2024-11-27 12:34 م

إندبندنت: شهادات مروعة لأطباء مستشفيات غزة.ر

2024-07-10

نشرت صحيفة “إندبندنت” تقريرا أعدته بيل ترو قالت فيه إن إسرائيل دمرت النظام الصحي في قطاع غزة وأخرجت ثلثي مستشفياته عن الخدمة. وتحدثت ترو مع عدد من العاملين في قطاع الصحة حيث قدموا صورا مرعبة عما يجري في المستشفيات العاملة  التي تعمل بموارد محدودة، ويجري الأطباء عمليات بدون تخدير أو مسكنات وسط صراخ الأطفال.

وقالت إن الأطباء الفلسطينيين لم يكن أمامهم أي خيار وحضروا أنفسهم وبدأوا بقطع الرجل اليمنى لطفل عمره 3 أعوام بدون تخدير. وراقبت العملية طبيبة أمريكية متطوعة صلت بأن يغمى على الطفل  من الألم.

 وفي كل يوم يجري الأطباء يوميا عمليات ويغلقون الجراح بدون أي مسكن مناسب للألم، وفي بعض الأحيان ينهي الأطباء العملية بعد إمساك الأطفال الذين يعانون من الألم الشديد.

 وتقول الصحيفة إن هذه المشاهد المروعة، حدثت في نيسان/أبريل بمستشفى أبو يوسف النجار في مدينة رفح، وقبل أسابيع من إجبار الطاقم الطبي على الخروج وإغلاق المستشفى بعدما سيطرت القوات الإسرائيلية على المعبر القريب. وقبل هذا كان مستشفى أبو يوسف النجار احد المراكز الطبية القليلة التي ظلت  تقدم خدمات بالمنطقة. لكن تدفق الحالات والجرحى زادت من أعباء المستشفى وأدت إلى انتهاء الإمدادات الطبية بما فيها المسكنات.

وفي بداية العام الحالي استجابت زينة صالح، الجراحة المقيمة في نيوجيرسي لدعوة جمعيات طبية وسافرت إلى غزة للمساعدة في الكارثة الإنسانية غير المسبوقة التي كانت تتكشف هناك. وكطبيبة مقيمة توقعت أن يطلب منها حالة وصولها إلى مستشفى أبو يوسف تغيير الضمادات ومساعدة الجراحين وحتى مسح الأرضية، إلا أنها اكتشفت أن معظم الفريق المتبقي في المستشفى هم من المختصين في الطب العام أو طلاب في كليات الطب، يحاولون العمل في ظل إطلاق النار المستمر وبدون أجهزة طبية.

وأكدت أن الهجوم على النظام الصحي في غزة والعاملين فيه قد أعاق معالجة الحالات الطبية المتزايدة. وقالت: “كان المرضى في حالة بكاء دائم وينادون على أحبائهم، حيث يقوم العاملون الطبيون بإمساكهم وتركهم يبكون ويبكون حتى يفقدوا وعيهم من الصدمة”. وأخبرت صحيفة “إندبندنت” عن معاناتها وهي تحاول تقطيب جراح عشرات الأطفال في اليوم وإجراء عمليات جراحية بدون تخدير مناسب. وقالت “كان الصراخ مثيرا للصدمة ولا يمكن سماعه او التعامل معه داخليا وكنا نأمل بأن يفقدوا وعيهم عاجلا وليس آجلا”.

وكان مستشفى أبو يوسف النجار مكان فرز “بدون فرز مناسب” و “لم يكن لدينا تخدير على الإطلاق، وكل عملية أجريناها بدون تخدير”. وفي ذلك اليوم، لم يكن أمام الأطباء أي خيار سوى قطع الرجل اليمني لطفل عمره 3 أعوام من أجل إنقاذ  حياته. وتقول “كان هذا أسوأ شعور أبدا”.

ووصف الدكتور مارك بيرلمتر، طبيب الأطفال في نورث كارولينا، وتطوع في الوقت نفسه، ولكن بالمستشفى الأوروبي بخان يونس، شمال رفح بمشاهد مختلفة ولكنها مشابهة في رعبها. وهو جراح بخبرة 30 عاما وشارك في المساعدة بكوارث وطوارئ حول  العالم، بما في ذلك المساعدة في علاج جرحى 9/11  وإجراء عمليات على مواطنين في سان بيدرو سولا في هندوراس التي كانت مرة عاصمة القتل في العالم. وقال إن غزة مقارنة مع تجاربه السابقة  هي “الأسوأ” ومن ناحية الضحايا المدنيين والمصادر المتوفرة للأطباء. وأخبر الصحيفة “في غزة حملت لأول مرة دماغ طفل عمره ستة أعوام في  يدي بعدما أصيب الطفل برصاصة قناص”. وقدم بيرلميتر شهادة عن تجربته في غزة للكونغرس.  وأضاف أن الضحايا كانوا يأتون بعد كل قصف أو هجوم بالعشرات، 10- 15 طفلا وعدد منهم محمول على نقالة واحدة. و “كنا نسرع إلى غرفة الطوارئ، وهناك 13 طفلا يموتون فيها، بعضهم على الأرض وبعضهم على النقالات  وبعضهم نقل من النقالات إلى الأرض لأنه المكان الوحيد الذي نستطيع العمل عليه”. ووصف فيروز سيدوة، المختص بالكدمات وجراحة العناية الحرجة في كاليفورنيا  وتطوع في المستشفى الأوروبي في خان يونس أن الجراح الداخلية التي تسببت بها التجربة “تحتاج لتصفية”. وقالت وكالة الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إنه جرى إغلاق 3 مستشفيات بغزة خلال الأسبوع الماضي، حيث شنت إسرائيل أكبر هجوم على مدينة غزة في الشمال، مما يعني أن 13 من بين 36 مستشفى لا تزال تقدم خدمات جزئية.  واتهمت الجمعية الطبية الفلسطينية في  بريطانيا (ماب)، وهي منظمة دولية صحية، الجيش الإسرائيلي بأنه يقوم “بتفكيك النظام الصحي في غزة”، مضيفة أن الجيش قام بأكثر من 460 هجوما على المنشاءات الصحية والعاملين في المجال الطبي منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر.

 وفي تقرير نشرته قبل فترة قالت المنظمة إن 500 على الأقل من العاملين في المجال الصحي قتلوا خلال الحملة الإسرائيلية التي مضى عليها أكثر من تسعة أشهر. وهو عدد يزيد عن أعداد الأطباء والعاملين في الصحة ممن قتلوا على مستوى العالم في عام 2021 و 2022. وقتل منذ شن إسرائيل هجومها ردا على هجمات حماس في 7 تشرين الأول/أكتوبر أكثر من 37,000 شخصا وجرح أكثر من 86,000 شخصا، وهناك 10,000 في عداد المفقودين. وقدرت المجلة الطبية “لانسيت” الأعداد بحوالي186,000 شخصا حيث أضافت عوامل أخرى تسببت بالوفيات إلى جانب القصف والهجوم مثل المرض والجوع ونتيجة لتدمير النظام الصحي.

 وهناك مخاطر من تدهور الوضع الصحي مع هجوم إسرائيل على مدينة غزة. وفي يوم الإثنين احتجت الكنيسة الأسقفية في القدس والشرق الأوسط على إغلاق  المستشفى الأهلي العربي الإنجيلي في مدينة غزة. وقالت لويز ووتريج، المتحدثة باسم الأونروا في فلسطين إن الدعم الطبي لم يدخل إلى القطاع، وتحدثت من خان يونس حيث أكدت أن الإمدادات الطبية مثل الإنسولين، قد تنفذ خلال شهر. وقالت “لدينا كميات من المواد الطبية متراكمة عن نقاط العبور، والدعم هناك ينتظر الدخول”.

 وأخبر الأطباء العائدون من غزة أن نقص الإمدادات الطبية ترك أثره الكبير. وتقول صالح  إن مستويات الإصابة بالإلتهابات في مستشفى أبو يوسف النجار زادت بسبب عدم توفر المواد لتطهير الجراح. ولم يعد هناك كحول أو مطهر ولا بيتادين، كما أن المياه ملوثة ولا يوجد مضادات حيوية. وقالت “هناك رائحة موت في الهواء، مزيج من الدم القديم الممزوج بالبراز، الممزوج بالنفايات المتعفنة والعفن ولا يمكنك التنفس، وهناك ناس على الأرض”.

وتحدث الدكتوران  بيرلمتر وسيدوة عن جراح نتيجة “مقذوفات غريبة” لم تمر عليهما من قبل. وقال بيرلمتر:”رأيت مدخلا صغيرا للجرح وفي  بعض الأحيان مخرجا صغيرا له واللحم  قد تحول إلى مادة لزجة في الداخل”. و”عندما أُجري العملية على الأطراف لا أرى أي تمزق في الجلد، لكن تحته أجد أن العظم قد تهشم إلى 10,000 قطعة وتبخرت العضلة التي كانت موجودة”. أما دكتور سيدوة التي كانت وظيفته منع نزيف الأشخاص حتى الموت، فقد قال إنه وجد مدخلا للجراح يشبه الإبرة في الأطفال والكبار وأن الرئة تحت الجلد كانت تنهار.