدس العربي