2024-11-28 01:33 ص

الاحتلال يقترب من حرب شاملة مع حزب الله.. 

2024-07-24

تتصاعد حدة المواجهات بين حزب الله وجيش الاحتلال الإسرائيلي على الحدود اللبنانية مع الأراضي الفلسطينية المحتلة وسط مخاوف من اندلاع حرب شاملة بين الجانبين، حيث يساهم العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في تعزيز هذه المخاوف، الأمر الذي يجعل التوصل إلى هدنة مع حماس عاملا من شأنه تقليل التوترات مع حزب الله، بحسب تقرير نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية.

وقالت الصحيفة الأمريكية في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن إسرائيل وحزب الله خاضا، على مدى تسعة أشهر، صراعا منخفض المستوى يقترب من حرب شاملة.

وأضافت أنه منذ تشرين الأول/ أكتوبر، أطلق الجانبان آلاف الصواريخ عبر الحدود الإسرائيلية اللبنانية، فدمرت البلدات، وقتلت المئات، وشردت مئات الآلاف، ودفعت كلا منهما إلى التهديد بغزو الطرف الآخر.  

والآن، يأمل الوسطاء بين الجانبين في أن توفر الهدنة في غزة حافزا لهدوء مماثل على طول الحدود الإسرائيلية اللبنانية، حتى مع بقاء خطر التصعيد هناك أعلى من أي وقت مضى، بحسب التقرير.

ولفتت الصحيفة إلى أن حزب الله، قال إنه سيتوقف عن إطلاق الصواريخ إذا أوقفت إسرائيل حربها مع حماس في غزة، مشيرة إلى أنه في حال  حدث ذلك، فإن كلا من إسرائيل وحزب الله قد أشارا إلى المحاورين بأنهما على استعداد لبدء المفاوضات من أجل التوصل إلى هدنة رسمية، وفقا لثلاثة مسؤولين غربيين مطلعين على مواقف الجانبين ومسؤول إسرائيلي. وتحدث المسؤولون جميعا بشرط عدم الكشف عن هويتهم من أجل التحدث بحرية أكبر. 

وقال المسؤولون لصحيفة "نيويورك تايمز"، إن تلك المفاوضات ستركز على انسحاب مقاتلي حزب الله من أقصى المناطق الجنوبية في لبنان ونشر المزيد من الجنود من الجيش اللبناني الرسمي. وقال المسؤولون إن المحادثات ستركز أيضا على كيفية ترسيم الأجزاء الغربية من الحدود بين البلدين. ولم يتم ترسيم الحدود رسميا أبدا لأنه لا توجد علاقة دبلوماسية بين البلدين، بحسب التقرير.
وأضافوا أنه حتى لو فشلت تلك المفاوضات في نهاية المطاف، فإن الأمل هو أن توفر بدايتها للجانبين ذريعة للحفاظ على وقف غير رسمي لإطلاق النار ومنح السكان النازحين الثقة للعودة إلى ديارهم. 

وشددت الصحيفة على أن انفتاح إسرائيل وحزب الله على مثل هذه المفاوضات يعكس كيف يبدو أن كلا الجانبين، على الرغم من ضرباتهما الانتقامية وخطابهما العلني، يبحثان سرا عن إطار بديل يسمح لهما بالتهدئة دون فقدان ماء الوجه.

وقام عاموس هوشستاين، المبعوث الأمريكي، وكبار المسؤولين الفرنسيين برحلات مكوكية بين البلدين في الأشهر الأخيرة، في محاولة لإقناع كل جانب نحو هدنة غير رسمية. لقد فشلت جهودهم في وقف القتال، لكن بعض الدبلوماسيين أصبحوا أكثر تفاؤلا بشأن الوضع منذ زيارة هوشستين الأخيرة في حزيران/ يونيو.

قام  هوشستاين ببناء الثقة في كل من إسرائيل ولبنان في عام 2022 عندما نجح في تشجيع البلدين على ترسيم حدودهما البحرية، وفقا للتقرير.

وكانت آخر مرة خاض فيها الجانبان حربا برية كبرى في عام 2006، في صراع دام شهرا دمرت فيه إسرائيل أجزاء كبيرة من بيروت، العاصمة اللبنانية، وجنوب لبنان. أدى حجم الدمار إلى اعتراف زعيم حزب الله، حسن نصر الله، في وقت لاحق بأن مجموعته لم تكن لتختطف وتقتل العديد من الجنود الإسرائيليين في ذلك الصيف لو علمت أنها ستفجر مثل هذه المذبحة، وفقا للتقرير.

وقالت الصحيفة إن حربا كبيرة أخرى ستكون أكثر ضررا بكثير لكلا الجانبين. وبعد ما يقرب من عقدين من الزمن، يعتبر حزب الله أحد أكثر الجهات الفاعلة غير الحكومية تسليحا في العالم. ويقدر خبراء الحكومة الأمريكية أن حزب الله لديه مخزون يزيد على الـ 150 ألف صاروخ ومسيّرة وقذيفة. ويمكن استخدام هذه الأشياء لتدمير شبكة الكهرباء الإسرائيلية، وفقا لتحذير حديث من رئيس شركة كهرباء إسرائيلية مملوكة للدولة. 

ونقلت الصحيفة عن توماس نايدز، سفير الولايات المتحدة السابق لدى إسرائيل، قوله: "لا يريد أي من الطرفين حربا أكبر حقا لأنهما يدركان الضرر الهائل الذي ستسببه لبلديهما. المشكلة هي أن الحروب تنجم عن حسابات خاطئة. ومن خلال محاولة ردع بعضهم البعض عن التصعيد، فإنهم يخاطرون بارتكاب حسابات خاطئة تؤدي إلى عكس ما كانوا يقصدونه". 

ونزح ما يقرب من 100 ألف شخص في لبنان و60 ألف شخص في دولة الاحتلال الإسرائيلي، مع إغلاق عشرات المدارس والمراكز الصحية في كلا الجانبين. 

وبحسب الصحيفة، فقد تزايدت فرص حدوث سوء تقدير في الأسابيع الأخيرة، حيث اختبر الجانبان بعضهما البعض بهجمات وتصريحات استفزازية بشكل خاص. 

وحتى الآن، اتبع تبادل إطلاق النار منطقا فضفاضا: كلما تعمقت الضربات داخل أراضي الطرف الآخر، كان الرد أعمق. في البداية، سمح ذلك باحتواء الصراع نسبيا، مع اقتصار الضربات على بضعة أميال من المنطقة الحدودية. لكن بعد تسعة أشهر من القتال، فقد قام الجانبان بتوسيع نطاق نيرانهما تدريجيا: حيث تضرب إسرائيل الآن على مسافة 60 ميلا شمال الحدود، في حين أن أعمق ضربة لحزب الله كانت على مسافة 25 ميلا تقريبا داخل إسرائيل. 

ونقلت الصحيفة عن العميد منير شحادة، مسؤول الاتصال السابق بين الحكومة اللبنانية وقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في لبنان، قوله إن "الجانبين يلعبان على الحافة. أي خطأ غير محسوب يمكن أن يؤدي إلى خروج الأمور عن السيطرة وتحولها إلى حرب واسعة النطاق". 

ومع ذلك، يقول المحللون إنه في الوقت الحالي، يمكن تفسير تهديداتهم على أنها محاولات لردع بعضهم البعض، وليس على أنها تعهدات صارمة بالغزو. 

على سبيل المثال، غالبا ما تبدو مقاطع الفيديو الدعائية البارعة التي ينشرها حزب الله وكأنها موجهة إلى جعل الإسرائيليين العاديين يفهمون تكلفة حرب شاملة. وكثيرا ما تنشر المجموعة خطابات  نصر الله وترافقها مع ترجمة باللغة العبرية ولقطات من الضربات على التحصينات الإسرائيلية الحساسة. 

فحمل مقطع فيديو لخطاب ألقاه  نصر الله مؤخرا  تعليقا باللغة العبرية في نهايته يقول: "من يفكر في الحرب ضدنا سوف يندم". 

وحمل فيديو آخر لحزب الله موجه إلى الجنود الإسرائيليين التعليق التالي: "دباباتكم ستكون قبوركم". 
ومن خلال التعبير عن مثل هذه التهديدات، يأمل حزب الله أن يتمكن من تجنب الاضطرار إلى وضعها موضع التنفيذ، وفقا لمهند الحاج علي، زميل مركز كارنيغي للشرق الأوسط، وهو مركز أبحاث أمريكي في بيروت. 

وقال  الحاج علي: "إن تركيزهم ينصب على عرض ما يمكنهم فعله بدلا من إلحاق الأذى بالإسرائيليين". 
وقال: "حزب الله يريد تجنب حرب شاملة لسبب هو هشاشة لبنان. والآن ما يبقى لحزب الله هو أن يكون لديه استراتيجية خروج تحفظ ماء الوجه". 

ويعد حزب الله قوة سياسية قوية في لبنان. ويقول المحللون إن الجماعة تخشى فقدان هذا النفوذ الاجتماعي إذا اعتبرها الجمهور اللبناني أنها جرّت البلاد إلى حرب كارثية وغير ضرورية، بحسب التقرير.
اقرأ أيضا:

شلل الأطفال ينتشر في غزة بعد تدمير قوات الاحتلال للمنظومة الصحية
ويقول محللون ومسؤولون إن إيران، تخشى أيضا حربا كبرى يمكن أن تلحق الضرر بأكبر وكيل لها في المنطقة. ومن أجل حماية حزب الله، تريد إيران وقف إطلاق النار في غزة لأنها تعتقد أنه يمكن أن يؤدي إلى وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله، وفقا لمسؤول عربي مطلع على موقف إيران، تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته لمناقشة الدبلوماسية الحساسة. 

وقالت الصحيفة إنه في العلن، صعّدت إيران من خطابها. وفي حزيران/ يونيو، هددت بشن "حرب مدمرة" إذا شنت إسرائيل هجوما واسع النطاق في لبنان، وقالت إن "جميع الخيارات"، بما في ذلك مشاركة الجماعات المسلحة المدعومة من إيران في جميع أنحاء الشرق الأوسط، "مطروحة على الطاولة". 

ولفتت إلى أن حكومة الاحتلال تحتاج إلى ذريعة لإعادة عشرات الآلاف من المدنيين الذين أخلوا المنطقة المتاخمة للبنان في تشرين الأول/ أكتوبر. ومن الممكن أن توفر حرب أكبر مع حزب الله هذه الذريعة في نهاية المطاف: فمن خلال غزو لبنان، تستطيع الحكومة الإسرائيلية أن تقول للجمهور المحلي إنها دفعت حزب الله بعيدا عن الحدود، حتى لو كان المحللون متشككين في إمكانية مثل هذه النتيجة. 

لكن مثل هذا النهج يعد مقامرة كبيرة. ويعتقد كبار الجنرالات الإسرائيليين سرا أن قواتهم، رغم قدرتها على خوض حرب أكبر، ليست في الحالة المثالية لخوضها. وقد أوشكت مخزوناتهم من بعض الذخائر وقطع الغيار على النفاد، بينما بدأ عدد أقل من جنود الاحتياط ينضمون للخدمة، بحسب التقرير.

ومع ذلك، فإن خطر التصعيد مرتفع للغاية لأن كلا الجانبين تكبدا بالفعل خسائر كبيرة، ما يجعل من الصعب على أي من الجانبين التراجع. وبينما يظل المسؤولون الإقليميون متفائلين بأن وقف إطلاق النار في غزة يمكن أن يؤدي إلى هدنة في لبنان، فإنه لا يوجد طريق واضح لتهدئة التصعيد إذا فشلت المحادثات بشأن غزة، وفقا لـ"نيويورك تايمز".

المصدر: عربي ٢١