2024-11-27 11:47 م

رفح والجنائية الدولية والفرصة الاخيرة

بقلم: اسيا العتروس

 لا أحد يعلم حتى نهاية  هذا اليوم كيف سيكون يوم غزة مع دخول العدوان على القطاع يومه ال214 على التوالي  في اعقاب الاستعدادات العسكرية  المعلنة لجيش الاحتلال و تحركاته الميدانية لاجتياح مدينة رفع بعد الحرب النفسية التي اقدم عليها الاحتلال لدفع الاهالي لمغادرة محيط مدينة رفح دون أي وجهة امنة يمكن ان يتجهوا اليها بعد ان تحولت غزة الى ساحة محروقة و مخبر للعمليات العسكرية الاسرائيلية …ولاشك  أن في احتمال اقدام الاحتلال على هكذا خطوة و هي ليست بالمسبعدة و لا نخال ان ناتنياهو الذي يبحث عن أي انتصار مزيف و يسعى للبقاء في موقعه يمكن ان يتراجع او يحسب حسابا لكل التحذيرات الاممية و العربية و الدولية من محرقة يقودها في غزة بسلاح الغرب  و بدعمه و تواطئه ..الساعات القادمة ستكون الابشع و الاخطر على القطاع في ظل غطرسة ناتنياهو و زمرته  المتصهينة ..و هو ما سيدفع الى شرعنة و اقرار قانون الغاب و دخول العالم مرحلة الفوضى الهدامة ونهاية مرحلة النظام العالمي الارعن ..و سيكون ايضا من الغباء و السذاجة الاعتقاد ان بقية الدول الدائمة العضوية في مجلس الامن الدولي يمكن ان تتحرك ميدانيا لانقاذ ما بقي من العدالة الدولية او ردع ظلم الاحتلال الاسرائيلي ذلك ان الامر يتعلق بلعبة المصالح و الاولويات المطروحة امام هذه القوى التي تعود العالم على ان تقول ما لا تفعل و تسوق للتعاطف الذي لا يغير من الواقع شيئا ..
وفي انتظار تطورات الاحداث و ما يخطط له ناتنياهو في غزة وهو يدوس على كل القوانين الدولية و الانسانية و يمنح نفسه حق المضي قدما في ابادة اهالي غزة …يبقى الخيط المتبقي من الامل فيما يمكن ان تؤول اليه المعركة القانونية المرتقبة في الجنائية الدولية و ما اذا سيتم اعدام الفرصة الاخيرة لاستعادة مصداقة الجنائية الدولية او ما اذا ستتمكن ضغوط ناتنياهو و حلفاؤه من ترويع المدعي العام للجنائية الدولية كريم خان و دفعه الى التراجع عن اصدار بطاقات جلب في حق مجرمي الحرب الذين يواصلون حربالابادة الجماعية في غزة و على راسهم رئيس وزراء كيان الاحتلال ناتنياهو وغالانت و بن غفير ..
لا خلاف ان التوتر سيد المشهد داخل المؤسسات العسكرية و السياسية الاسرائيلية تحسبا لصدور بطاقات الجلب مهما نفي مكتب ناتنياهو الامر و هو الذي اقر بان أي خطوة في هذا الاتجاه ستكون فضيحة ..وطبعا لم يفت ناتنياهوأن يعتبر ان ملاحقة أي مسؤول اسرائيلي تعني تهديد الديموقراطية الوحيدة في المنطقة الامر الذي يتنزل في اطار الاسطوانة المشروخة التي باتت تثير السخرية و الاشمئزاز من العقلية السادية للاحتلال   مع سقوط و انهيار سردية الاحتلال أمام تنامي موجة الوعي الشعبي الدولي في مختلف انحاء العالم ازاء و تنامي انتفاضة الجامعات في الغرب رفضا لجرائم الاحتلال و غطرسته ..
لا شك ان في ما نسب لمكتب المدعي العام من ان أي تهديدات تستهدف فريقه قد ترقى الى الجريمة مسألة مهمة و لكنها لا تشكل ضمانة بان الجنائية الدولية ستتحرك ضد اجرام الاحتلال كما فعلت ازاء جرائم ابادة في رواندا و البوسنة او غيرها …
ما سربته وسائل اعلام اسرائيلية من تحركات في حكومة ناتنياهو في اتجاه الادارة الامريكية و العواصم الغربية  الى جانب استنفار السفارات الاسرائيلية و اللوبيات اليهودية المتنفذة لاجهاض هذه الخطوة ليس من فراغ و جاء بعد تسريبات بان الجنائية الدولية على وشك اصدار أوامر اعتقال بحق نتنياهو، ووزير الحرب غالانت، ورئيس هيئة الأركان هرتسي هاليفي..
صحيح ان ناتنياهو قلل من جدوى هذه الخطوة في العلن و لكن ما يجري في المكاتب المغلقة يؤكد العكس وان السلطات الاسرائيلية تتحسب لما يمكن ان يصدر عن الجنائية الدولية .. حتى هذه المرحلة لا يزال المدعي العام كريم خان مترددا في كشف نتائج التحقيقات في الابادة المستمرة في غزة و ليس من الواضح ان كانت هذه التحقيقات قائمة او ما سيكون لها نتائج  لاحقة ..و الاكيد انه لن يكون بامكان كريم خان الافلات من المسؤولية التي تنتظره فهو اكثر من يدرك ان عشرات بل مات القضايا ترفع يوميا ضد قادة الاحتلال من منظمات حقوقية و حكومية و غيرها ضد قادة الاحتلال و انه قد يكون بالامكان المناورة و التهرب من هذا الاستحقاق لبعض الوقت و لكن ليس كل الوقت لانه سيجد نفسه ملاحق من الجميع بالتواطؤ في حرب الابادة التي يتابع العالم اطوارها ..
هناك ايضا حقيقة لا ينتبه لها الاحتلال و حلفاؤه و انه في خضمالمحرقة الحاصلة في غزة و برغم ما يتوفر لناتنياهو من وسائل عسكرية و قدرات على قتل و تهجير الفلسطين و شن اعتى الحملات الاعلامية فان صوت فلسطين و صوت غزة تمكن من اختراق كل الحدود و الحواجز و بلغ كل انحاء العالم تماما كما أن حملة مقاطعة الاحتلال تحقق ضربات موجعة للاحتلال ..اما قائمة الدول التي قطعت علاقتها بكيان الاحتلال فهي في ارتفاع حتى و ان لم تشمل أي بلد من الدول العربية المطبعة ..اخيرا و ليس اخرا فان كل يوم يتم الاعلان عن اعتراف بلد اضافي بالدولة الفلسطينية و بحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير .. قد لا يكون انتصار غزة غدا و لكنه ات مهما تاخر ..
كاتبة تونسية

المصدر: رأي اليوم