2024-11-27 05:33 م

كيف تحصلون على دولة فلسطينية؟

بقلم: منير شفيق
إنّ أول طرح لإقامة دولة فلسطينية في الضفة وقطاع غزة عام 1968، طالب به كل من حمدي التاجي ومحمد أبو شلباية وعزيز شحادة. وقد اعتُبِر مشبوهاً، من قِبَل «فتح» ومنظمة التحرير الفلسطينية، ثم تلاه برنامج النقاط العشر عامي 1973 و1974، ثم إعلان الجزائر عام 1988، بإعلان دولة فلسطينية على أساس القرار 242 لعام 1967. ثم عقد اتفاق أوسلو عام 1993، على أمل إقامة دولة فلسطينية على حدود حزيران/يونيو 1967.وكان هنالك دائماً من عارض، بمبدئية، وقراءة سياسية، جعل هذه الأولوية هدفاً مرحلياً للمقاومة الفلسطينية، وللنضال الفلسطيني، أياً كانت خلفية طارحيها وتوجّهاتهم. وكان يفترض أن يُطوى هذا الهدف، وما جرى في مسار التسوية، والمفاوضات، واتفاق أوسلو، وما بعد اتفاق أوسلو. فقد أثبتت التجربة أن من المحال إقامة دولة، من خلال مسار فيه أميركا والغرب والكيان الصهيوني. لأن قادة أميركا والغرب تواطؤوا دائماً على عدم إقامة دولة، بالرغم من تبنيهم «حل الدولتين».
وهذا ما سيتكرر اليوم، مع الذين يريدون دولة من خلال عملية سياسية تمر بأميركا والغرب، وحتى بروسيا والصين والهند، وهيئة الأمم.
ولكنّ جربة «طوفان الأقصى»، وما سبقها من مقاومة وحروب، أكدت على صحة استراتيجية المقاومة، مقابل فشل التسوية السياسية، في تحقيق هدف إقامة دولة فلسطينية في الضفة والقطاع، حتى ضمن الشروط الأميركية، وتجريد الدولة من السلاح، والقرار السيادي المستقل، ومع التنازل عن حق العودة، وعن 80% من فلسطين.
فبدلاً من تكريس استراتيجية المقاومة المسلحة، عادت تبرز أصوات، تدعو لإقامة الدولة ضمن عمل سياسي جديد، أي تجريب المجرّب، واستحالة إقامة دولة، بطرق التوافق والتفاوض والتسوية السياسية، إذ سيكون لأميركا وأوروبا دورهما فيها.
ولكن، بالرغم من أن ثمة معارضة حاسمة أصلاً، لهذا الهدف، كهدف للمقاومة قبل عملية «طوفان الأقصى»، وبعدها، إلا أن من الممكن لفت انتباه الذين يسعون للدولة، أن ينضموا إلى استراتيجية المقاومة، بهدف دحر الاحتلال، بلا قيد أو شرط، من الضفة الغربية. أي تحرير الأرض أولاً، واستبعاد شعار إقامة دولة فلسطينية. وذلك بفرض انسحاب الاحتلال، بلا قيد أو شرط من الضفة. فدحر الاحتلال حق لا يحتمل النقاش ولا المساومة. وهو سهل المنال، ولا يعتمد على مساومة، أو توافق، أو مسار تسوية، حيث لا كلمة عليا فيه بالضرورة للكيان الصهيوني، وأميركا والغرب، عكس شعار الدولة. فتحرير الأرض من الاحتلال، كما حدث في قطاع غزة 2005، أمر لا يخضع لمساومة أو مفاوضات، ويؤخذ غلاباً.
عندما تصبح أراضي 1967 محرّرة، وبين أيدينا، نقيم عليها ما نشاء من سلطة لمواصلة التحرير، أو إقامة دويلة، في حالة تغلب رأي الذين يتعبون في منتصف الطريق. وهذا هو الإمكان الوحيد لمن يريد إقامة دولة. علماً أن هذا الاختيار سيكون عائقاً لمواصلة استراتيجية المقاومة لتحرير كل فلسطين. فطرحه خطأ من أساسه. ففي فلسطين لا مجال لحلّ الدولتين.
* كاتب وسياسي فلسطيني

عن "الاخبار" اللبنانية