2024-11-26 10:19 م

  صرخة معلولا: أيّها الأسد أنقذنا

2024-07-24

بقلم: نبيه البرجي
متى كان يعني السوريين ما طائفة أدونيس، أو ما طائفة نزار قباني، أو ما طائفة فارس الخوري، أو سلطان باشا الأطرش، أو شكري القوتلي؟

ذاك الوباء الأسود، الوباء المبرمج، الذي نقلته رياح غريبة الى أكثر من بلد عربي من أجل تخريب مجتمعاتنا، باقامة جدران النار بين الطائفة والطائفة، وبين زهرة اللؤلؤ وزهرة الأقحوان. ألم تستوطن نظرية صمويل هانتنغتون حول "صدام الحضارات"، وهو في القصد، "صدام الديانات"( اليهومسيحية ضد الكونفواسلامية)، رؤوس الآلهة في أميركا.

تصوروا ما قاله جيمس فانس، المرشح لنيابة دونالد ترامب، عن بريطانيا عقب فوز حزب العمال فيها "أول دولة مسلمة تمتلك القنبلة النووية". فات رجل بهذا الحجم أن باكستان هي الأولى.

ماذا حين تفقد الولايات المتحدة عقلها وقلبها؟ تلقائياً يفقد العالم عقله وقلبه، دون أن نغفل دور الدول الدينية على أنواعها في نشر التفرقة، وفي انتاج ثقافة تورا بورا.

سبق لي أن زرت معلولا. كثيرون، مسيحيون ومسلمون، دعوني الى منازلهم. لم أشعر البتة بهذا المسيحي وذاك المسلم، وبينهما السكين. هنا أيقونة العذراء، وهناك سورة مريم.

الآن، وصلتني أصوات من مثقفين وعاديين  من البلدة، التي تعرضت لنكبة هائلة ابان الحرب. ذئاب ظهروا فجأة  بين أهلها، وقد تواطؤوا مع البرابرة الآتين من الخارج. قتلوا من قتلوا، واختطفوا من اختطفوا من المسيحيين، الذين لم تبق لهم سوى حجارة منازلهم. أفرغوا الأديرة والكنائس من الأيقونات ومن المخطوطات ومن الأجراس، كما أفرغوا المحال والبيوت، ليثروا بالدم وبالغنائم.

طلبوا مني أن أكتب عن مأساتهم "لأن عائلات القتلة واللصوص يريدون العودة الى البلدة قبل أن تتم المصالحة الكبرى، وقبل أن تعود سوريا الى وحدتها  والى ألقها، خلافاً لبلدات ذات لون طائفي واحد". سؤالهم الذي ينزف ألماً: لماذا معلولا بالذات؟

قيل لي "ان صوتك يصل الى الرئيس بشار الأسد. ونحن نريد أن يصل صوتنا الى هذا الرجل الذي حرّر بلدتنا، وحرّر الكثير من أرضنا، وهو الذي يصرّ أياً كانت الظروف شاقة ومكلفة، أن يعيد كل حبة تراب الى سوريا، وأن يعيد اليها دورها، والأهم أن يعيد اليها انسانيتها، السوري أخ السوري".

 أنقل الشكوى، من موقع ناقل الشكوى. لا معلومات لدي حول المشكلة. تحدثوا طويلاً عما حلّ بهم "بينما نحن قمنا بلف سجاد الجامع، وايداعه في قرية عين التينة ، غيرنا نبشوا القبور. أحد شيوخهم كان عضواً في مجلس الشعب، والآن في وزارة الأوقاف التي يثير حتى المسلمين الشبهات حول من فيها، وما يحدث فيها".

أتهموا عائلات القتلة واللصوص، بأنهم بالمال الحرام "يؤثرون في بعض النافذين الذين يشرفون على وضع التقارير والخطط  الخاصة بالعودة"، ليضيفوا "نحن المسيحيين، مثل غالبية المسلمين، لم نبع أرواحنا للشيطان  ولا لدولة،  ولا لجهة  أو لحزب في الخارج. وكنا ونبقى، حماة ذلك الجزء من التراث السوري الفذ. على أولئك القتلة أن يقرؤوا القرآن، ولا نقول الانجيل، ليعرفوا من هو المسيح، وأن الآرامية التي نتكلمها، لا العبرية، هي لغته".

أيضاً "لا دماء الضحايا جفت، ولا دموع الثكالى جفت، ودون أن يعود المختطفون. هل يعودون ليدوسوا على دمائنا وعلى دموعنا، لكي نحزم حقائبنا الى مرافئ الأمم، وهم الذين زحفوا على أرصفة الأمم وعلى أبواب الأمم؟ وانه لفارق كبير بين أن يقتلكَ "الاسرائيلي" أو أن يقتلك ابن بلدك، أو ابن بلدتك"...

أحدهم قال لي "تصور اني أنا المسيحي كنت أزور رفيقتي المسلمة في بيتها كفرد من أفراد العائلة. أي نوع من الكوليرا ضرب تلك الروح الجميلة؟ في نظرنا لا قيام  ولا بقاء  لدولة في منطقتنا الا بتحييد الدين. لكل دينه، لا لكل الهه. هذه رسالة الأنقياء والأتقياء في المسيحية".

الكلام ينتهي عند "نقص دراماتيكي في الوعي. أيها السيد الرئيس، اننا واثقون من أنك لا تريد أن تذهب معلولا، معلولا المحفورة في الصخر، مثلما سوريا محفورة في التاريخ، وليس لها غيرك لتنقذها"...