بقلم: حازم عياد
إطلاق يد بتسلئيل سموتريتش وزير المالية الإسرائيلي وإيتمار بن غفير وزير الأمن القومي، في الضفة الغربية، الخطة الوحيدة والممكنة لنتنياهو لليوم التالي؛ للتوقيع على صفقة وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى.
نتنياهو يدرك الحاجة إلى توقيع اتفاق لفرض الهدوء على الجبهات، خصوصا جبهة لبنان والعراق والبحر الأحمر التي تضغط على نتنياهو والقادة العسكريين والأمريكان لوقف الحرب، أو لاتخاذ قرارات تبدو مجنونة وغير عقلانية في ظل الاستنزاف الاقتصادي والعسكري الذي عانى منه الاحتلال في قطاع غزة والاحتمالات الخطرة لتدهور الاوضاع في الضفة الغربية.
الضفة الغربية هي الجائزة الوحيدة التي يستطيع نتنياهو أن يسترضي بها سموتريتش وبن غفير، ويظهر ذلك واضحا بإعلان وزير الحرب في حكومة الاحتلال يوآف غالانت تشكيل قوة التدخل السريع من المستوطنين والجنود المتقاعدين للعمل في الضفة الغربية، فهي حلم بن غفير وطموحه، فضلا عن التسهيلات المقدمة لوزير المالية سموتريتش للسيطرة على القطاع المالي في الضفة الغربية، وتحطيم السلطة اقتصاديا وسحقها ماليا.
استرضاء سموتريتش وبن غفير ليس الهدف الوحيد لنتنياهو، إذ يخفي وراء ذلك هدفا أبعد يتعلق بتهميش سلطة رام الله وإضعاف دورها في خطة اليوم التالي للحرب التي عملت عليها إدارة بايدن على مدى أشهر، بهدف إدماج السلطة والدول العربية من خلفها في تقرير شكل الحل لليوم التالي في قطاع غزة، بدون المقاومة ومشروعها التحرري في فلسطين.
نتنياهو يريد إرضاء أمريكا بالذهاب للصفقة واتفاق وقف إطلاق النار، ولكنه من ناحية أخرى يسعى إلى حرمان إدارة بايدن من خطتها لليوم التالي، كون واشنطن وبعض الدول العربية هي الحامل الوحيد والموضوعي للسلطة في رام الله منذ حقبة الجنرال الأمريكي دايتون للعام 2005.
استهداف السلطة في رام الله جدير بأن يدفعها لفتح حوار استراتيجي مع المقاومة في قطاع غزة جاد وحقيقي قبل أن تفقد حضورها، والبدء بخطوات عملية لخطة اليوم التالي للصفقة، فالحامل الموضوعي الذي يجب أن تعتمد عليه السلطة وقيادة منظمة التحرير في رام الله المقاومة وليس أمريكا، فالولايات المتحدة لن تستطيع وقف سموتريتش وبن غفير ونتنياهو عن استهدافها، كما أن تنقل السلطة وزراءها في عواصم الاقليم، متجاهلة المقاومة لن يوفر لها البديل أو القدرة على الاستمرار، فالاعتماد على التمويل لإنتاج الشرعية لم يعد ممكن في ظل سياسات سموتريتش وبن غفير الذي لن يتخلى عنها لبيد وغانتس في المستقبل القريب.
بهذا المعنى والمبنى؛ فان سؤال اليوم التالي للحرب يجب أن لا يطرح في قطاع غزة، بل في الضفة الغربية التي ستتحول إلى ساحة الصراع الرئيسية والجائزة الكبرى التي سيطالب بها اليمين الفاشي، أمر سرعان ما ستستجيب له أمريكا في سبيل الحصول على هدوء في الإقليم يخفض الكلف السياسية والامنية، ويوفر الظروف لترميم جبهتها الداخلية، خصوصا جبهة بايدن وحزبه الديموقراطي المنقسم حول حرب غزة، فالوعود المقدمة للسلطة ستتبخر معها الوعود الأمريكية لدعم السلطة، كما تبخرت وعود أوسلو ومراحلها البالية من قبل.
سؤال اليوم التالي للحرب في الضفة الغربية لن يقتصر على هذه الجدلية، بل سيتسع ليصبح السؤال الاكثر تعقيداً وكلفة في الاقليم.
المصدر: الشاهد