2024-11-26 02:42 م

ماذا فعلت بنا يا غزة؟

بقلم: د. نهى خلف

لقد فتحتِ كل جروحنا المتراكمة عبر السنين، وكل الأحلام المطموسة تحت رماد الزمن، وأدخلتِنا في أزقة الأزمنة والأماكن المتشابكة، حتى أصبحنا لا ندري ان كنا في يافا أو بيروت أو غزة، عبر لعبة المرايا المتداخلة، في عملية درامية متعددة الأوجه بين سخرية القدر، والصراع المتشرذم في أحشائنا عبر الشتات والهزائم، أشكال متناثرة ومتناقضة من الصراع من أجل البقاء، ومن أجل تفريغ الثقل والإرث الأليم الذي فرض على أكتاف الأجيال الفائتة الضئيلة أو اختفى في القبور والأكفان.

فالبعض عمل على التخلص من هذا الإرث، عبر البحث عن الشهرة والمال والتشبع بالأفكارالغربية الليبرالية بينما بحث البعض الآخر عن الخلاص عبر الاستشهاد أو الغرق في بحر الشعر والكلمات والأناشيد، حتى تشكلت لوحة سوريالية من المتناقضات وبروز خلافات وصراعات بين أطياف من الضحايا.

بينما عمل الغرب الغدار وحركته الصهيونية العنصرية على تعميق الهوة بين أطياف من الضحايا المضللة، التي طرحت أسئلة كان من الاستحالة الإجابة عليها إلا عبر إدخال بعض التشويهات، أكانت من فكر العولمة ومصائبه الذهنية أم تشوهات من الفكر الانهزامي العربي المحاط بها إقليميا، فقد ساهم طول الشتات وتمزقاته الجغرافية والثقافية إلى هذا الضياع، مما دفع الفكر الفلسطيني ليمشي على رأسه بدلا من على ساقيه وأصبحنا مغيبين نسير في أزقة الأزمنة والأماكن المتشابكة ولا ندري إن كنا في يافا أو بيروت أو غزة؟

وجئت يا غزة لتغرقينا في طوفان تسبب في انقلاب وجداني لهذا الفكرالمتناثر، وليصنع التحاما بين جروح الماضي المطموسة وجرح الحاضر الدامي الآني، لندرك مرة أخرى، رغم زمن التبرير والهرولة أن نكبتنا مستمرة ودمنا لا يزال ينزف والفقر والقهر قدرنا المستدام. 


كاتبة فلسطينية