بقلم: د. محمد أبو بكر
مجزرة النصيرات الأخيرة التي ذهب ضحيتها أكثر من مائتي شهيد ومئات المصابين ، لن تكون الحلقة الأخيرة في مسلسل جرائم الصهاينة وحلفائهم من الأمريكان والعربان ، ومنذ ما يزيد على ثمانية أشهر لم تتحرّك مشاعر الحكّام تجاه ما يجري في غزة ، وكأنّ هؤلاء العربان يرغبون حقّا بإبادة الشعب الفلسطيني ، ومحو فلسطين من الخريطة .
أجزم بأنّ العرب اليوم فاقدون للنخوة والمروءة والرجولة ، لا فرق بين بعض الحكّام وقادة الصهاينة الموغلين في الإجرام ، من كان يعتقد بأنّ هذه الأمّة سوف تصل إلى هذا المستوى الأشدّ انحدارا في التخاذل والجبن ، أمّة لا تستطيع فعل شيء يساند الأهل والمقاومة في فلسطين ؟
نعيش فعلا في زمن الرويبضة ، زمن الأقزام والجبناء ، الذين لا همّ لهم سوى المحافظة على استمرار انظمتهم ، لأنّ هذا الإستمرار بات مرتبطا بصورة لا لبس فيها مع تل أبيب وواشنطن ، حيث عاصمتي الإجرام العالمي .
حتى اللحظة لا أكاد أصدّق ما يجري في عالمنا العربي ، حتى الشعوب نفسها ، لم تعد كما كانت في السابق ، حيث انسحب عليها حالة التخاذل الغير مفهوم أبدا ، فهل هذه فعلا أمّة محمد والمسيح عليهما السلام ؟ هل هذه هي نفس الأمّة التي كانت في زمن الخليفة المعتصم أو حتى في عهد الخلفاء العثمانيين وغيرهم ؟
قبل أكثر من مائتين وخمسين عاما كان امبراطور فرنسا ينهي رسالته لسلطان المغرب بعبارة .. خادمكم المخلص ، والرئيس الأمريكي خاطب الخليفة العثماني راجيا إيّاه بعدم غزو بلاده ، وهو على استعداد لدفع ما يرغب به الخليفة من أموال وذهب ومجوهرات ! يا إلهي .. هذه هي الأمّة التي نتوق إليها اليوم ، وليس ما نحن فيه من بؤس ويأس وإحباط وعدم قدرة على النهوض أو رفع رؤوسنا .
أمّة تكالبت عليها الأمم بأجمعها ، وحين ندرك سرّ ذلك ، فما علينا سوى اكتشاف تلك الفئة من الحكّام الذين باتوا يمسكون بكلّ مفاصل الحكم في بعض بلاد العرب ، فالحريّة مفقودة ، والكرامة مهدورة ، والعمالة للأجنبي معلومة ، وخيانة فلسطين باتت معروفة .
لم يعد لحياتنا طعم أبدا ، لا نستحق الحياة ، بات الموت أشرف من هذا الواقع الذي يحيط بنا ، أشلاء الأطفال في غزّة مزّقت قلوبنا ، عاجزون عن فعل شيء لهم ، وفوق كلّ ذلك يستمرّ عربان الردّة في عهرهم السياسي وقباحتهم ، والمصيبة أنّهم ما زالوا ينددون ويشجبون ويستنكرون بأقوى العبارات والمصطلحات .
كاتب فلسطيني
يا عرب.. هل ماتت نخوتكم ومروءتكم ورجولتكم؟
2024-06-09