ساهمت الحركات الطلابية على امتداد التاريخ في تشكيل الوعي الاجتماعي وزعزعة استقرار الأنظمة القمعية ونزع الشرعية عنها، وبرزت من ضمنها حركات مطالبة بتعديل قانون ما أو إجراء إصلاحات معينة تتعلق بالبطالة أو الصحة أو التعليم، وحركات أخرى مناهضة للحروب أو للأنظمة الاستعمارية والعنصرية، مثل الحركات المناوئة للفصل العنصري في جنوب إفريقيا.
انضمت حركة “طلاب من أجل العدالة في فلسطين” (SJP) إلى مثيلاتها من الحركات الطلابية المؤثرة، واستطاعت خلال عقدين من الزمان تغيير وجه الرأي العام الأمريكي خاصة بين الأجيال الشابة، إذ أظهرت استطلاعات الرأي إيمان أكثر من نصفهم بضرورة تصفية المشروع الاستعماري كحلٍّ عادلٍ للقضية الفلسطينية، لتتوج بهذا حركة “طلاب من أجل العدالة في فلسطين” كأكثر الحركات الطلابية تأثيرًا في المشهد الأمريكي ويبدأ بعدها مسلسل الترهيب والتضييق والمحاصرة الممنهج ضدهم.
يأتي هذا التقرير ضمن ملف “من أجل فلسطين” الذي يمر على أبرز الحركات المدافعة عن حقوق الفلسطينيين، ويناقش أهم ما تواجهه من تضييقات ومواجهات مع اللوبي الإسرائيلي وأذرعه المختلفة في الولايات المتحدة. بدايةً نخص الحديث عن حركة “طلاب من أجل العدالة في فلسطين” وتاريخها وأهدافها وبرنامج عملها، كما نستطلع أصدقاءها وأعداءها وأهم التحديات التي تواجهها خاصة بعد السابع من أكتوبر.
جذور ممتدة وأهداف تحررية
فكرة التنظيم الطلابي المنادي بتحرير الأرض الفلسطينية ليست جديدة، ففي خمسينيات القرن الماضي تشكل “الاتحاد العام لطلبة فلسطين” (GUPS) كهيكلية أساسية للنضال الطلابي من أجل التحرر في الأوساط الجامعية الأمريكية، غير أن أوسلو وما رافقها من تقويض لمفاهيم النضال الوطني حالت دون استمرار الحركة الطلابية بشكلها المعهود في الجامعات.
أدى هذا الوضع إلى تشكيل حركة “طلاب من أجل العدالة في فلسطين” كهيكلية جديدة تقود النضال السياسي بالتثقيف ورفع الوعي والتعبئة والحشد في سبيل دعم القضية الفلسطينية، ورغم أن الفرع الأول للحركة تأسس في جامة بريكلي بكاليفورنيا تسعينيات القرن الماضي، إلا أنه لم ينشط رسميًا سوى في أوائل الألفية الحالية.
تنتظم الحركات الطلابية الفرعية والموزعة على الجامعات الأمريكية والكندية تحت مظلة الحركة الأم: “الحركة الوطنية للطلاب من أجل العدالة في فلسطين” (NSJP)، وتعمل فروع الحركة المنتشرة في الجامعات والكليات الأمريكية المختلفة على درجة عالية من التنظيم الإداري والتدرج الهيكلي، حيث تبنت في معظمها دساتير حركية وقوانين داخلية لتنظيم عملها، كما أدارت بنشاط مواقع إلكترونية وصفحات متخصصة على مواقع التواصل الاجتماعي.
تسعى المظلة إلى توحيد العمل الطلابي وتمكين الحركات الفرعية من ممارسة دورها في المطالبة بالتحرر وحق تقرير المصير للشعب الفلسطيني، من خلال ربطهم بشبكة تواصل تعمل على تدريبهم وتنظيمهم ورفع مستوى إلمامهم بالقضية وتقديم المشورة وتزويدهم بالأدوات اللازمة من أجل المشاركة السياسية الفعالة في حرم الجامعات.
وفيما تغولت أذرع اللوبي الإسرائيلي وأدواته بالجامعات بهدف تقويض الحركة ومحاصرتها وتكميم أفواه القائمين عليها، تصاعدت الحركة وتوسعت قاعدتها مع زيادة الزخم في دعم القضية الفلسطينية، حيث تملك الآن ما يزيد على مئتي فرع في الجامعات والكليات المنتشرة في الولايات المتحدة وكندا، جميعها تواجه صعوبات وضغوطات جمة من إدارات الجامعات والطلبة والهيئات التدريسية ذات الميول الصهيونية.
برامج متنوعة وخلّاقة
تنادي الحركة بأهداف تتقاطع مع حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات “بي دي إس” بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي وعودة اللاجئين والقضاء على نظام الفصل العنصري في أراضي الداخل الفلسطيني، بينما تنادي بعض فروع الحركة صراحة بالتحرير الكلي للأرض الفلسطينية من بحرها إلى نهرها وتفكيك المشروع الاستعماري الصهيوني عن بكرة أبيه.
وتناضل الحركة ضد التورط الأمريكي بمؤسساته الرسمية والأكاديمية في دعم الكيان وتمويله سنويًا فيما يرزح الطالب الأمريكي تحت وطأة القروض الدراسية، كما تناضل أيضًا ضد الشراكة التي تربط الجامعات الأمريكية بـ”إسرائيل” سواء من ناحية العلاقة بين أقسام شرطة الحرم الجامعي والشرطة الإسرائيلية، أو من ناحية برامج التبادل الطلابي والامتيازات الممنوحة للطلاب الإسرائيليين، أو من ناحية تورط الهيئة التدريسية بعلاقات وثيقة تربطهم باللوبي الصهيوني، وخاصة “رابطة مكافحة التشهير” وما يتفتق عنها من تأثير على الحركة الطلابية ومساقات التدريس الموالية للرواية الصهيونية وبرامج مكافحة الإرهاب التي تستخدم بصورة عنصرية تستهدف العرب والمسلمين والنضال الفلسطيني بشكل مباشر.
كما تتنوع نشاطات الحركة بين الوقفات الاحتجاجية ومقاطعة المناسبات والنشاطات التي تستضيف شخصيات إسرائيلية أو مؤيدة لـ”إسرائيل” أو تلك التي تروج للدعاية الإسرائيلية، كما عقدت نشاطات طلابية متعددة تهدف إلى رفع الوعي الطلابي بالقضية بين الندوات والمؤتمرات وحلقات النقاش والتمثيليات الرمزية لجدار الفصل العنصري والقمع الأمني للفلسطينيين.
تعقد الحركة أيضًا باستمرار حملات تمتد عادةً لأسبوع كامل، تخصص أنشطتها لتسليط الضوء على مسائل ملحة في القضية منها حملات “أسبوع رفع الوعي بقضية فلسطين” و“أسبوع الفصل العنصري الإسرائيلي” تعقد فيها الندوات وحلقات النقاش وتعرض الأفلام والمواد المصورة وتبني مجسمات تعبيرية مثل جدار الفصل العنصري والسجون ونقاط التفتيش، كما تلجأ لأساليب خلّاقة لجذب انتباه الطلبة مثل توزيع أوامر إخلاء في سكنات الطلبة تحت تهديد هدم المبنى مع ملاحظةٍ تبين أن هذه السياسة متبعة بشكل روتيني في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
من ناحية أخرى، ناضلت الحركة ضد التطبيع وقاطعت كل الأنشطة التي تهدف إلى جمع مؤيدين “إسرائيل” بالعرب أو الفلسطينيين أو المسلمين سواء على أرض الجامعة أو في الولايات أو حتى الأنشطة التطبيعية خارج حدود الولايات المتحدة، حيث عقدت حملات تنديدية، تعبيرًا عن موقفها الرافض للأنشطة التطبيعية على المستويات المحلية والإقليمية والدولية.
وتبنت فروعٌ للحركة، على رأسها فرع جامعة سان دييغو في كاليفورنيا وجامعة كولومبيا في نيويورك، سياسة مناوئة للتطبيع، أطلقتها الحملة الأمريكية للمقاطعة الثقافية والأكاديمية لـ”إسرائيل” منذ عام 2010 وتبعتها في ذلك عدة فروع للحركة على امتداد الولايات وأعلنت عنها في بيانات لها.
كما أطلقت الحركة مؤخرًا مبادرة “المقاومة المكتوبة” وهي مجلة دورية تصدر كل ثلاثة أشهر، وتنشر رقميًا وورقيًا مقالات رأي وأخرى تحليلية متخصصة، كما تحوي نصوصًا ثقافية وفنية وأدبية، وصدر حتى اللحظة عددان منها، توثق فيهما تجارب الطلاب وتعرض تحليلاتهم المختلفة لقضايا متعلقة بالتضامن والعمل من أجل فلسطين بالجامعات في سبيل تبادل الخبرات وتعزيز النقاش وتوحيد الحركة الطلابية.
يأتي هذا ضمن جهود التنسيق التي تضطلع بها الحركة الأم، حيث تتابع الأخيرة الانتهاكات الإسرائيلية عن كثب وتصدر بياناتها عند كل مناسبة وهبّة وتنظم عملها الطلابي وفقًا للوضع الراهن، وتعقد في سبيل ذلك مؤتمرًا سنويًا لأفرعها الموزعة على القارة الشمالية لتنظيم الجهود وتكاتف الخبرات، وقد جاءت مبادرة المقاومة المكتوبة كحلقة ربط مستمرة لهذه الجهود.
أعداء وتحديات
يتعارض تبني الإدارة الأمريكية والمؤسسات المدنية، وعلى رأسها الأكاديمية، تعريف التحالف العالمي لإحياء ذكرى الهولوكوست (IHRA) الموسع لمعاداة السامية، والذي يخلط عامدًا بين معاداة اليهود كمنتمين لدين اليهودية ومعاداة السياسة الإسرائيلية والصهيونية، بشكل مباشر مع النشاط الطلابي المناصر لفلسطين في الجامعات، فإن التبني الجدلي لهذا التعريف يستهدف أساسًا حركة “طلاب من أجل العدالة في فلسطين” إضافة لحركة المقاطعة.
بدأ التبني الرسمي لهذا التعريف بتوقيع إدارة ترامب لأمر تنفيذي بالخصوص، يسمح بسحب التمويل الفيدرالي للمؤسسات العامة والأكاديمية التي لا تلتزم بتبني التعريف، لينتشر بعدها التعريف انتشار النار في الهشيم، حيث اعتمدته العديد من إدارات الجامعات والمؤسسات التعليمية والثقافية والتجارية وأرباب العمل، وصار مقياسًا لمشروعية النشاط التعبيري الذي يمارسه الطلاب والعاملون.
استندت المؤسسات إلى التعريف، بغرض فرض العقوبات الإدارية وكيل الاتهامات والتشهير بالطلبة وإجراء التحقيقات المطولة معهم، بل والتوجه للمحاكم والتحقيقات الجنائية للتشديد على الطلبة والتضييق على نشاطهم المناصر للقضية، ويتضافر في هذه الدعاوى وحملات التشويه مؤسسات أمريكية، أهمها الجامعة نفسها والسلطة التشريعية للولاية وأخرى إسرائيلية ومنها منظمات ومنصات إعلامية تمتهن الصحافة الصفراء مثل تحالف كليرمونت التقدمي الإسرائيلي.
بينما تقود “رابطة مكافحة التشهير” (ADL) حملة هجمات ممنهجة ضد الحركة، وهي المنظمة الصهيونية الأبرز في الولايات المتحدة وصاحبة تأثير واضح على الأرض الأمريكية، تخصص جهات أخرى جهودها لملاحقة الحركة الطلابية والتضييق عليها وعلى رأسها كناري ميشن (Canary Mission)، ومنظمة فضح “طلاب من أجل العدالة في فلسطين” (SJP Uncovered)، ومنظمة مراقبة الحرم الجامعي (Campus Watch)، والجسم الطلابي الصهيوني هلال (Hillel)، واللجنة الأمريكية اليهودية (AJC) التي طالبت الجامعات بوقف نشاط الحركة ونزع الشرعية عن أعضائها وكالت لها الاتهامات بتلقي تمويلها من منظمة “مسلمون أمريكيون من أجل فلسطين AMP” والانتماء لحركة المقاومة الإسلامية “حماس” وترويج فكرها في الجامعات.
جمعت المنظمات العاملة على ملاحقة الحركة خليطًا من اتهامات معاداة السامية وخطابات معادية للعرب وسياسات الإسلاموفوبيا والتحرش والتمييز ضد الطلاب اليهود والإسرائيليين، مضيقة الخناق على النشاط الطلابي ومتسببة بحملات ملاحقة وتضييق طالت آلاف الطلاب المنتمين للحركة بدرجات متفاوتة، تراوحت بين الإنذار بالفصل من الجامعة والتحقيق الجنائي.
تعاضدٌ وتضامن
تمارس الحركة نشاطًا احتجاجيًا يتجاوز القضية الفلسطينية، ويشمل دعم حريات وحقوق الأقليات ومناهضة سياسة تكميم الأفواه وإسناد حركات احتجاجية أخرى ورفض سياسة الإدارة الأمريكية المعادية للأجانب والمسلمين.
تستخدم الحركة مصطلح “جزيرة السلحفاة المحتلة”، تعبيرًا عن تضامنها بالإشارة إلى القارة الأمريكية الشمالية وهو مصطلح يستخدمه السكان الأصليون الذين يعتقدون في مروياتهم التراثية أن أرضهم نشأت على ظهر سلحفاة، وهو يشير إلى وحدة الحال بين الشعوب الأصيلة التي تم اختطاف إرادتها واستعمار أرضها وإقامة المستعمرات الأوروبية البيضاء فوق عظام أبنائها.
عملت الحركة جنبًا إلى جنب مع مؤسسات حقوقية رائدة للدفاع عن حق الطلبة بالتجمع والتعبير ومنها فلسطين القانونية (Palestine Legal) ومركز الحقوق المدنية الأمريكي بفروعه المختلفة، والتي مثلت الطلبة أمام إدارات الجامعات ولجان التحقيق ضد مئات الشكاوى التى تمخضت عن فصلهم من جامعاتهم أو تهديدهم بذلك أو إيقاع عقوبات إدارية متنوعة عليهم، فواجهتهم بحق الطلبة في حرية التعبير، وفق التعديل الدستوري الأول الذي يكفل الحماية للخطاب السياسي حتى ذلك الذي يعد عدائيًا ومهينًا للبعض طالما قصر عن وصف التحريض والتهديد المباشرين.
كما أقامت شراكات مع منظمات الحرية الأكاديمية المنتشرة في الولايات المختلفة و”الحملة الأمريكية للمقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل“، وحركة “حياة السود مهمة” التي تربطها بها جذور مشتركة من القمع والاستعمار والتفوق الأبيض وسياسات التهميش والتضييق، عاقدة مقارنة بين أنظمة القمع الشرطية والسجون الأمنية الأمريكية وتلك الإسرائيلية التي تنكل بالفلسطينيين، ومشيرة إلى الجذر المشترك الذي تمارسه السلطات الأمريكية من خلال تمويلها للاحتلال الإسرائيلي ودعمها غير المشروط لمشروعها الاستعماري.
كما ساهمت الحركة في دعم وإسناد مطالب الحركات الطلابية الأخرى بالمساواة والعدالة الاجتماعية المتعلقة بقضايا المرأة والعرق والفئات المهمشة والحركات البيئية وغيرها.
من ناحية أخرى، تربط الحركة علاقات وثيقة بحركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات “بي دي إس”، حيث تعمل على تنفيذ حملات المقاطعة التي تستهدف النشاط الثقافي والأكاديمي، ونجحت خلال عقدين من الزمان في تنفيذ ما يزيد على 70 حملة مقاطعة ناجحة في الجامعات الأمريكية، ما حرم الكيان من مليارات الدولارات من الدعم الأمريكي.
تروج الحركة أيضًا لأجندة المقاطعة من خلال قرارات مجالس الطلبة والضغط الطلابي على إدارات الجامعات وحكومات الطلبة وتجمعاتهم المختلفة من أجل تبني أجندة المقاطعة للأنشطة والشخصيات والعلامات التجارية المؤيدة لـ”إسرائيل”، خاصةً كاتربيلر ولاكهيد مارتن الضالعة في تصنيع الأسحلة وحتى حمص صبرا المملوك لشركة إسرائيلية.
ناضلت الحركة كذلك في سبيل مقاطعة برامج التبادل الأكاديمية للطلبة والهيئات التدريسية بين الجامعات الأمريكية والجامعات الإسرائيلية، ووقعت في سبيل ذلك تعهدًا جمعها بثلاثين مجموعة طلابية أخرى بعدم دعم برامج التبادل أو المشاركة فيها واعتبارها مشاركة مباشرة في الانتهاكات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين.
بعد السابع من أكتوبر
عقب السابع من أكتوبر، صعدت الحركة من نشاطها ودعت إلى حملات احتجاجية موحدة في الجامعات، كان أولها الدعوة إلى “يوم المقاومة الفلسطينية” يوم 12 أكتوبر/تشرين الأول، فعقدت وقفات احتجاجية ونشاطات جامعية لكل الفروع في الولايات المتحدة لدعم وإسناد صمود الشعب الفلسطيني في غزة والمطالبة بإنهاء الحملة العسكرية على القطاع.
أشادت الحركة في برنامجها بالمقاومة الفلسطينية المسلحة، ما دعا أعداءها لشن حملة شرسة بالتشهير بدعم الحركة للإرهاب والتطرف والعنف، بل وأكثر من ذلك، اتهامها بمحاولة قلب نظام الحكم في الولايات المتحدة ونشر العنف على أراضيها. منذ ذلك الوقت، تواجه الحركة قمعًا متصاعدًا من إدارات الجامعات والأذرع الحكومية في الولايات المتحدة في حملة انتقامية تستهدف العمل الطلابي المتنامي ضد الحرب في القطاع، وكل محاولاتهم لفضح التورط الأمريكي المباشر في جريمة الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين.
كان على رأسها الإجراءات العقابية التي اتخذتها جامعات كولومبيا في مدينة نيويورك، وماساشوستس في أمهرست، وجامعة برانديز ضد طلابها المنتمين للحركة، ومن أبرزها فصل طالب من جامعة نيويورك لمدة عام لقيامه بتمزيق ملصق صهيوني في الحرم الجامعي، بينما قبضت جامعة ماساشوستس في أمهرست على قرابة 60 طالبًا وأحالتهم للتحقيق إثر تنظيم مظاهرة جامعية للطلاب. كما تم إخطار الطلاب في مختلف الجامعات في خطوة تهديدية بتنسيق الإدارات الجامعية مع أمن الحرم الجامعة وشرطة الولاية ضد الاعتصامات التي ينظمها الطلاب بشكل سلمي.
علاوة على ذلك، تقاعست جامعات مثل كولومبيا عن الدفاع عن طلابها ضد هجمات الطلاب الداعمين لـ “إسرائيل”، ففي حادثة صادمة قام طالبان إسرائيليان في الجامعة برش تجمع لطلاب الحركة بمادة كيميائية تستخدم لأعمال الجيش، أدت إلى إدخال ما يزيد على 12 طالبًا إلى المستشفيات للعلاج، ولم تقم الإدارة بتحريك ساكن إلا بعد فضيحة إعلامية هزت أرجاء المدينة اضطرت على إثرها لإرسال رسالة لمجتمع الجامعة حول الحادثة، بينما لم يتم اتخاذ إجراءات عقابية بحق الطالبين الإسرائيليين ولم تقبض عليهما شرطة المدينة.
امتدت التضييقات الأخيرة على الحركة الطلابية عبر الولايات، حيث شهدت ولاية فلوريدا تشديدًا خانقًا نتيجة انتماء حكومتها المحلية للحزب الجمهوري وموالاتها للسياسة الإسرائيلية، فقد أصدر حاكم الولاية الجمهوري رون ديسانتيس في أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي قرارًا يحث فيه جامعات الولاية على تجريم فروع الحركة ومنع نشاطها في حرم الجامعات.
كانت جامعة برانديز الخاصة أول من استجاب للقرار في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، لتتوجه بعدها الحركة برفع دعوى قضائية ضد القرار الصادر عن حاكم الولاية تحت مظلة مركز الحقوق الدستورية الأمريكي، لكن المحكمة قامت بصرف الدعوى في يناير/كانون الثاني المنصرم، مبررة قرارها بأن المسؤولين في الولاية لم يحملوا نية إنهاء نشاط الحركة بشكل كامل.
لحق هذه الإجراءات، إيقاف جامعة راتجرز نشاط الحركة بتهمة تهديد أمن وسلامة الآخرين، وإيقاف جامعة كولومبيا في ولاية نيويورك نشاط الحركة بتهمة عقد تجمع غير مرخص في حرم الجامعة، وتبعتها كل من جامعة جورج واشنطن في العاصمة دي سي التي أوقفت نشاط الحركة لمدة ثلاثة أشهر بتهمة معاداة السامية ومخالفة سياسات الجامعة، وذلك بعد أن احتجت على السياسة الإسرائيلية في المكتبة اليهودية بالجامعة.
ختامًا وتزامنًا مع الكشف عن خطة حكومية للتجسس على الطلبة الأمريكيين في تعاون مخالف للقانون بين شرطة الجامعات وقوات الأمن الداخلي الأمريكية بعد السابع من أكتوبر، اتهم وزير الأمن الداخلي الأمريكي أليخاندرو مايوركاس الحركة الطلابية بالتأثر بمصالح حكومات أجنبية، وجماعات غير حكومية تحمل برامج وأفكار تتعارض مع المصالح الأمريكية، في إشارة مباشرة للمظاهرات الطلابية الداعمة للحق الفلسطيني في الجامعات، ما يظهر جليًا أثر الحركة الطلابية في صناعة الرأي العام وتحريك الشارع الأمريكي والقلق الذي يعتري الإدارة الأمريكية من هذا التأثير الذي بدأ يؤتي أكله بين الأجيال الشابة الأمريكية التي غدت أكثر عداءً لـ”إسرائيل” وتأييدًا للقضية الفلسطينية.
المصدر: نون بوست