2024-11-27 06:48 م

مُسلمون أعداء... الإسلام

بقلم: نبيه البرجي
علينا أن نصدق أن "تنظيم الدولة الاسلامية" ("داعش") قطع كل تلك المسافات بمقتضياتها اللوجيستية والعملانية المعقدة، للوصول الى مجمع "كروكوس سيتي هول"، ليقول في بيانه ان هذا "جزاء المعادين للاسلام". قبل أن نسأل "أي اسلام ذاك الذي يشير اليه التنظيم"؟ نسأل مولانا والي خراسان، اذا كان قد تناهى اليه ما يحدث في غزة، وحيث المذبحة الأشد هولاً في القرن، الا اذا كان حضرة الوالي يعتقد أن المسلمين هم من يذبحون اليهود.
هؤلاء كبضاعة استخباراتية، لا يمكن أن يمتوا بصلة الى أخلاقية الاسلام والى عبقرية الاسلام. نتاج حالة اسلامية مبرمجة، حملت أحد أئمة المساجد على التساؤل اذا كانت روسيا أشد خطراً من أميركا على الاسلام ؟" تعليقي" مثلما كان المسيحيون في أكثر الأحيان، الأشد خطراً على المسيحيين وعلى المسيحية، كان المسلمون ولا يزالون في أكثر الأحيان، الأشد خطراً على المسلمين وعلى الاسلام"....

كثيرون قبل حسن البنا وبعده، عملوا على تسويق مصطلح "العالم الاسلامي" أو "الأمة الاسلامية". تصوروا أن يقال "العالم المسيحي" أو الأمة المسيحية". "العالم البوذي"، أو "الأمة البوذية". حسب علمنا، الأنبياء بعثوا لخلاص البشرية لا لخلاص فئة دون أخرى. اليهود فقط من اعتبروا أن الله ـ وهنا يهوه ـ خلقهم كنوع بشري. الآخرون "حيوانات بشرية"، لاحظوا كيف يتحدث جو بايدن وبنيامين نتنياهو عن اليهود كأمة واحدة، باستعادة دراماتيكية لثقافة الغيتو.

فيليب حتي اشار الى أن عرب جنوب الجزيرة هم من أقنعوا العبرانيين بتحويل الههم من إله قبلي الى إله كوني. واذا كان اليهود في سائر أنحاء العالم يبدون الأكثر تماسكاً والأكثر تكافلاً من أي جماعة دينية أخرى، فقد خاضوا حروباً امتدت لعقود عقب وفاة سليمان، وانقسام المملكة الى "مملكة اسرائيل" في الشمال، و"مملكة يهوذا" في الجنوب، ليدمر الأشوريون الأولى، وليدمر الكلدانيون الثانية.

لنتأمل بانورامياً في المشهد: أي مسلمين الآن، وأي اسلام الآن، بل متى لم يقاتل المسلمون المسلمين؟ ومتى لم يقتل المسلمون المسلمين؟ هذه غزة مثالاً. أين أندونيسيا (280 مليوناً)، وأين باكستان (250 مليوناً)، وأين بنغلادش (175مليوناً)، وأين مصر (115 مليوناً)، وأين تركيا (90 مليوناً) ؟ آن الأوان لتسقط من رؤوسنا هذه البدعة الأكثر من أن تكون ساذجة و... خادعة.

حكومات عربية شاركت في تمويل البرنامج النووي الباكستاني، لتكون القنبلة الاسلامية مقابل القنبلة المسيحية والقنبلة اليهودية؟ لا صوت من اسلام آباد، حتى للايحاء بالتوازن النووي بين الدولة الاسلامية والدولة اليهودية. العرب ممنوعون حتى من التفكير بالقنبلة...

جون فوستر دالاس، وزير الخارجية غي عهد دوايت ايزنهاور، وشقيقه آلان دالاس، مدير وكالة الاستخبارات المركزية، لم يكونا بحاجة الى استدعاء مستشرقين بارزين لوضع السيناريو الخاص بتصنيع نوع من الاسلام (الاسلام المعلب)، ليكون السور الايديولوجي في وجه الشيوعية. الحكام كظلال أميركية قاموا بتعليب شعوبهم بالعصا. كلنا عبيد لتلك الأوثان البشرية. لا تسألوا أين الاسلام، بل لا تسألوا أين الله في مجتمعاتنا؟

من يحمي تنظيم "داعش"؟ ومن يتولى ادارته على الأرض السورية؟ ومن وراء اقامة "ولاية خرسان" لخدمة الاستراتيجية الأميركية في البلدان الآسيوية؟ ماكنات بشرية خارجة للتو من ثقافة الصفيح، أو من ثقافة الكهوف، فجرت المجمع الروسي.

طراز آخر من المرتزقة، وحيت تتقاطع الشهوة الى المال مع الشهوة الى الدم. أليس غريباً ومستغرباً، أن تحذّر واشنطن موسكو وقبل أسابيع من عملية ارهابية تستهدفها؟ ومن لا يعلم كيف تعمل الاستخبارات الأوكرانية، وكيف تعمل تلك التنظيمات المجنونة لـ "سي. آي. اي" ؟

كانت حفلة لرقصة الفالس. لطالما وصفت راقصات البولشوي بالفراشات، لنرى في تلك الليلة الدموية رقصة الوحوش تحت شعار "جزاء أعداء الاسلام".

هكذا فعلوا في لبنان، وهكذا فعلوا في سورية، وهكذا فعلوا في العراق. احصنة واشنطن أم أحصنة أورشليم أم أحصنة الشيطان؟ النبي من الأعلى غسل يديه...